للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

إلَى أَجَلٍ لَمْ يَجُزْ النَّقْدُ إلَّا عِنْدَ الشُّرُوعِ فِي الْعَمَلِ.

وَقَوْلُهُ " إنَّهُ إذَا لَمْ يَفْعَلْ فِي عَمَلِهِ إلَى شَهْرٍ فَلَا يَجُوزُ أَنْ يُقَدِّمَ إلَيْهِ إجَارَتَهُ " يَدُلُّ عَلَى جَوَازِ الْإِجَارَةِ إذَا لَمْ يُقَدِّمْ الْإِجَارَةَ وَهُوَ نَحْوُ مَا فِي الْمُدَوَّنَةِ، فَإِنَّهُ أَجَازَ كِرَاءَ الرَّاحِلَةِ بِعَيْنِهَا عَلَى أَنْ يَرْكَبَهَا إلَى شَهْرٍ إذَا لَمْ يَنْقُدْ، فَيُحْتَمَلُ قَوْلُ ابْنِ حَبِيبٍ لَا يَجُوزُ مِنْ ذَلِكَ إلَّا الْأَيَّامُ الْقَلَائِلُ مِثْلُ الْجُمُعَةِ وَمَا لَا يَطُولُ أَنْ يَكُونَ مَعْنَاهُ مَعَ النَّقْدِ فَيَتَّفِقُ الْقَوْلَانِ. اُنْظُرْهُ فِي أَوَّلِ مَسْأَلَةٍ مِنْ سَمَاعِ ابْنِ الْقَاسِمِ مِنْ الْإِجَارَةِ. وَذَكَرَ أَنَّ الْإِجَارَةَ تَنْفَسِخُ بِهَلَاكِ الْمَصْنُوعِ مُطْلَقًا، وَلَا يَنْفَسِخُ بِمَوْتِ الصَّانِعِ إلَّا أَنْ يَكُونَ مُعَيَّنًا، وَذَكَرَ أَنَّهُ لَا يَلْزَمُ الْأَجْرُ حَتَّى يُتِمَّ الْعَمَلَ بِخِلَافِ الْكِرَاءِ، وَانْظُرْ إذَا لَمْ يُصَرِّحْ بِعَمَلِ الْعَامِلِ، هَلْ يُحْمَلُ عَلَى الْمَضْمُونِ؟ اُنْظُرْ فِيهِ.

وَفِي رَسْمِ طَلَّقَ: مِنْ تَضَمُّنِ الصُّنَّاعِ إذَا قَبَضَ الْقَصَّارُ أُجْرَتَهُ وَدَفَعَ الثَّوْبَ لِقَصَّارٍ آخَرَ وَفَرَّ هُوَ، فَإِنْ كَانَتْ إجَارَةً مَضْمُونَةً أَخَذَ ثَوْبَهُ بِلَا شَيْءٍ وَإِلَّا غَرِمَ لَهُ أُجْرَةَ مِثْلِهِ إلَّا أَنْ يَكُونَ عَلِمَ بِتَعَدِّي الْأَوَّلِ فِي اسْتِئْجَارِهِ إيَّاهُ عَلَى مَا وَجَبَ عَلَيْهِ أَنْ يَعْمَلَهُ بِيَدِهِ. اُنْظُرْ الرَّسْمَ الْمَذْكُورَ مِنْ سَمَاعِ ابْنِ الْقَاسِمِ. وَسَمِعَ الْقَرِينَانِ: لَا بَأْسَ أَنْ يَقُولَ الرَّجُلُ الْعَامِلُ لِمِثْلِهِ أَعِنِّي خَمْسَةَ أَيَّامٍ وَأَعْيُنُك خَمْسَةَ أَيَّامٍ فِي حَصَادِ زَرْعِك وَدَرْسِهِ وَعَمَلِهِ. ابْنُ رُشْدٍ: لِأَنَّهُ مِنْ الرِّفْقِ فَكَانَ ذَلِكَ ضَرُورَةً تُبِيحُ ذَلِكَ، وَإِنَّمَا يَجُوزُ ذَلِكَ فِيمَا قَلَّ وَقَرُبَ مِنْ الْأَيَّامِ وَإِنْ اخْتَلَفَتْ الْأَعْمَالُ.

قَالَ أَشْهَبُ: لَا بَأْسَ أَنْ يَأْخُذَ الرَّجُلُ عَبْدَ الْآخَرِ النَّجَّارَ وَيَعْمَلُ لَهُ الْيَوْمَ عَلَى أَنْ يُعْطِيَهُ الْآخَرُ عَبْدَهُ الْخَيَّاطَ يَخِيطُ لَهُ غَدًا، وَإِنْ قَالَ: اُحْرُثْ لِي فِي الصَّيْفِ وَأَحْرُثُ لَك فِي الشِّتَاءِ فَلَا خَيْرَ فِيهِ.

