إنَّمَا هَذَا رِفْقٌ بِصَاحِبِ السِّلْعَةِ وَقَدْ وَرَدَ بِهَذَا خَبَرٌ صَحِيحٌ يَجِبُ الْعَمَلُ بِهِ خَرَّجَهُ أَبُو دَاوُد، «نَصَّ رَسُولُ اللَّهِ أَنَّ صَاحِبَ السِّلْعَةِ بِالْخِيَارِ إذَا وَرَدَتْ السُّوقَ» (أَوْ صَاحِبِهَا) الْبَاجِيُّ: لَوْ وَصَلَتْ السِّلَعُ السُّوقَ وَلَمْ يَصِلْ بَائِعُهَا فَتَلَقَّاهُ رَجُلٌ وَاشْتَرَاهَا مِنْهُ فَلَمْ أَرَ فِيهِ نَصًّا وَهُوَ عِنْدِي مِنْ التَّلَقِّي الْمَمْنُوعِ (كَأَخْذِهَا فِي الْبَلَدِ بِصِفَةٍ) رَوَى مُحَمَّدٌ: مَا أَرْسَى بِالسَّاحِلِ مِنْ السُّفُنِ بِالتِّجَارَةِ فَلَا بَأْسَ بِأَنْ يَشْتَرِيَ مِنْهُمْ الطَّعَامَ وَغَيْرَهُ فَيَبِيعُهُ إلَّا أَنْ يَقْصِدَ الضَّرَرَ فَلَا يَصْلُحُ لِأَنَّهُ مِنْ بَابِ الِاحْتِكَارِ.
الْبَاجِيُّ: لِأَنَّهُ مُنْتَهَى سَفَرِ الْوَارِدِ، وَأَمَّا إنْ وَرَدَ خَبَرُهَا قَبْلَ أَنْ تَرِدَ فَيَشْتَرِيهَا رَجُلٌ عَلَى الصِّفَةِ قَبْلَ وُصُولِهَا فَقَالَ مَالِكٌ: لَا خَيْرَ فِيهِ وَهُوَ مِنْ التَّلَقِّي (وَلَا يُفْسَخُ) ابْنُ الْمَوَّازِ: اخْتَلَفَ قَوْلُ مَالِكٍ فِي شِرَاءِ التَّلَقِّي فَقَالَ عَنْهُ ابْنُ الْقَاسِمِ يُنْهَى، فَإِنْ عَادَ أُدِّبَ وَلَا يُنْزَعُ عَنْهُ شَيْءٌ.
الْمَازِرِيُّ: وَهَذَا هُوَ الْمَشْهُورُ. الْبَاجِيُّ: وَاخْتَارَهُ أَشْهَبُ. عِيَاضٌ: الْمَشْهُورُ عَنْ مَالِكٍ وَأَكْثَرِ أَصْحَابِهِ أَنْ يُعْرَضَ عَلَى أَهْلِ السُّوقِ، فَإِنْ لَمْ يَكُنْ سُوقٌ فَأَهْلِ الْمِصْرِ فَيَشْتَرِكُ فِيهَا مَنْ شَاءَ مِنْهُمْ. قَالَ مُحَمَّدٌ: وَلَا يَطِيبُ لَهُ رِبْحُ التَّلَقِّي.
قِيلَ لِابْنِ الْقَاسِمِ: فَيَتَصَدَّقُ بِهِ؟ قَالَ: لَوْ فَعَلَهُ احْتِيَاطًا فَلَا بَأْسَ بِهِ. ابْنُ رُشْدٍ: إنْ ضَحَّى بِمَا اشْتَرَى وَفِي التَّلَقِّي فَرَوَى عِيسَى: عَلَيْهِ الْبَدَلُ فِي أَيَّامِ النَّحْرِ وَلَا يَبِيعُ لَحْمَ الْأُولَى.
وَهَذَا عِنْدِي عَلَى الِاسْتِحْسَانِ لَيْسَ عَلَى الْوُجُوبِ لِأَنَّهُ إنَّمَا ضَحَّى بِمَا قَدْ دَخَلَ فِي ضَمَانِهِ بِالِابْتِيَاعِ عَلَى الْقَوْلِ بِأَنَّ بَيْعَ التَّلَقِّي لَا يُفْسَخُ، وَعَلَى الْقَوْلِ بِأَنَّهُ يُفْسَخُ لِأَنَّهُ بِالذَّبْحِ يَمْضِي بِالثَّمَنِ أَوْ تَلْزَمُهُ فِيهِ الْقِيمَةُ يَوْمَ الْقَبْضِ فَإِنَّمَا ضَحَّى بِمَا قَدْ مَلَكَهُ قَبْلَ الذَّبْحِ مِلْكًا صَحِيحًا أَوْ بِشُبْهَةٍ ارْتَفَعَتْ بِالذَّبْحِ (وَجَازَ لِمَنْ عَلَى كَسِتَّةِ أَمْيَالٍ أَخْذُ مُحْتَاجٍ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute