مَأْمُونَةٍ.
قَالَ: وَإِذَا مُنِعَ أَنْ يُسْلِمَ فِيهَا فِي هَذَا الْعَامِ إلَّا بَعْدَ بُدُوِّ صَلَاحِهَا لِأَنَّهُ غَرَرٌ كَانَ فِي الصُّبُرِ إلَى قَابِلٍ أَشَدَّ غَرَرًا. رَاجِعْ ثَالِثَ تَرْجَمَةٍ مِنْ السَّلَمِ الْأَوَّلِ مِنْ ابْنِ يُونُسَ. وَانْظُرْ هُنَاكَ حُكْمَ مَنْ اكْتَرَى عَلَى الْحَجِّ فَلَمْ يَأْتِ الْكَرْيُ حَتَّى فَاتَ الْإِبَّانُ، وَحُكْمُ مَنْ أَسْلَمَ فِي ضَحَايَا فَأَتَى بِهَا بَعْدَ الْوَقْتِ، وَمَنْ غَصَبَ تَمْرًا وَتَمَكَّنَ مِنْهُ فِي غَيْرِ إبَّانِهِ، وَمَنْ اكْتَرَى سَفِينَةً فَدَخَلَ عَلَيْهَا الشِّتَاءُ وَلَمْ يَتَفَاسَخَا حَتَّى عَادَ إبَّانُ السَّفَرِ، وَانْظُرْ أَيْضًا مِنْ هَذَا الْمَعْنَى فِي نَوَازِلِ ابْنِ سَهْلٍ إذَا شَرَطَ أَنْ يُوفِيَهُ السَّلَمَ بِبَلَدٍ فَتَعَذَّرَ الْوُصُولُ لِذَلِكَ الْبَلَدِ كَقَوْلِ مَالِكٍ إذَا شَرَطَ أَنْ يُوفِيَهُ مِنْ الْعَطَاءِ فَاحْتَبَسَ.
وَفِي نَوَازِلِ ابْنِ الْحَاجِّ: مَنْ دَايَنَ عَلَى أَنْ يُوفِيَ مِنْ عَصِيرِ كَرْمِهِ فَأَخْلَفَ.
وَفِي الْمُدَوَّنَةِ: مَنْ تَسَلَّفَ عَلَى مَالِ يَتِيمٍ فَقَصَرَ الْمَالُ عَمَّا أَسْلَفَهُ لَمْ يُتْبِعْهُ بِالْبَاقِي. وَانْظُرْ مَنْ ابْتَاعَ بِغَرْنَاطَةَ حَرِيرًا وَجَدَهُ بِتُونُسَ مَعِيبًا، وَمَنْ تَسَلَّفَ فُلُوسًا أَوْ كَتَّانًا بِالْمَشْرِقِ أَوْ طَعَامًا بِأَرْضِ الْحَرْبِ. وَانْظُرْ رَسْمَ الْبُيُوعِ الْعَاشِرَ مِنْ سَمَاعِ أَصْبَغَ مِنْ السَّلَمِ فِيمَنْ تَسَلَّفَ مِنْ شَرِيكِهِ قِلَالًا مِنْ مَاءٍ فِي الشِّتَاءِ فَقَامَ عَلَيْهِ فِي الصَّيْفِ، هَلْ يَدْخُلُ فِيهِ الْخِلَافُ فِيمَا لَهُ إبَّانٌ فَانْقَضَى قَبْلَ الْأَدَاءِ.
