مُحَمَّدٍ: وَأَرَى أَنْ يُخْرَجَ مِنْ السُّوقِ مَنْ فَجَرَ فِيهِ فَذَلِكَ أَشَدُّ عَلَيْهِ مِنْ الضَّرْبِ. (إلَّا أَنْ يَكُونَ اشْتَرَى كَذَلِكَ) ابْنُ رُشْدٍ: لَا يَتَصَدَّقُ بِهِ عَلَى مَنْ لَمْ يَغُشَّهُ إنَّمَا اشْتَرَاهُ كَذَلِكَ أَوْ وَرِثَهُ، وَالْوَاجِبُ أَنْ يُبَاعَ مِمَّنْ لَا يُدَلِّسُ بِهِ.
وَرَوَى مُحَمَّدٌ: يُعَاقَبُ مَنْ خَلَطَ طَعَامًا بِطَعَامٍ دُونَهُ أَوْ قَمْحًا بِشَعِيرٍ وَيُمْنَعُ مِنْ بَيْعِهِ، وَإِنْ بَاعَ وَبَيَّنَ مَضَى وَلَا رَدَّ لِلْمُبْتَاعِ وَقَدْ أَسَاءَ (إلَّا الْعَالِمَ بِعَيْبِهِ كَبَلِّ الْخَمْرِ بِالنَّشَاءِ) نَقَصَ هُنَا شَيْءٌ وَلَعَلَّ فِيهِ تَقْدِيمًا وَتَأْخِيرًا.
قَالَ ابْنُ عَرَفَةَ: الْغِشُّ التَّدْلِيسُ وَهُوَ إبْدَاءُ الْبَائِعِ مَا يُوهِمُ كَمَالًا فِي مَبِيعِهِ كَاذِبًا أَوْ كَتْمُ عَيْبٍ وَهُوَ مُحَرَّمٌ إجْمَاعًا كَبِيرَةٌ لِحَدِيثِ مُسْلِمٍ «أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - مَرَّ عَلَى صُبْرَةِ طَعَامٍ فَأَدْخَلَ يَدَهُ فَنَالَتْ أَصَابِعُهُ بَلَلًا فَقَالَ: مَا هَذَا يَا صَاحِبَ الطَّعَامِ. قَالَ: أَصَابَتْهُ السَّمَاءُ يَا رَسُولَ اللَّهِ. قَالَ: أَفَلَا جَعَلْتَهُ فَوْقَ الطَّعَامِ حَتَّى يَرَاهُ النَّاسُ؟ مَنْ غَشَّنَا فَلَيْسَ مِنَّا» .
وَلَا يَجِبُ فَسْخُهُ فَسَمِعَ ابْنُ الْقَاسِمِ: لَا خَيْرَ فِي خَمْرٍ تُعْمَلُ مِنْ الْغُزِّ وَتُرَشُّ بِخُبْزٍ مَبْلُولٍ لِتَشْتَدَّ وَتَصْفُقَ وَهُوَ غِشٌّ.
ابْنُ رُشْدٍ: لِظَنِّ مُشْتَرِيهَا أَنَّ شِدَّتَهَا مِنْ صَفَاقَتِهَا، فَإِنْ كَانَ مُشْتَرِيهَا عَلِمَ أَنَّ شِدَّتَهَا مِنْ ذَلِكَ فَلَا كَلَامَ وَإِلَّا فَلَهُ رَدُّهَا.
(وَسَبْكِ ذَهَبٍ جَيِّدٍ وَرَدِيءٍ) قَالَ مَالِكٌ: مِنْ الْغِشِّ أَنْ تَخْلِطَ الذَّهَبَ الْجَيِّدَةَ بِدُونِهَا فَتَسْبِكَهَا. وَسُئِلَ ابْنُ رُشْدٍ عَمَّا يُصَاغُ مِنْ الْحُلِيِّ مِنْهُ ذَهَبٌ خَالِصٌ وَمِنْهُ غَيْرُ خَالِصٍ وَهُوَ مَعْلُومٌ عِنْدَ أَهْلِ الْمَعْرِفَةِ الذَّهَبُ فِي عِيَارَاتِهِ لَا يَخْفَى عَلَيْهِمْ زَائِدُ الْيَسِيرِ وَلَا نُقْصَانُهُ، وَأَغْرَاضُ النَّاسِ مُخْتَلِفَةٌ فِي اقْتِنَاءِ الْحُلِيِّ، مِنْهُمْ مَنْ يُرِيدُ الطَّيِّبَ ذَخِيرَةً لِزَمَانِهِ، وَمِنْهُمْ مَنْ يُرِيدُ غَيْرَهُ عَلَى قَدْرِ يُسْرِ النَّاسِ وَعُسْرِهِمْ. فَأَجَابَ: صِيَاغَةُ الْحُلِيِّ مِنْ الذَّهَبِ الْخَالِصَةِ وَغَيْرِ الْخَالِصَةِ الْمَشُوبَةِ بِالْفِضَّةِ وَالصُّفْرِ وَالنُّحَاسِ جَائِزٌ اسْتِعْمَالُهُ إذَا كَانَ يَمْتَازُ ذَلِكَ كَمَا وَصَفْتَ قَالَ سُبْحَانَهُ {أَوَمَنْ يُنَشَّأُ فِي الْحِلْيَةِ وَهُوَ فِي الْخِصَامِ غَيْرُ مُبِينٍ} [الزخرف: ١٨] وَيَجُوزُ بَيْعُهُ بِالْعُرُوضِ وَبِغَيْرِ جِنْسِهِ، وَلَا يَجُوزُ مُرَاطَلَتُهُ إلَّا إنْ كَانَ خَالِصًا وَلَا يُمْنَعُ الْغَاشُّ مِنْهُ إلَّا مَا كَانَ مِنْهُ مَغْشُوشًا أَعْلَاهُ ذَهَبٌ وَدَاخِلَهُ صُفْرٌ أَوْ نُحَاسٌ فَإِنَّهُ يَجِبُ أَنْ يُكْسَرَ وَيُمْنَعَ النَّاسُ مِنْ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute