قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ: مَنْ أُغْمِيَ عَلَيْهِ فِي أَيَّامِ الْخِيَارِ اُنْتُظِرَتْ إفَاقَتُهُ، ثُمَّ هُوَ عَلَى خِيَارِهِ إلَّا أَنْ يَطُولَ إغْمَاؤُهُ أَيَّامًا فَيَنْظُرَ السُّلْطَانُ، فَإِنْ رَأَى ضَرَرًا فَسَخَ الْبَيْعَ وَلَيْسَ لَهُ أَنْ يُمْضِيَهُ بِخِلَافِ الْجُنُونِ وَالصِّبَا وَإِنَّمَا الْإِغْمَاءُ مَرَضٌ.
(وَالْمِلْكُ لِلْبَائِعِ) ابْنُ عَرَفَةَ: ظَاهِرُ الْمَذْهَبِ وَنَصُّ اللَّخْمِيِّ وَالْبَاجِيِّ وَابْنِ رُشْدٍ أَنَّ الْمَبِيعَ مُدَّةَ الْخِيَارِ مِلْكٌ لِبَائِعِهِ فَالْإِمْضَاءُ نَقْلٌ. اُنْظُرْ عَلَى هَذَا يَأْتِي مَا فِي سَمَاعِ عِيسَى الْعُتْبِيِّ أَنَّ عُهْدَةَ الثَّلَاثَةِ تَبْدَأُ بَعْدَ مُضِيِّ أَيَّامِ الْخِيَارِ.
وَقَالَ فِي الْمُدَوَّنَةِ: إذَا اشْتَرَى شِقْصًا بِخِيَارٍ فَاخْتَارَ بَعْدَ أَنْ بِيعَ الشِّقْصُ الْآخَرُ بَيْعَ بَتٍّ أَنَّ لَهُ أَنْ يَشْفَعَ فِي الشِّقْصِ الْمَبِيعِ بَيْعَ بَتٍّ. ابْنُ رُشْدٍ: فَيَأْتِي عَلَى هَذَا أَنَّ الْعُهْدَةَ تَكُونُ فِي أَيَّامِ الْخِيَارِ.
(وَمَا يُوهَبُ لِلْعَبْدِ) مِنْ الْمُدَوَّنَةِ: لَوْ جَنَى عَلَى الْأَمَةِ أَجْنَبِيٌّ فِي أَمَدِ الْخِيَارِ فَقَطَعَ يَدَهَا وَأَصَابَهَا ذَلِكَ مِنْ أَمْرِ اللَّهِ تَعَالَى فَلِلْمُبْتَاعِ رَدُّهَا وَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ أَوْ يَأْخُذُهَا مَعِيبَةً بِجَمِيعِ الثَّمَنِ وَالْأَرْشُ لِلْبَائِعِ وَعَلَيْهِ طَلَبُ الْجَانِي، وَمَا وَهَبَ لَهَا أَوْ تَصَدَّقَ بِهِ عَلَيْهَا فِي أَيَّامِ الْخِيَارِ فَلِلْبَائِعِ، وَعَلَيْهِ نَفَقَتُهَا فِي أَيَّامِ الْخِيَارِ. وَعِبَارَةُ عَبْدِ الْوَهَّابِ فِي فُرُوقِهِ: رَوَى ابْنُ الْقَاسِمِ أَنَّ الْوَلَدَ إذَا حَدَثَ فِي أَيَّامِ الْخِيَارِ كَانَ لِلْمُشْتَرِي إنْ اخْتَارَ الْإِمْضَاءَ، وَإِنْ وَهَبَ لَهَا مَالًا أَوْ جُرِحَتْ فَأَخَذَ عِوَضًا لِذَلِكَ الْجُرْحِ لَمْ يَكُنْ لَهُ إذَا اخْتَارَ الْإِمْضَاءَ وَالْجَمِيعُ مَا وُجِدَ فِي أَيَّامِ الْخِيَارِ ثُمَّ بَيَّنَ الْفَرْقَ بَيْنَهَا (إلَّا أَنْ يَسْتَثْنِيَ مَالَهُ) ابْنُ الْكَاتِبِ: فِيمَا وُهِبَ لِلْجَارِيَةِ فِي أَيَّامِ الْخِيَارِ إنَّمَا يَكُونُ لِلْبَائِعِ إذَا لَمْ يَشْتَرِطْ الْمُبْتَاعُ مَالَهَا، وَأَمَّا لَوْ اشْتَرَطَهُ لَكَانَ مَا وُهِبَ لَهَا بِمَنْزِلَةِ مَالِهَا الْمُشْتَرَطِ قِيَاسًا عَلَى مَنْ كَاتَبَ عَبْدَهُ عَلَى أَنَّهُ بِالْخِيَارِ فَوَهَبَ لِلْمُكَاتَبِ مَالًا فِي أَيَّامِ الْخِيَارِ أَنَّهُ إنْ مَضَتْ الْكِتَابَةُ فَالْمَالُ يَكُونُ تَبَعًا لِلْعَبْدِ كَمَالِهِ الْأَوَّلِ الَّذِي كَانَ لَهُ قَبْلَ عَقْدِ الْكِتَابَةِ.
