وَكِرَاءِ بَيْتٍ لِسِلْعَةٍ وَإِلَّا لَمْ يُحْسَبْ كَسِمْسَارٍ لَمْ يُعْتَدْ) تَقَدَّمَ نَصُّ ابْنِ رُشْدٍ أَنَّ الشَّدَّ وَالطَّيَّ لَا يُحْسَبُ فِي رَأْسِ الْمَالِ لِأَنَّ الْمُبْتَاعَ يَقُولُ جَرَتْ الْعَادَةُ أَنْ تَتَوَلَّاهُ بِنَفْسِك فَلَا يَجِبُ عَلَيَّ شَيْءٌ.
قَالَ ابْنُ رُشْدٍ: فَعَلَى هَذَا إذَا اشْتَرَى مَا لَا يُشْتَرَى إلَّا بِسِمْسَارٍ أَوْ اكْتَرَى مَنْزِلًا لَوْلَا الْمَتَاعُ لَمْ يَحْتَجْ لِذَلِكَ الْمَنْزِلِ أَنْ يُحْسَبَ فِي أَصْلِ الثَّمَنِ وَلَا يُحْسَبُ لَهُ رِبْحٌ.
اُنْظُرْهُ مَبْسُوطًا قَبْلَ هَذَا، وَانْظُرْ قَوْلَ ابْنِ رُشْدٍ فِي السِّمْسَارِ الْمُحْتَاجِ إلَيْهِ عَادَةً أَنَّ أُجْرَتَهُ تُحْسَبُ وَلَا يُضْرَبُ لَهُ رِبْحٌ، وَنَحْوُهُ لِابْنِ أَبِي زَيْدٍ. وَاَلَّذِي لِابْنِ مُحْرِزٍ أَنَّهَا كَالصَّبْغِ يُحْسَبُ أَجْرُهُ وَيُحْسَبُ لَهُ رِبْحٌ.
وَقَالَ ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ: السِّمْسَارُ فِي هَذَا الْمَوْضِعِ هُوَ الَّذِي يَتَوَلَّى الشِّرَاءَ وَيُسَمَّى الْجُلَّاسَ يَأْخُذُ عِوَضًا مِنْ الْمُشْتَرِي، وَأَمَّا الَّذِي يَتَوَلَّى الْبَيْعَ لِلْبَائِعِ فَإِنَّ أُجْرَتَهُ عَلَى الْبَائِعِ وَهُوَ مِنْ الثَّمَنِ لَا شَكَّ فِيهِ اهـ.
وَانْظُرْ اللَّازِمَ الْمَخْزَنِيَّ ذَكَرَ الشَّيْخُ - رَحِمَهُ اللَّهُ - فِي تَرْجَمَةٍ قَالَ (إنْ بَيَّنَ الْجَمِيعَ) تَقَدَّمَ نَصُّ ابْنِ رُشْدٍ أَنَّهُ يُشْتَرَطُ فِي كُلِّ وَجْهٍ مِنْ وَجْهَيْ الْمُرَابَحَةِ أَنْ يُبَيِّنَ هَذِهِ الْأَشْيَاءَ كُلَّهَا.
وَقَالَ عِيَاضٌ: مِنْ وُجُوهِ الْمُرَابَحَةِ أَنْ يُبَيِّنَ جَمِيعَ مَا لَزِمَهَا مِمَّا يُحْسَبُ وَمَا لَا يُحْسَبُ مُفَصَّلًا أَوْ مُجْمَلًا. وَيُشْتَرَطُ ضَرْبُ الرِّبْحِ عَلَى الْجَمِيعِ، فَهَذَا صَحِيحٌ لَازِمٌ لِلْمُشْتَرِي فِيمَا يُحْسَبُ وَمَا لَا يُحْسَبُ لِأَنَّ عَلَى هَذَا وَقَعَ الشِّرَاءُ وَهُوَ مَعْنَى قَوْلِهِ فِي الْكِتَابِ: " إلَّا أَنْ يُرْبِحَهُ فِي ذَلِكَ فَلَا بَأْسَ بِهِ ". وَذَكَرَ عِيَاضٌ وَجْهًا آخَرَ قَسِيمًا لِهَذَا وَهُوَ أَنْ يُبَيِّنَ جَمِيعَ مَا لَزِمَ السِّلْعَةَ مِمَّا يُحْسَبُ وَمَا لَا يُحْسَبُ، وَيُفَسِّرَ مَا يُحْسَبُ وَيَرْبَحُ عَلَيْهِ وَمَا لَا يَرْبَحُ عَلَيْهِ وَمَا لَا يُحْسَبُ جُمْلَةً، ثُمَّ يَضْرِبُ الرِّبْحَ عَلَى مَا يَجِبُ ضَرْبُهُ عَلَيْهِ خَاصَّةً، فَهَذَا صَحِيحٌ جَائِزٌ أَيْضًا عَلَى مَا عَقَدَاهُ.
(أَوْ فَسَّرَ الْمُؤْنَةَ فَقَالَ: هِيَ بِمِائَةٍ أَصْلُهَا كَذَا وَحَمْلُهَا كَذَا أَوْ عَلَى الْمُرَابَحَةِ وَبَيَّنَ كَرِبْحٍ لِلْعَشَرَةِ أَحَدَ عَشَرَ وَلَمْ يُفَصِّلَا مَا لَهُ الرِّبْحُ) اُنْظُرْ هَذَيْنِ الْوَجْهَيْنِ وَمُقْتَضَى مَا يَتَقَرَّرُ أَنَّهَا وَجْهٌ وَاحِدٌ.
قَالَ عِيَاضٌ: مِنْ وُجُوهِ الْمُرَابَحَةِ أَنْ يُفَسِّرَ الْمُؤْنَةَ فَيَقُولَ هِيَ عَلَيَّ بِمِائَةٍ، رَأْسُ مَالِهَا كَذَا، وَلَازَمَهَا فِي الْحَمْلِ كَذَا، وَفِي الصَّبْغِ وَالْقِصَارَةِ كَذَا، وَفِي الشَّدِّ وَالطَّيِّ كَذَا، وَبَاعَهَا عَلَى الْمُرَابَحَةِ لِلْعَشَرَةِ أَحَدَ عَشْرَةَ وَلَمْ يُفَصِّلَا وَلَا شَرَطَا مَا يُوضَعُ عَلَيْهِ الرِّبْحُ مِمَّا لَا يُوضَعُ وَلَا مَا يُحْسَبُ مِمَّا لَا يُحْسَبُ، فَمَذْهَبُهُمْ جَوَازُ هَذَا، وَقَصْرُ الرِّبْحِ عَلَى مَا يَجِبُ وَإِسْقَاطُ مَا لَا يُحْسَبُ فِي الثَّمَنِ وَفِي هَذَا نَظَرٌ، لِأَنَّ الْبَائِعَ وَإِنْ عَلِمَ ذَلِكَ وَبَيَّنَهُ لِلْمُشْتَرِي فَقَدْ يَجْهَلَانِ الْحُكْمَ وَمَا يَجِبُ حِسَابُهُ وَمَا لَا يَجِبُ، وَمَا يَجِبُ لَهُ الرِّبْحُ وَمَا لَا يُجِيبُ، فَتَقَعُ الْجَهَالَةُ فِي الثَّمَنِ، وَأَشَارَ إلَى هَذَا أَبُو إِسْحَاقَ، وَلَعَلَّ قَوْلَهُمْ بِالْجَوَازِ لِأَنَّهُمَا ظَنَّا أَنَّ هَذَا الْحُكْمُ وَلَمْ يَقْصِدَا فَسَادًا (وَزِيدَ عُشْرُ الْأَصْلِ) وَأَمَّا قَوْلُهُ: بِرِبْحِ الْعَشَرَةِ اثْنَيْ عَشَرَ فَيُزَادُ خُمْسُ الْأَصْلِ (وَالْوَضِيعَةُ كَذَلِكَ) مِنْ الْمُدَوَّنَةِ قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ: وَتَجُوزُ الْمُرَابَحَةُ لِلْعَشَرَةِ أَحَدَ عَشَرَ. ابْنُ يُونُسَ: تَفْسِيرُ ذَلِكَ كَأَنَّهُ قَالَ: تَرْبَحُ لِكُلِّ عَشَرَةِ دَرَاهِمَ مِنْ الثَّمَنِ دِرْهَمًا قَالَ:
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute