للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

شَيْئًا إنْ ضَاعَتْ وَهُوَ مُصَدَّقٌ أَنَّهُ رَدَّ فِيهَا مَا أَخَذَ مِنْهَا كَمَا يُصَدَّقُ فِي رَدِّهَا إلَيْكَ وَفِي تَلَفِهَا. وَكَذَلِكَ لَوْ تَسَلَّفَ جَمِيعَهَا ثُمَّ رَدَّ مِثْلَهَا مَكَانَهَا بَرِئَ كَانَ أَخَذَهَا عَلَى السَّلَفِ أَوْ عَلَى غَيْرِهِ، وَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ إنْ هَلَكَتْ بَعْدَ أَنْ رَدَّهَا. وَلَوْ كَانَتْ ثِيَابًا فَلَبِسَهَا حَتَّى بَلِيَتْ أَوْ اسْتَهْلَكَهَا ثُمَّ رَدَّ مِثْلَهَا لَمْ تَبْرَأْ ذِمَّتُهُ مِنْ قِيمَتِهَا؛ لِأَنَّهُ إنَّمَا لَزِمَتْهُ قِيمَةٌ. وَمِنْ كِتَابِ ابْنِ الْمَوَّازِ: مَنْ اسْتَوْدَعَ دَابَّةً أَوْ ثَوْبًا فَأَقَرَّ الْمُسْتَوْدَعُ بِرُكُوبِ الدَّابَّةِ وَلِبَاسِ الثَّوْبِ وَقَالَ هَلَكَ بَعْدَ أَنْ رَدَدْتُهُ وَهُوَ مُصَدَّقٌ.

وَفِي كِتَابِ ابْنِ سَحْنُونٍ: هُوَ ضَامِنٌ؛ لِأَنَّهُ لَمَّا رَكِبَهَا ضَمِنَ بِالتَّعَدِّي إلَّا إنْ أَقَامَ بَيِّنَةً أَنَّهُ نَزَلَ عَنْهَا سَالِمَةً ثُمَّ تَلِفَتْ. وَقَالَ بَعْضُ أَصْحَابِنَا: هُوَ ضَامِنٌ حَتَّى يَرُدَّهَا لِحَالِهَا. ابْنُ يُونُسَ: وَهَذِهِ الْأَقْوَالُ فِي مَسْأَلَةِ الثَّوْبِ وَالدَّابَّةِ جَارِيَةٌ عَلَى الْخِلَافِ فِي قَوْلِ مَالِكٍ فِي رَدِّهِ لِمَا تَسَلَّفَ مِنْ الْوَدِيعَةِ. وَمِنْ الْمُدَوَّنَةِ: إنْ أَرَادَ سَفَرًا وَخَافَ عَوْرَةَ مَنْزِلِهِ فَيُودِعُهَا ثِقَةً. ابْنُ عَرَفَةَ: ظَاهِرُهُ وَلَوْ كَانَ دُونَهُ فِي ثِقَتِهِ. ابْنُ شَاسٍ: إنْ سَافَرَ بِهَا مَعَ الْقُدْرَةِ عَلَى إيدَاعِهَا عِنْدَ أَمِينٍ ضَمِنَ، فَإِنْ سَافَرَ بِهَا عِنْدَ الْعَجْزِ عَنْ ذَلِكَ كَمَا لَوْ كَانَ فِي قَرْيَةٍ مَثَلًا لَمْ يَضْمَنْ. ابْنُ شَاسٍ وَإِنْ أَوْدَعَهَا عِنْدَ غَيْرِهِ لِغَيْرِ عُذْرٍ ثُمَّ اسْتَرَدَّهَا لَمْ يَضْمَنْ بَعْدَ ذَلِكَ كَرَدِّهِ لِمَا تَسَلَّفَ مِنْهَا. وَانْظُرْ حُكْمَ الْبِضَاعَةِ قَالَ مَالِكٌ: لَيْسَ السَّفَرُ كَالْحَضَرِ.

قَالَ ابْنُ شَاسٍ: وَإِنَّمَا دَفَعَ لَهُ الْمَالَ فِي السَّفَرِ لِيَكُونَ مَعَهُ فَيَضْمَنَ الْبِضَاعَةَ إنْ دَفَعَهَا لِغَيْرِهِ. وَانْظُرْ إذَا عَرَضَ لَهُ إقَامَةٌ أَثْنَاءَ طَرِيقِهِ، هَلْ يَضْمَنُ إنْ لَمْ يَبْعَثْهَا لِرَبِّهَا أَوْ الْعَكْسُ. اُنْظُرْ رَسْمَ شَكَّ مِنْ سَمَاعِ ابْنِ الْقَاسِمِ مِنْ الْبَضَائِعِ وَالْوَكَالَاتِ.

(وَحَرُمَ سَلَفُ مُقَوَّمٍ وَمُعْدِمٍ) اللَّخْمِيِّ: لَيْسَ لِلْمُودَعِ أَنْ يَتَسَلَّفَ الْوَدِيعَةَ إذَا كَانَ فَقِيرًا، فَإِنْ كَانَ مُوسِرًا، فَإِنْ كَانَتْ الْوَدِيعَةُ عُرُوضًا أَوْ مِمَّا يُقْضَى فِيهِ بِالْقِيمَةِ أَوْ مِمَّا يُكَالُ أَوْ يُوزَنُ وَكَانَ يَكْثُرُ اخْتِلَافُهُ وَلَا يَتَحَصَّلُ أَمْثَالُهُ كَالْكَتَّانِ فَلَيْسَ لِلْمُوسِرِ أَيْضًا أَنْ يَتَسَلَّفَهَا (وَكُرِهَ النَّقْدُ) الْبَاجِيُّ: اُخْتُلِفَ فِي جَوَازِ التَّسَلُّفِ مِنْ الْوَدِيعَةِ بِغَيْرِ إذْنِ رَبِّهَا؛ فَفِي الْمَعُونَةِ أَنَّهُ مَكْرُوهٌ.

وَفِي الْعُتْبِيَّةِ عَنْ مَالِكٍ تَرْكُهُ أَحَبُّ إلَيَّ، وَقَدْ أَجَازَهُ بَعْضُ النَّاسِ فَرُوجِعَ فِي ذَلِكَ فَقَالَ: إنْ كَانَ لَهُ مَالٌ فِيهِ وَفَاءٌ وَأَشْهَدَ فَأَرْجُو أَنْ لَا بَأْسَ بِهِ. الْبَاجِيُّ: وَهَذَا فِي الدَّنَانِيرِ وَالدَّرَاهِمِ. وَوَجْهُ الْجَوَازِ إذَا قُلْنَا إنَّ

<<  <  ج: ص:  >  >>