(وَالْغَلَّةُ) ابْنُ عَرَفَةَ: غَلَّةُ الْمَبِيعِ مُدَّةَ الْخِيَارِ لِبَائِعِهِ. الشَّيْخُ عَنْ ابْنِ الْقَاسِمِ: وَاللَّبَنُ وَالثَّمَرُ غَلَّةٌ وَالصُّوفُ جُزْءٌ مِنْ الْجَمِيعِ (وَأَرْشُ مَا جَنَى أَجْنَبِيٌّ لَهُ) تَقَدَّمَ نَصُّ الْمُدَوَّنَةِ إنْ جَنَى عَلَى الْمَبِيعِ أَجْنَبِيٌّ فَالْأَرْشُ لِلْبَائِعِ (بِخِلَافِ الْوَلَدِ) مِنْ الْمُدَوَّنَةِ قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ: إذَا وَلَدَتْ الْأَمَةُ فِي أَيَّامِ الْخِيَارِ كَانَ وَلَدُهَا مَعَهَا فِي إمْضَاءِ الْبَيْعِ أَوْ رَدِّهِ لِمَنْ لَهُ الْخِيَارُ بِالثَّمَنِ الْمُشْتَرَطِ، وَلَا شَيْءَ عَلَى الْمُبْتَاعِ مِنْ الْوِلَادَةِ إنْ رَدَّهَا. ابْنُ أَبِي زَمَنِينَ: الْمَعْرُوفُ مِنْ مَذْهَبِ مَالِكٍ أَنَّ الْحَامِلَ إذَا جَاوَزَتْ سِتَّةَ أَشْهُرٍ كَانَ حَالُهَا حَالَ الْمَرِيضَةِ وَبَيْعُ الْمَرِيضِ عِنْدَهُمْ لَا يَجُوزُ، فَيَجِبُ أَنْ يَكُونَ الْمَعْنَى فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ أَنَّهُ بَاعَ الْأَمَةَ وَلَمْ يُبَيِّنْ أَنَّهَا حَامِلٌ. وَقِيلَ لِعَبْدِ الْمَلِكِ: مَا يَمْنَعُ مِنْ بَيْعِ الْأَمَةِ إذَا كَانَتْ حَامِلًا؟ قَالَ: إذَا أَثْقَلَتْ وَصَارَتْ فِي الْحَدِّ الَّذِي إذَا صَارَتْ إلَيْهِ الْحُرَّةُ مُنِعَتْ مِنْ ثُلُثِهَا، وَكَذَلِكَ إذَا جَاوَزَتْ سِتَّةَ أَشْهُرٍ وَهُوَ قَوْلُ مَالِكٍ فَيَمْنَعُ مِنْ بَيْعِهَا مَا يَمْنَعُ الْمَرِيضَ الْمُوقَفَ.
(وَالضَّمَانُ مِنْهُ) ابْنُ يُونُسَ: الْقَضَاءُ أَنَّ الضَّمَانَ فِي أَمَدِ الْخِيَارِ مِمَّا يَحْدُثُ بِالسِّلْعَةِ مِنْ الْبَائِعِ إذْ هُوَ أَقْدَمُ مِلْكًا فَلَا يَنْتَقِلُ الضَّمَانُ عَنْهُ إلَّا بِتَمَامِ انْتِقَالِ مِلْكِهِ عَنْهَا، وَالضَّمَانُ مِنْهُ فِيمَا قَبَضَهُ الْمُبْتَاعُ مِمَّا لَا يُغَابُ عَلَيْهِ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute