يُحْسَبَ فِي أَصْلِ الثَّمَنِ وَلَا يُحْسَبُ لَهُ رِبْحٌ. وَهَذَا إذَا بَيَّنَ هَذِهِ الْأَشْيَاءَ كُلَّهَا فَقَالَ اشْتَرَيْتُ هَذِهِ السِّلْعَةَ كُلَّهَا بِكَذَا وَصَبَغْتُهَا بِكَذَا وَأُكْرِيَتْ عَلَيْهَا بِكَذَا وَأَعْطَيْت عَلَيْهَا لِلسِّمْسَارِ كَذَا فَأَبِيعُكهَا بِرِبْحٍ لِلْعَشَرَةِ أَحَدَ عَشَرَ، فَحِينَئِذٍ يَكُونُ الْعَمَلُ عَلَى هَذَا وَيَنْظُرُ إلَى مَا سَمَّى مِمَّا لَهُ عَيْنٌ قَائِمَةٌ فَيُحْسَبُ وَيُحْسَبُ لَهُ الرِّبْحُ وَمَا لَمْ تَكُنْ لَهُ عَيْنٌ قَائِمَةٌ إلَّا أَنْ يَخْتَصَّ بِالْمَتَاعِ، وَلَا يَتَوَلَّاهُ التَّاجِرُ بِنَفْسِهِ فَإِنَّهُ يُحْسَبُ وَلَا يُحْسَبُ لَهُ رِبْحٌ إنْ كَانَ يَتَوَلَّاهُ التَّاجِرُ بِنَفْسِهِ أَوْ لَا يَخْتَصُّ بِالْمَتَاعِ فَإِنَّهُ لَا يُحْسَبُ لَهُ رَأْسًا، وَلَا يُحْسَبُ لَهُ رِبْحٌ إلَّا أَنْ يَشْتَرِطَ الْبَائِعُ أَنْ يُرْبِحَهُ عَلَى ذَلِكَ كُلِّهِ بَعْدَ أَنْ يُسَمِّيَهُ وَيُبَيِّنَهُ فَيَجُوزُ ذَلِكَ.
وَأَمَّا إنْ قَالَ: قَامَتْ عَلَيَّ هَذِهِ السِّلْعَةُ بِكَذَا وَكَذَا وَأَبِيعُكهَا بِرِبْحٍ لِلْعَشَرَةِ أَحَدَ عَشَرَ وَمَا أَشْبَهَ ذَلِكَ وَلَمْ يُبَيِّنْ هَذِهِ الْأَشْيَاءَ، فَالْعَقْدُ عَلَى هَذَا فَاسِدٌ لِأَنَّ الْمُشْتَرِيَ لَا يَدْرِي كَمْ رَأْسُ الْمَالِ الَّذِي يَجِبُ لَهُ الرِّبْحُ وَكَمْ أُضِيفَ إلَيْهِ مِمَّا يُحْسَبُ وَلَا يَحْسُبُهُ لَهُ رِبْحٌ وَمِمَّا لَا يُحْسَبُ رَأْسًا وَلَا يُحْسَبُ لَهُ رِبْحٌ، وَهَذَا جَهْلٌ بَيِّنٌ فِي الثَّمَنِ وَهَذَا هُوَ الصَّوَابُ خِلَافًا لِمَا فِي كِتَابِ ابْنِ الْمَوَّازِ
وَأَمَّا الْوَجْهُ الثَّانِي مِنْ وُجُوهِ الْمُرَابَحَةِ وَهُوَ أَنْ يَبِيعَ بِرِبْحٍ مُسَمًّى عَلَى جُمْلَةِ الثَّمَنِ، فَإِنْ سَمَّى أَيْضًا مَا اشْتَرَاهَا بِهِ وَمَا أَنْفَقَ عَلَيْهَا فِيمَا لَهُ عَيْنٌ قَائِمَةٌ وَفِيمَا لَيْسَ لَهُ عَيْنٌ قَائِمَةٌ مِمَّا يُحْسَبُ أَوْ لَا يُحْسَبُ، جَازَ الْبَيْعُ وَطُرِحَ عَنْ الْمُبْتَاعِ مَا لَا يُحْسَبُ رَأْسًا كَنَفَقَتِهِ وَكِرَاءِ بَيْتِهِ وَمَا أَشْبَهَ ذَلِكَ إلَّا لِمَنْ يَشْتَرِطُ أَنْ يَحْسِبَ ذَلِكَ فَيَجُوزُ. وَكَذَلِكَ إذَا قَالَ قَامَتْ عَلَيَّ هَذِهِ السِّلْعَةُ بِكَذَا وَكَذَا عَلَى مَا فِي كِتَابِ ابْنِ الْمَوَّازِ، وَقَدْ تَقَدَّمَ أَنَّهُ جَهِلَ بِالثَّمَنِ وَالصَّوَابُ خِلَافُهُ. وَيَلْزَمُهُ أَيْضًا فِيمَا لَهُ عَيْنٌ قَائِمَةٌ كَالصَّبْغِ وَالْكَمْدِ وَالْفَتْلِ أَنْ يُبَيِّنَ فَيَقُولَ اشْتَرَيْت بِكَذَا وَصَبَغْت بِكَذَا وَكَذَا فِي الْوَجْهَيْنِ جَمِيعًا بَاعَ بِرِبْحٍ مُسَمًّى عَلَى جُمْلَةِ الثَّمَنِ أَنَّ لِلْعَشَرَةِ أَحَدَ عَشَرَ، فَإِنْ لَمْ يَفْعَلْ وَقَالَ شِرَاءُ هَذِهِ السِّلْعَةِ بِعَشَرَةٍ وَقَدْ كَانَ اشْتَرَاهَا بِخَمْسَةٍ فَالْمُشْتَرِي بِالْخِيَارِ. وَذَهَبَ أَبُو إِسْحَاقَ التُّونِسِيُّ إلَى أَنَّهُ لَيْسَ عَلَيْهِ أَنْ يُبَيِّنَ ذَلِكَ كَسِلْعَتَيْنِ بَاعَهُمَا مُرَابَحَةً صَفْقَةً وَاحِدَةً وَقَدْ كَانَ اشْتَرَاهُمَا فِي صَفْقَتَيْنِ (وَطَرْزٍ وَقَصْرٍ وَخِيَاطَةٍ وَكَمْدٍ وَفَتْلٍ وَتَطْرِيَةٍ) تَقَدَّمَ نَصُّ ابْنِ رُشْدٍ أَنَّ الْكَمْدَ وَالْفَتْلَ كَالصَّبْغِ. وَعِبَارَةُ ابْنِ عَرَفَةَ: ثَمَنُ مَا زِيدَ فِي الثَّمَنِ وَلَهُ عَيْنٌ قَائِمَةٌ مِثْلُ الثَّمَنِ فِيهَا كَالصَّبْغِ وَالْخِيَاطَةِ وَالْقِصَارَةِ، وَفِي الْوَاضِحَةِ وَالطَّرْزِ. الْمَازِرِيُّ وَالتَّطْرِيَةِ.
(وَأَصْلُ مَا زَادَ فِي الثَّمَنِ كَحُمُولَةٍ) تَقَدَّمَ نَصُّ ابْنِ رُشْدٍ: مَا كَانَ فِي السِّلْعَةِ الْمَبِيعَةِ مِمَّا لَيْسَ لَهُ عَيْنٌ قَائِمَةٌ وَكَانَ مِمَّا يَخْتَصُّ بِالْمَتَاعِ وَمِمَّا يَسْتَنِيبُ التَّاجِرُ عَلَيْهِ غَالِبًا وَلَا يَتَوَلَّاهُ بِنَفْسِهِ كَحَمْلِ الْمَتَاعِ وَنَفَقَةِ الرَّقِيقِ، فَإِنَّهُ يُحْسَبُ فِي أَصْلِ الثَّمَنِ وَلَا يُحْسَبُ لَهُ رِبْحٌ لِأَنَّهُ لَيْسَ لَهُ عَيْنٌ قَائِمَةٌ فِيهَا يُحْسَبُ كِرَاءُ الْحُمُولَةِ وَالنَّفَقَةِ عَلَى الرَّقِيقِ وَالْحَيَوَانِ، وَلَا يُحْسَبُ لَهُ رِبْحٌ إلَّا أَنْ يَرْبَحَهُ عَلَيْهِ.
(وَشَدٍّ وَطَيٍّ اُعْتِيدَ أُجْرَتُهُمَا
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute