للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَكِيلٌ بِبَلَدٍ يُجَهِّزُ إلَيْهِ الْمَتَاعَ أَنَّ مَا بَاعَ وَاشْتَرَى بَعْدَ مَوْتِ الْآمِرِ وَلَمْ يَعْلَمْ بِمَوْتِهِ فَهُوَ لَازِمٌ لِلْوَرَثَةِ، وَمَا بَاعَ أَوْ اشْتَرَى بَعْدَ عِلْمِهِ بِمَوْتِهِ لَمْ يَلْزَمْهُمْ؛ لِأَنَّ وَكَالَتَهُ قَدْ انْفَسَخَتْ. وَانْظُرْ قَدْ نَصُّوا أَنَّ الْوَكِيلَ عَلَى الْخِصَامِ يَنْعَزِلُ بِمُضِيِّ سِتَّةِ أَشْهُرٍ إلَّا أَنْ يَكُونَ الْخِصَامُ مُتَّصِلًا.

الْبُرْزُلِيِّ: وَقَالَ بَعْضُ الْمُوَثَّقِينَ: أَوْ فِي قَضِيَّةٍ مُعَيَّنَةٍ (وَإِلَّا فَتَأْوِيلَانِ) ابْنُ رُشْدٍ: فَإِذَا لَمْ يَعْلَمْ الْوَكِيلُ بِمَوْتِ مُوَكِّلِهِ، أَوْ عُزِلَ وَلَمْ يَعْلَمْ بِعَزْلِهِ، فَقِيلَ: إنَّهُ مَعْزُولٌ بِنَفْسِ الْعَزْلِ أَوْ الْمَوْتِ، وَهُوَ قَوْلُ ابْنِ الْقَاسِمِ فِي كِتَابِ الشَّرِكَةِ مِنْ الْمُدَوَّنَةِ فِي الَّذِي يَحْجُرُ عَلَى وَكِيلِهِ فَيَقْبِضُ مِنْ غُرَمَائِهِ بَعْدَ عَزْلِهِ وَهُمْ لَا يَعْلَمُونَ بِذَلِكَ أَنَّهُمْ لَا يَبْرَءُونَ بِالدَّفْعِ إلَيْهِ وَإِنْ لَمْ يَعْلَمْ هُوَ بِعَزْلِهِ. هَذَا هُوَ ظَاهِرُ قَوْلِهِ، وَعَلَى ذَلِكَ كَانَ الشُّيُوخُ يَحْمِلُونَهُ، وَعَلَى ذَلِكَ حَمَلَهُ التُّونِسِيُّ. فَإِذَا لَمْ يَبْرَأْ الْغُرَمَاءُ بِالدَّفْعِ إلَيْهِ فَكَذَلِكَ لَا يَبْرَأُ هُوَ وَيَكُونُ لِلْغُرَمَاءِ أَنْ يَرْجِعُوا عَلَيْهِ وَإِنْ تَلِفَ الْمَالُ بِيَدِهِ؛ لِأَنَّهُ أَخْطَأَ عَلَى مَالِ غَيْرِهِ.

فَهَذَا يُبَيِّنُ أَنَّ الْوَكَالَةَ تَنْفَسِخُ فِي حَقِّهِ وَحَقِّ مَنْ عَامَلَهُ أَوْ دَفَعَ إلَيْهِ بِنَفْسِ الْعَزْلِ أَوْ الْمَوْتِ. وَقِيلَ: إنَّهُ لَا يَكُونُ مَعْزُولًا فِي حَقِّ أَحَدٍ إلَّا بِوُصُولِ الْعِلْمِ إلَيْهِ فَيَكُونُ مَعْزُولًا فِي حَقِّهِ بِوُصُولِ الْعِلْمِ إلَيْهِ وَفِي حَقِّ مَنْ بَايَعَهُ أَوْ دَفَعَ إلَيْهِ بِوُصُولِ الْعِلْمِ إلَيْهِ. وَهَذَا قَوْلُ مَالِكٍ فِي الْوَكَالَاتِ مِنْ الْمُدَوَّنَةِ فِي مَسْأَلَةِ الْوَرَثَةِ الْمُتَقَدِّمَةِ الذِّكْرِ. وَكَذَلِكَ يَبْرَأُ مَنْ دَفَعَ إلَيْهِ إذَا لَمْ يَعْلَمْ بِمَوْتِ الْمُوَكِّلِ عَلَى قِيَاسِ قَوْلِهِ.

وَعَلَى قَوْلِ مَالِكٍ هَذَا، لَوْ عَلِمَ الْوَكِيلُ بِمَوْتِ مُوَكِّلِهِ فَبَاعَ وَلَمْ يَعْلَمْ الْمُشْتَرِي بِذَلِكَ فَتَلِفَتْ السِّلْعَةُ الْمَبِيعَةُ عِنْدَهُ لَكَانَ الْوَكِيلُ ضَامِنًا لِقِيمَتِهَا لِانْفِسَاخِ الْوَكَالَةِ فِي حَقِّهِ لِعِلْمِهِ بِمَوْتِهِ وَتَعَدِّيهِ فِيمَا لَا تَصَرُّفَ لَهُ فِيهِ، وَلَمْ يَكُنْ عَلَى الْمُشْتَرِي أَنْ يَرُدَّ الْغَلَّةَ إذَا أُخِذَتْ مِنْهَا السِّلْعَةُ. وَلَوْ لَمْ يَعْلَمْ الْوَكِيلُ بِمَوْتِهِ وَعَلِمَ الْمُشْتَرِي لَكَانَ عَلَيْهِ أَنْ يَرُدَّ الْغَلَّةَ إذَا أُخِذَتْ مِنْهُ السِّلْعَةُ لِتَعَدِّيهِ بِابْتِيَاعِ مَا قَدْ انْفَسَخَتْ الْوَكَالَةُ فِيهِ فِي حَقِّهِ. اُنْظُرْ الْمُقَدَّمَاتِ.

(وَفِي عَزْلِهِ بِعَزْلِهِ وَلَمْ يَعْلَمْ خِلَافٌ) ابْنُ عَرَفَةَ: فِي انْعِزَالِ الْوَكِيلِ بِنَفْسِ عَزْلِهِ وَمَوْتِ مُوَكِّلِهِ أَوْ مَعَ عِلْمِهِ ذَلِكَ أَرْبَعَةُ أَقْوَالٍ.

قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ فِي كِتَابِ الشَّرِكَةِ: يَنْعَزِلُ الْوَكِيلُ بِنَفْسِ عَزْلِهِ وَمَوْتِ مُوَكِّلِهِ. ابْنُ رُشْدٍ: هَذَا هُوَ ظَاهِرُهَا وَعَلَيْهِ حَمَلَهَا التُّونِسِيُّ وَالشُّيُوخُ.

قَالَ اللَّخْمِيِّ: وَهُوَ ظَاهِرُ الْمَذْهَبِ.

وَنَقَلَ ابْنُ الْمُنْذِرِ الْإِجْمَاعَ عَلَيْهِ. هَذَا هُوَ الْقَوْلُ الثَّانِي لِأَشْهَبَ. اُنْظُرْ فِيهِ الْقَوْلَ الثَّالِثَ: يَنْعَزِلُ بِنَفْسِ عَزْلِهِ وَمَوْتِ مُوَكِّلِهِ مَعَ عِلْمِهِ ذَلِكَ فَقَطْ فِي حَقِّهِ وَفِي حَقِّ الْمَدِينِ بِعِلْمِهِ، وَهُوَ قَوْلُ مَالِكٍ أَوَّلَ وَكَالَتِهَا مَعَ ابْنِ الْقَاسِمِ فِي الشَّرِيكَيْنِ. الْقَوْلُ الرَّابِعُ رَوَاهُ اللَّخْمِيِّ: يَنْعَزِلُ بِنَفْسِ الْمَوْتِ وَإِنْ لَمْ يَعْلَمْ وَفِي الْعَزْلِ إنْ عَلِمَ، وَلِابْنِ رُشْدٍ: أَجْمَعُوا فِي الرَّجُلِ يُوَكِّلُ الرَّجُلَ عَلَى بَيْعِ سِلْعَتِهِ ثُمَّ يَبِيعُهَا هُوَ وَيَبِيعُهَا الْوَكِيلُ بَعْدَهُ وَهُوَ يَعْلَمُ بِبَيْعِ صَاحِبِهِ أَنَّهَا تَكُونُ لِلثَّانِي إنْ قَبَضَهَا، وَفِي إجْمَاعِهِمْ عَلَى هَذَا دَلِيلٌ عَلَى أَنَّ وَكَالَتَهُ لَا تَنْفَسِخُ بِنَفْسِ الْفَسْخِ حَتَّى يَعْلَمَ الْوَكِيلُ بِفَسْخِهِ إيَّاهَا أَوْ يَعْلَمَ بِذَلِكَ الْمُشْتَرِي إنْ عَلِمَ انْتَهَى.

وَمُقْتَضَى هَذَا أَنَّ الْقَوْلَ الثَّانِيَ وَالرَّابِعَ لَيْسَا بِمَشْهُورَيْنِ بِخِلَافِ الْأَوَّلِ وَالثَّالِثِ، وَقَدْ ذَكَرْتُ نَصَّ ابْنِ رُشْدٍ فِي

<<  <  ج: ص:  >  >>