(وَلَوْ كَانَ رَأْسُ الْمَالِ مُقَوَّمًا وَيَجُوزُ فِيمَا طُبِخَ وَاللُّؤْلُؤِ وَالْعَنْبَرِ وَالْجَوْهَرِ وَالزُّجَاجِ) مِنْ الْمُدَوَّنَةِ قَالَ مَالِكٌ: لَا بَأْسَ بِالسَّلَمِ فِي الْعَنْبَرِ وَالْمِسْكِ وَجَمِيعِ الْعِطْرِ إذَا اشْتَرَطَ عَلَيْهِ شَيْئًا مَعْلُومًا، وَكَذَلِكَ اللُّؤْلُؤُ وَالْجَوْهَرُ وَصُنُوفُ الْفُصُوصِ وَالْحِجَارَةِ إذَا ذَكَرَ صِنْفًا مَعْرُوفًا بِصِفَةٍ مَعْلُومَةٍ، وَكَذَلِكَ آنِيَةُ الزُّجَاجِ بِصِفَتِهَا (وَالْجِصِّ وَالزَّرْنِيخِ وَالنُّورَةِ) مِنْ الْمُدَوَّنَةِ: لَا بَأْسَ بِالسَّلَمِ فِي اللَّبَنِ وَالْجِصِّ وَالزَّرْنِيخِ وَالنُّورَةِ وَشِبْهِ ذَلِكَ مَضْمُونًا مَعْلُومَ الصِّفَةِ (وَأَحْمَالِ الْحَطَبِ وَالْأَدَمِ) مِنْ الْمُدَوَّنَةِ: لَا بَأْسَ بِالسَّلَمِ فِي الْحَطَبِ إذَا اشْتَرَطَ مِنْ ذَلِكَ قَنَاطِيرَ أَوْ قَدْرًا مَعْرُوفًا بِصِفَةٍ مَعْلُومَةٍ، وَكَذَلِكَ فِي الْجُذُوعِ مِنْ خَشَبِ الْبُيُوتِ وَشِبْهِهِ مِنْ صُنُوفِ الْعِيدَانِ وَفِي جُلُودِ الْبَقَرِ وَالْغَنَمِ والزقوق وَالْأَدَمِ وَالْقَرَاطِيسِ إذَا اشْتَرَطَ مِنْ ذَلِكَ كُلِّهِ شَيْئًا مَعْلُومًا. الْبَاجِيُّ: قَوْلُ ابْنِ الْقَاسِمِ يُسْلِمُ فِي الْحَطَبِ وَزْنًا أَوْ أَحْمَالًا، وَعِنْدِي أَنْ يَعْمَلَ فِي كُلِّ بَلَدٍ بِعُرْفِهِ فِي ذَلِكَ (وَصُوفٍ بِالْوَزْنِ لَا بِالْحَزْرِ) اُنْظُرْ النَّصَّ بِهَذَا عِنْدَ قَوْلِهِ " وَأَنْ يُضْبَطَ بِعَادَتِهِ ".
(وَالسُّيُوفِ) مِنْ الْمُدَوَّنَةِ قَالَ مَالِكٌ: وَيَجُوزُ السَّلَمُ فِي نُصُولِ السُّيُوفِ وَالسَّكَاكِينِ وَفِي الْعُرُوضِ كُلِّهَا إذَا كَانَتْ مَوْصُوفَةً مَضْمُونَةً وَضَرَبَ لَهَا أَجَلًا مَعْلُومًا وَقَدَّمَ النَّقْدَ فِيهَا (وَتَوْرٍ لِيُكَمِّلَ) هَذِهِ عِبَارَةُ الْمَوَّازِيَّةِ.
وَفِي الْمُدَوَّنَةِ قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ: مَنْ اسْتَصْنَعَ تَوْرًا أَوْ قَلَنْسُوَةً أَوْ اسْتَنَحْت سَرْجًا أَوْ قَدَحًا أَوْ غَيْرَ ذَلِكَ مِمَّا يَعْمَلُ النَّاسُ فِي أَسْوَاقِهِمْ عِنْدَ الصُّنَّاعِ، فَإِنْ جَعَلَ ذَلِكَ مَضْمُونًا مَوْصُوفًا إلَى مِثْلِ أَجَلِ السَّلَمِ جَازَ إنْ قَدَّمَ رَأْسَ الْمَالِ عَلَى مَا تَقَدَّمَ إذَا لَمْ يَشْتَرِطْ شَيْئًا بِعَيْنِهِ يَعْمَلُهُ مِنْهُ أَوْ عَمَلَ رَجُلٍ بِعَيْنِهِ، فَإِنْ شَرَطَ عَمَلَهُ مِنْ نُحَاسٍ أَوْ حَدِيدٍ بِعَيْنِهِ أَوْ ظَوَاهِرَ مُعَيَّنَةً أَوْ شَرَطَ عَمَلَ رَجُلٍ بِعَيْنِهِ لَمْ يَجُزْ وَلَوْ نَقَدَهُ، لِأَنَّهُ لَا يَدْرِي أَيُسْلِمُ ذَلِكَ الْحَدِيدَ وَالنُّحَاسَ وَالظَّوَاهِرَ، أَوْ يُسْلِمُ ذَلِكَ الرَّجُلَ إلَى ذَلِكَ الْأَجَلِ أَمْ لَا؟ فَذَلِكَ غَرَرٌ إذْ قَدْ يُسْلِمُ فَيَعْمَلُهُ لَهُ قَبْلَ الْأَجَلِ أَوْ يَمُوتُ قَبْلَ الْأَجَلِ فَيَبْطُلُ السَّلَفُ.
أَشْهَبُ: إذَا شَرَعَ فِي عَمَلِهِ فِي مِثْلِ الْأَيَّامِ الْيَسِيرَةِ جَازَ وَإِنَّمَا يُكْرَهُ ذَلِكَ إذَا
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute