للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

يَقْتَسِمَاهُ عَلَى ذَلِكَ وَإِنَّمَا يَقْتَسِمَانِ الثَّمَنَ. اهـ مِنْ اللَّخْمِيِّ.

وَاَلَّذِي لِابْنِ رُشْدٍ: سَوَاءٌ خَلَطَهُمَا عَدَاءً أَوْ غَيْرَ عَدَاءٍ. قَالَ: وَاَلَّذِي يُوجِبُهُ الْحُكْمُ أَنْ يَقْتَسِمَاهُ بَيْنَهُمَا مَخْلُوطًا عَلَى قِيمَةِ الْقَمْحِ وَالشَّعِيرِ يَوْمَ الْخَلْطِ وَيُقَوَّمُ الْقَمْحُ غَيْرَ مَعِيبٍ خِلَافَ قَوْلِ سَحْنُونٍ أَنَّ الْقَمْحَ يُقَوَّمُ مَعِيبًا وَالشَّعِيرَ غَيْرَ مَعِيبٍ. وَقَوْلُهُ: " يُبَاعُ وَيَقْتَسِمَانِ الثَّمَنَ " اسْتِحْسَانٌ إذْ لَا مَانِعَ يَمْنَعُ مِنْ اقْتِسَامِ الطَّعَامِ بِعَيْنِهِ عَلَى الْقِيَمِ، وَلَوْ لَمْ يَجُزْ اقْتِسَامُهُ بِعَيْنِهِ عَلَى الْقِيَمِ لَمَا جَازَ اقْتِسَامُ ثَمَنِهِ عَلَى ذَلِكَ؛ لِأَنَّهُ إنَّمَا يُبَاعُ عَلَى مِلْكِهِمَا فَإِنَّمَا هُوَ يَأْخُذُ ثَمَنَ مَا كَانَ أَخَذَهُ لَهُ، وَلَا يَجُوزُ لَهُمَا أَنْ يَقْتَسِمَاهُ عَلَى الْكَيْلِ. رَاجِعْ نَوَازِلَ ابْنِ رُشْدٍ، وَثَانِي تَرْجَمَةٍ مِنْ الْوَدِيعَةِ مِنْ اللَّخْمِيِّ، وَأَوَّلُ تَرْجَمَةٍ مِنْ الْوَدِيعَةِ مِنْ ابْنِ يُونُسَ. وَانْظُرْ إجَازَتَهُمْ بِبَيْعِ الْقَمْحِ الْمَخْلُوطِ مَعَ الشَّعِيرِ إنَّمَا جَازَ ذَلِكَ؛ لِأَنَّهُ بِغَيْرِ فِعْلِهِمَا. وَانْظُرْ اخْتِلَاطَ الزَّرْعِ عِنْدَ الْحَصَادِ أَوَّلَ تَرْجَمَةِ الْمُزَارَعَةِ مِنْ ابْنِ سَلْمُونَ.

وَذَكَرَ عَنْ ابْنِ حَبِيبٍ أَنَّهُمْ يَقْتَسِمُونَهُ عَلَى حَسَبِ الزَّرِيعَةِ. وَمِنْ رَسْمِ حَلَفَ مِنْ سَمَاعِ عِيسَى: يَحْلِفُ كُلُّ وَاحِدٍ عَلَى مَا بَذَرُوا وَيَقْتَسِمُونَ الطَّعَامَ عَلَى عَدَدِ ذَلِكَ قَالَ ابْنُ رُشْدٍ: وَهَذَا كَمَا قَالَ وَمَعْنَى هَذَا عِنْدِي بَعْدَ أَنْ يَتَرَاجَعُوا بِمَا لِبَعْضِهِمْ عَلَى بَعْضٍ مِنْ فَضْلٍ فِي الْعَمَلِ.

وَقَالَ ابْنُ أَبِي زَيْدٍ فِي قِسْمَةِ الشَّعِيرِ وَالزَّيْتُونِ عِنْدَ الْخَلْطِ أَنْ يَتَقَارَرَ أَرْبَابُ ذَلِكَ بَيْنَهُمْ عَلَى شَيْءٍ مَعْلُومٍ فَهُوَ كَذَلِكَ، وَإِنْ تَجَاهَلُوا فَلَيْسَ إلَّا الِاصْطِلَاحُ.

