للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَفِيمَا يَثْبُتُ هَلَاكُهُ مِمَّا يُغَابُ عَلَيْهِ، لِأَنَّ هَلَاكَهُ ظَاهِرٌ بِغَيْرِ صُنْعِهِ وَأَنَّهُ غَيْرُ مُتَعَدٍّ فِي قَبْضِهِ كَالرَّهْنِ وَالْعَارِيَّةِ. وَأَمَّا مَا لَمْ يَثْبُتْ هَلَاكُهُ مِمَّا يُغَابُ عَلَيْهِ فَالْمُبْتَاعُ يَضْمَنُهُ لِأَنَّ قَبْضَهُ خَارِجٌ مِنْ قَبْضِ الْأَمَانَةِ وَإِنَّمَا قَبَضَهُ لِمَنْفَعَةِ نَفْسِهِ وَعَلَى وَجْهِ الْمُبَايَعَةِ دُونَ الْأَمَانَةِ، وَكَقَبْضِ الرَّهْنِ وَالْعَارِيَّةِ الَّتِي جَعَلَهَا - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - مَضْمُونَةً فِي السِّلَاحِ فَكَانَ مَا يُغَابُ عَلَيْهِ مِثْلَهُ. وَمِنْ الْمُدَوَّنَةِ قَالَ مَالِكٌ: مَنْ اشْتَرَى عَبْدًا بِعَبْدٍ وَالْخِيَارُ لِأَحَدِهِمَا أَوْ لَهُمَا جَمِيعًا وَتَقَابَضَا، فَمُصِيبَةُ كُلِّ عَبْدٍ مِنْ بَائِعِهِ لِأَنَّ الْبَيْعَ لَمْ يَتِمَّ وَلَا يَتِمُّ بَيْنَهُمَا حَتَّى يَقَعَ الْخِيَارُ.

(وَحَلَفَ مُشْتَرٍ إلَّا أَنْ يَظْهَرَ كَذِبُهُ) مِنْ الْمُدَوَّنَةِ قَالَ مَالِكٌ: مَنْ اشْتَرَى رَقِيقًا أَوْ حَيَوَانًا بِالْخِيَارِ فَقَبَضَهَا ثُمَّ ادَّعَى إبَاقَ الرَّقِيقِ وَانْفِلَاتَ الدَّوَابِّ أَوْ أَنَّ ذَلِكَ سُرِقَ مِنْهُ وَهُوَ بِمَوْضِعٍ لَا يُجْهَلُ، لَمْ يُكَلَّفْ بِبَيِّنَةٍ وَصُدِّقَ مَعَ يَمِينِهِ وَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ، لِأَنَّ هَذَا لَا يُغَابُ عَلَيْهِ إلَّا أَنْ يَأْتِيَ بِمَا يَدُلُّ عَلَى كَذِبِهِ.

قَالَ مَالِكٌ: وَإِنْ ادَّعَى مَوْتًا وَهُوَ بِمَوْضِعٍ لَا يَخْفَى، سَأَلَ عَنْهُ أَهْلُ ذَلِكَ الْمَوْضِعِ لِأَنَّ الْمَوْتَ لَا يَخْفَى عَلَيْهِمْ وَلَا يُقْبَلُ إلَّا الْعُدُولُ، فَإِنْ تَبَيَّنَ كَذِبُهُ فِي مَسْأَلَتِهِمْ أَوْ لَمْ يَعْلَمْ ذَلِكَ بِالْمَوْضِعِ أَحَدٌ فَهُوَ ضَامِنٌ، وَإِنْ لَمْ يُعْرَفْ كَذِبُهُ صُدِّقَ مَعَ يَمِينِهِ. ابْنُ يُونُسَ: يُرِيدُ وَالْمُتَّهَمُ فِي هَذَا وَغَيْرُ الْمُتَّهَمِ سَوَاءٌ، وَلَا بُدَّ مِنْ يَمِينِهِ. وَكَذَلِكَ فِي عَارِيَّةِ الْحَيَوَانِ وَإِجَارَتِهَا يَدَّعِي ضَيَاعَهَا فَلَا بُدَّ مِنْ يَمِينِهِ لِأَنَّهُ قَبَضَهَا لِمَنْفَعَتِهِ، فَالْمُتَّهَمُ وَغَيْرُهُ فِيهَا سَوَاءٌ بِخِلَافِ الْوَدَائِعِ الَّتِي لَا مَنْفَعَةَ لَهُ فِيهَا فَلَا يَحْلِفُ فِيهَا إلَّا الْمُتَّهَمُ. قَالَهُ بَعْضُ فُقَهَائِنَا.

(أَوْ يُغَابُ عَلَيْهِ إلَّا بِبَيِّنَةٍ) مِنْ الْمُدَوَّنَةِ: مَنْ ادَّعَى هَلَاكَ مَا يُغَابُ عَلَيْهِ فِي أَيَّامِ الْخِيَارِ فَهُوَ ضَامِنٌ وَلَا يُصَدَّقُ إلَّا بِبَيِّنَةٍ أَنَّهُ هَلَكَ بِغَيْرِ تَفْرِيطٍ أَوْ بِأَمْرٍ ظَاهِرٍ مِنْ أَخْذِ لُصُوصٍ أَوْ غَرْقِ مَرْكَبٍ كَانُوا فِيهِ أَوْ احْتِرَاقِ مَنْزِلٍ أَوْ قِدْرٍ أَوْ الثَّوْبِ فِي النَّارِ.

قَالَ مَالِكٌ: فَإِنْ شَهِدَتْ بَيِّنَةٌ فِي هَذَا كَانَ مِنْ الْبَائِعِ وَكَذَلِكَ إنْ ثَبَتَ هَذَا فِي الرَّهْنِ وَالْعَارِيَّةِ وَالضَّيَاعُ كَانَ مِنْ رَبِّهِ وَإِلَّا فَهُوَ مِمَّنْ هُوَ بِيَدِهِ.

(وَضَمِنَ الْمُشْتَرِي إنْ خُيِّرَ الْبَائِعُ الْأَكْثَرَ إلَّا أَنْ يَحْلِفَ فَالثَّمَنُ) اللَّخْمِيِّ: مَنْ اشْتَرَى ثَوْبًا عَلَى خِيَارٍ وَبَانَ بِهِ ثُمَّ ادَّعَى ضَيَاعَهُ لَمْ يُصَدَّقْ، وَسَوَاءٌ كَانَ الْخِيَارُ لِلْبَائِعِ أَوْ لِلْمُشْتَرِي.

قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ: وَيَغْرَمُ الثَّمَنَ إنْ كَانَ الْخِيَارُ لِلْمُشْتَرِي بِغَيْرِ يَمِينٍ وَدَعْ الْقِيمَةَ حِينَئِذٍ تَكُونُ أَقَلَّ مِنْ الثَّمَنِ فَإِنَّهُ مَا يَغْرَمُ إلَّا الثَّمَنَ. قَالَ: وَكَذَلِكَ إنْ كَانَ الْخِيَارُ لِلْبَائِعِ وَقِيمَتُهُ أَقَلَّ مِنْ الثَّمَنِ، وَإِنْ كَانَتْ قِيمَتُهُ أَكْثَرَ حَلَفَ لَقَدْ ضَاعَ وَغَرِمَ الثَّمَنَ فَإِنْ نَكَلَ غَرِمَ الْقِيمَةَ (كَخِيَارِهِ) تَقَدَّمَ نَقْلُ اللَّخْمِيِّ إنْ ادَّعَى الْمُشْتَرِي الضَّيَاعَ وَالْخِيَارُ لَهُ غَرِمَ الثَّمَنَ خَاصَّةً وَدَعْ الْقِيمَةَ تَكُونُ أَقَلَّ (وَكَغَيْبَةِ بَائِعٍ وَالْخِيَارُ لِغَيْرِهِ) اللَّخْمِيِّ: إنْ بَقِيَ الثَّوْبُ فِي يَدِ الْبَائِعِ وَالْخِيَارُ لِلْمُشْتَرِي كَانَ ضَمَانُهُ مِنْ الْبَائِعِ عَلَى قَوْلِ ابْنِ الْقَاسِمِ وَغَيْرِهِ. وَيَحْلِفُ إذَا قَالَ الْمُشْتَرِي: أَنَا قَبِلْته، فَعَلَى قَوْلِ ابْنِ الْقَاسِمِ يَحْلِفُ الْبَائِعُ لَقَدْ ضَاعَ وَيَبْرَأُ.

(وَإِنْ جَنَى بَائِعٌ وَالْخِيَارُ لَهُ عَمْدًا بِرَدٍّ وَخَطَأٍ فَلِلْمُشْتَرِي خِيَارُ الْعَيْبِ وَإِنْ تَلِفَتْ انْفَسَخَ فِيهِمَا) اللَّخْمِيِّ: لَا تَخْلُو الْجِنَايَةُ فِي

<<  <  ج: ص:  >  >>