ابْنُ عَرَفَةَ: وَعَلَى هَذَا الْأَصْلِ تَجْرِي مَسْأَلَةُ دَوْلَةِ النِّسَاءِ الْوَاقِعَةُ فِي عَصْرِنَا فِي اجْتِمَاعِهِنَّ فِي الْغَزْلِ لِبَعْضِهِنَّ حَتَّى يَسْتَوْفِينَ، فَإِنْ قَرُبَ مُدَّةُ اسْتِيفَائِهِنَّ مِنْ الْغَزْلِ بِجَمِيعِهِنَّ كَالْعَشَرَةِ الْأَيَّامِ وَنَحْوِهَا وَعَيَّنْت الْمُبْتَدَأَ لَهَا وَمَنْ يَلِيهَا إلَى آخِرِهِنَّ وَصِفَةَ الْغَزْلِ جَازَ وَإِلَّا فَسَدَتْ، وَكَانَ سَيِّدِي ابْنُ سِرَاجٍ - رَحِمَهُ اللَّهُ - يَقُولُ: إنَّمَا مُنِعَ فِي الرِّوَايَةِ اُحْرُثْ مَعِي فِي الصَّيْفِ وَأَحْرُثُ لَك فِي الشِّتَاءِ فَقَدْ لَا يَلْزَمُ أَنْ لَا يُضَيِّقَ فِي الْمُدَّةِ هَذَا التَّضْيِيقَ. ابْنُ الْمَوَّازِ: يَجُوزُ أَنْ يَقُولَ: خُذْ حِمَارِي اعْمَلْ عَلَيْهِ خَمْسَةَ أَيَّامٍ وَتَعْمَلُ لِي عَلَيْهِ خَمْسَةَ أَيَّامٍ.

ابْنُ رُشْدٍ: فَلَوْ قَالَ اعْمَلْ عَلَيْهِ شَهْرًا لِنَفْسِك وَشَهْرًا لِي لَوَجَبَ أَنْ يَجُوزَ ذَلِكَ إنْ بَدَأَ بِالشَّهْرِ الَّذِي لِنَفْسِهِ، وَأَنْ لَا يَجُوزَ إنْ بَدَأَ بِالشَّهْرِ الَّذِي لِصَاحِبِ الدَّابَّةِ لِأَنَّهُ بِمَنْزِلَةِ مَنْ نَقَدَ كِرَاءَ دَابَّةٍ يَرْكَبُهَا إلَى شَهْرٍ. هَكَذَا قَالَ اُنْظُرْ فِي سَمَاعِ أَبِي زَيْدٍ فِي الْأَكْرِيَةِ. وَمِنْ ابْنِ يُونُسَ: إنْ اكْتَرَى سَفِينَةً بِعَيْنِهَا عَلَى أَنْ يَرْكَبَهَا وَقْتَ صَلَاحِ الرُّكُوبِ جَازَ إنْ لَمْ يَنْقُدْ إلَّا إنْ كَانَ وَقْتُ صَلَاحِ الرُّكُوبِ قَرِيبًا مِثْلَ نِصْفِ شَهْرٍ وَنَحْوِهِ جَازَ النَّقْدُ، وَإِنْ بَعُدَ كَالشَّهْرَيْنِ وَنَحْوِهِمَا لَمْ يَجُزْ النَّقْدُ.

(وَمُنِعَ وَإِنْ بِلَا شَرْطٍ فِي مُوَاضَعَةٍ وَغَائِبٍ وَكِرَاءٍ ضُمِّنَ وَسَلَمٍ بِخِيَارٍ) ابْنُ رُشْدٍ: أَمَّا النَّقْدُ مِنْ غَيْرِ شَرْطٍ فِي أَيَّامِ الْخِيَارِ فَجَائِزٌ إلَّا فِيمَا لَا يُمْكِنُ التَّنَاجُزُ فِيهِ بَعْدَ أَمَدِ الْخِيَارِ كَالسَّلَمِ وَالْعَبْدِ الْغَائِبِ وَالْجَارِيَةِ الَّتِي فِيهَا الْمُوَاضَعَةُ لِأَنَّهُ إنْ تَمَّ الْبَيْعُ دَخَلَهُ فَسْخُ الدَّيْنِ. اللَّخْمِيِّ: وَكَذَلِكَ مَضْمُونُ الْكِرَاءِ فَإِنْ نَزَلَ لَمْ يُفْسَخْ اهـ. اُنْظُرْ إنْ

<<  <  ج: ص:  >  >>