قَالَ الْبُرْزُلِيِّ: كَثِيرًا مَا يَقَعُ عِنْدَنَا بِتُونُسَ تَأْتِي السُّيُولُ بِالزَّيْتُونِ فِي تِلْكَ الْأَوْدِيَةِ، وَحُكِيَ هَكَذَا. وَكَذَلِكَ مَا اخْتَلَطَ عَلَى يَدِ اللُّصُوصِ مِنْ الزَّرْعِ وَالْأَطْعِمَةِ وَكَذَا مَا وَقَعَ فِي الرِّوَايَةِ فِي السُّفُنِ إذَا اخْتَلَطَ فِيهَا الطَّعَامُ.

وَفِي طُرَرِ ابْنِ عَاتٍ: إذَا اخْتَلَطَ الْكَتَّانُ فِي الْوَادِي لِسَيْلٍ أَوْ غَيْرِهِ وَلَمْ يَعْرِفْ كُلُّ وَاحِدٍ مَالَهُ تَحَلَّلَ أَصْحَابُهُ فِي ذَلِكَ. وَانْظُرْ مَا تَقَدَّمَ فِي الطَّعَامِ الْمُسْتَهْلَكِ أَنَّهُ إنْ أَخَذَ مَا لَا يَشُكُّ أَنَّهُ أَقَلُّ مِنْ طَعَامِهِ جَازَ مَعَ مَا تَقَدَّمَ لِابْنِ حَبِيبٍ مِنْ قِسْمَةِ الزَّرْعِ الْمَخْلُوطِ عَلَى حَسَبِ الزَّرِيعَةِ مَعَ مَا تَقَدَّمَ لِابْنِ رُشْدٍ مِنْ تَخْفِيفِ اقْتِسَامِ الطَّعَامِ الْمَخْلُوطِ بِالْقِيمَةِ. وَلَوْ خُلِطَ عَدَاءً هَلْ يَكُونُ ذَلِكَ كُلُّهُ مُسَوِّغًا لِلَّذِينَ يَخْلِطُونَ أَلْبَانَهُمْ أَنْ يَأْخُذَ الْإِنْسَانُ مِنْ الْجُبْنِ الْقَدْرَ الَّذِي لَا يَشُكُّ أَنَّهُ يَخْرُجُ لَهُ مِنْ لَبَنِ غَنَمِهِ لَوْ أَفْرَدَهَا؟ وَقَدْ بَسَطْت فِي سُنَنِ الْمُهْتَدِينَ أَنَّ إقْدَامَ الْمَرْءِ عَلَى شَيْءٍ بِتَأْوِيلٍ لَيْسَ كَمَنْ أَقْدَمَ عَلَيْهِ مُجَاهِرًا، وَمَنْ أَكَلَ حَرَامًا يَعْتَقِدُ أَنَّهُ حَلَالٌ أُثِيبَ عَلَى قَصْدِهِ وَلَا يُعَاقَبُ عَلَى فِعْلِهِ وَلَا يُظْلِمُ بِهِ قَلْبُهُ، وَمَنْ أَقْدَمَ عَلَى حَلَالٍ صِرْفٍ يَعْتَقِدُ شُبْهَتَهُ قَسَا قَلْبُهُ بِهِ وَأَظْلَمَ، وَإِنْ كَانَ مُعْتَقِدًا حُرْمَتَهُ كَانَ ذَلِكَ جُرْحَةً فِيهِ وَعَلَيْهِ دَرْكُ الْمُخَالَفَةِ مَعَ كَوْنِ ذَلِكَ الشَّيْءِ فِي نَفْسِهِ حَلَالًا صِرْفًا. وَانْظُرْ الْخَلِيطَيْنِ جُعِلَا فِي الزَّكَاةِ كَمَالِكٍ وَاحِدٍ فِي الْغَالِبِ لَوْ كَانَ الرَّاعِي يَحْلُبُ غَنَمَ كُلِّ خَلِيطٍ عَلَى حِدَةٍ.

(وَبِانْتِفَاعِهِ بِهَا أَوْ سَفَرِهِ إنْ قَدَرَ عَلَى أَمِينٍ إلَّا أَنْ تُرَدَّ سَالِمَةً) مِنْ الْمُدَوَّنَةِ: مَنْ أَوْدَعْته دَرَاهِمَ أَوْ حِنْطَةً أَوْ مَا يُكَالُ أَوْ يُوزَنُ فَاسْتُهْلِكَ بَعْضُهَا ثُمَّ هَلَكَ بَقِيَّتُهَا لَمْ يَضْمَنْ إلَّا مَا اُسْتُهْلِكَ أَوَّلًا، وَلَوْ كَانَ رَدَّ مَا اُسْتُهْلِكَ لَمْ يَضْمَنْ

<<  <  ج: ص:  >  >>