عَمَلِهِ.
(وَنَفْخِ اللَّحْمِ) سَمِعَ الْقَرِينَانِ: أَكْرَهُ نَفْخَ الْجَزَّارِينَ اللَّحْمَ. رَوَى أَشْهَبُ: وَيُؤَدَّبُونَ. ابْنُ رُشْدٍ: لِأَنَّهُ غِشٌّ.
قَالَ فِي الرِّوَايَةِ: وَهُوَ يُغَيِّرُ طَعْمَ اللَّحْمِ. وَفِي الْمَوَّازِيَّةِ قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ فِي الْجَزَّارِ يَخْلِطُ السَّمِينَ بِالْمَهْزُولِ: لَا بَأْسَ بِهِ فِي الْأَرْطَالِ الْيَسِيرَةِ، وَقَدْ تَقَدَّمَ أَنَّ مِنْ الْغِشِّ خَلْطُ الْقَمْحِ بِالشَّعِيرِ.
ابْنُ رُشْدٍ: فَإِنْ كَانَ أَحَدُ الصِّنْفَيْنِ يَسِيرًا جِدًّا تَبَعًا لِلْآخَرِ جَازَ بَيْعُهُ دُونَ بَيَانٍ لِأَنَّ الْمُشْتَرِيَ يَرَاهُ. ابْنُ عَرَفَةَ: قَدُمَ وَاسْتَمَرَّ حَالُ بَائِعِي سِلَلِ التِّينِ وَحُمُولَاتِ الْعِنَبِ عَلَى جَعْلِ أَطْيَبِهَا أَعْلَاهَا ثُمَّ مَا يَلِيهِ أَدْنَى مِنْهُ وَأَطْيَبَ مِمَّا تَحْتَهُ وَعَلِمَ الْمُتَبَايِعُونَ ذَلِكَ وَهُوَ خَفِيفٌ، وَلَا مَقَالَ لِمُبْتَاعِهِ، إلَّا أَنْ يَكْثُرَ خِلَافُ الْأَسْفَلِ لِمَا فَوْقَهُ اهـ.
اُنْظُرْ الَّذِي يَشْتَرِي الْأَعْدَالَ مِنْ الْبَزِّ أَوْ الْكَتَّانِ فَيَنْظُرُ إلَى ثَوْبَيْنِ أَوْ ثَلَاثَةٍ أَوْ رِطْلٍ مِنْ الْكَتَّانِ أَوْ رِطْلَيْنِ ثُمَّ يُوجَدُ الَّذِي بَعْدَهُ لَا يُشْبِهُهُ فَقَالَ مَالِكٌ: الْأَعْدَالُ يَكُونُ أَوَّلُهَا أَفْضَلَ مِنْ آخِرِهَا فَإِذَا كَانَ صِنْفَهُ وَقَرِيبًا مِنْهُ جَائِزٌ. وَكَذَلِكَ الَّذِي يَشْتَرِي الْبَيْتَ فِيهِ تَمْرٌ أَوْ قَمْحٌ فَيَكُونُ أَوَّلُهُ خَيْرًا مِنْ دَاخِلِهِ، فَإِذَا جَاءَ فِي ذَلِكَ تَغَيُّرٌ قَرِيبٌ رَأَيْت ذَلِكَ جَائِزًا.
ابْنُ رُشْدٍ: هَذَا صَحِيحٌ لِأَنَّ الْعُرْفَ كَالشَّرْطِ فَلَا قِيَامَ لِلْمُبْتَاعِ إلَّا فِيمَا خَرَجَ عَنْ الْعُرْفِ. اُنْظُرْ مَسْأَلَةَ الشَّمْعِ هَذَا شَأْنُهُ مِنْ بَابِ أَوْلَى أَنْ يَكُونَ جَائِزًا. وَانْظُرْ أَيْضًا خَلْطَ السُّكَّرِ فَإِنَّهُ يَسْتَظْهِرُ فِي الْفَانِيدِ، فَهَلْ يُسَوَّغُ لِذَلِكَ أَوْ لَا؟ وَقَدْ قَالَ ابْنُ رُشْدٍ: مِنْ الْغِشِّ خَلْطُ لَبَنِ الْبَقَرِ بِلَبَنِ الْغَنَمِ لِإِخْرَاجِ زُبْدِهِمَا بِضَرْبِهِمَا مَعًا، فَإِنْ فَعَلَ لَمْ يَبِعْ لَبَنَهُمَا وَلَا زُبْدَهُمَا إلَّا بِبَيَانٍ.
قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ: وَلَا يَحِلُّ خَلْطُ جَيِّدِ الزَّبِيبِ بِرَدِيئِهِ، وَكَذَلِكَ السَّمْنُ وَالْقَمْحُ وَلَوْ كَانَ يُرِيدُ أَنْ يُبَيِّنَ إذَا بَاعَ. ابْنُ حَبِيبٍ: وَمَا تَصْنَعُهُ حَاكَّةُ الدِّيبَاجِ مِنْ تَصْمِيغِهِ غِشٌّ لِأَنَّهُ وَإِنْ عَلِمَهُ الْمُشْتَرِي فَقَدْ يَخْفَى عَلَيْهِ قَدْرُ مَا أَخَذَتْ فِيهِ مِنْ الشِّدَّةِ وَالتَّصْفِيقِ.
وَقَالَ مَالِكٌ فِيمَنْ يَشْتَرِي الْمَتَاعَ فِيهِ الْخَلَلُ فَيُكَمِّدُهُ حَتَّى يَصْفُقَ وَيَشْتَدَّ كُلُّ خَلَلِهِ لَا خَيْرَ فِي الْغِشِّ. ابْنُ رُشْدٍ: مَنْ اشْتَرَى قَلَنْسُوَةً حَشْوُهَا قُطْنٌ فَإِنَّ لَهُ رَدَّهَا إلَّا أَنْ تَكُونَ مِنْ الَّتِي يَعْرِفُ أَنَّهَا لَا تُحْشَى إلَّا بِالْبَالِي كَسَمَاعِ أَشْهَبَ مَنْ اشْتَرَى قَلَنْسُوَةً سَوْدَاءَ فَوَجَدَهَا مِنْ ثَوْبٍ لَبِيسٍ لَا رَدَّ لَهُ، يُرِيدُ إلَّا أَنْ يَكُونَ مَا صُنِعَتْ مِنْهُ مَنْهُوكًا جِدًّا أَوْ مَعْفُونًا.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute