قَالَ مَالِكٌ: لِهَذِهِ الْأُمُورِ وُجُوهٌ. أَرَأَيْت لَوْ مَرَّ عَلَيْهَا عِشْرُونَ سَنَةً ثُمَّ مَاتَ رَبُّهَا فَقَامَ يَطْلُبُهَا مَا رَأَيْت لَهُ شَيْئًا، وَكَأَنِّي رَأَيْته يَرَى إنْ كَانَ قَرِيبًا أَنَّ ذَلِكَ لَهُ وَهُوَ رَأْيٌ، وَإِنْ كَانَ إنَّمَا لِذَلِكَ السَّنَةَ وَشِبْهَهَا ثُمَّ مَاتَ ثُمَّ طَلَبَ الَّذِي أَقَرَّ لَهُ لَرَأَيْته فِي مَالِهِ. ابْنُ رُشْدٍ: هَذَا كَمَا قَالَ إنَّهُ مَنْ أَقَرَّ بِوَدِيعَةٍ دُونَ أَنْ يُشْهِدَ عَلَيْهِ بِهَا ثُمَّ مَاتَ وَلَمْ يُوجَدْ أَنْ لَا شَيْءَ عَلَيْهِ إنْ طَالَتْ الْمُدَّةُ؛ لِأَنَّهُ لَوْ كَانَ حَيًّا وَادَّعَى رَدَّهَا كَانَ الْقَوْلُ قَوْلَهُ مَعَ يَمِينِهِ.
وَقَالَ: الطُّولُ عِشْرُونَ سَنَةً وَكَذَا عَشْرُ سِنِينَ عَلَى مَا قَالَ فِي مَوْضِعٍ آخَرَ. ابْنُ عَرَفَةَ: فَيَقِلُّ ابْنُ الْحَاجِبِ قَوْلُ مَالِكٍ مَا لَمْ يَتَقَادَمْ دُونَ ثُبُوتِ تَقْيِيدِ الْوَدِيعَةِ بِإِقْرَارِهِ الْمُودَعِ غَفْلَةٌ أَوْ غَلَطٌ، وَالتَّعَقُّبُ عَلَى شَارِحَيْهِ أَشَدُّ. وَأَخَذَ ابْنُ سَهْلٍ مِنْ قَوْلِهَا فِي الْوَدِيعَةِ أَنَّ مَنْ تَصَدَّقَ عَلَى ابْنِهِ الصَّغِيرِ بِثِيَابٍ وَأَرَاهَا الشُّهُودَ ثُمَّ مَاتَ وَلَمْ تُوجَدْ فِي تَرِكَتِهِ أَنَّهُ يُقْضَى لِابْنِهِ بِقِيمَتِهَا فِي تَرِكَتِهِ. رَاجِعْ ابْنَ عَرَفَةَ.
(وَأَخَذَهَا إنْ ثَبَتَ بِكِتَابَةٍ عَلَيْهَا أَنَّهَا لَهُ أَنَّ ذَلِكَ خَطُّهُ أَوْ خَطُّ الْمَيِّتِ) سَمِعَ أَبُو زَيْدٍ ابْنَ الْقَاسِمِ: مَنْ هَلَكَ وَتَرَكَ وَدَائِعَ وَلَمْ يُوصِ فَتُوجَدُ صُرَرٌ فِيهَا وَدِيعَةُ فُلَانٍ وَفِيهَا كَذَا وَكَذَا دِينَارًا وَلَا بَيِّنَةَ أَنَّهُ اسْتَوْدَعَهَا إيَّاهُ إلَّا بِقَوْلِهِ وَوَجَدُوهَا عِنْدَ الْهَالِكِ كَمَا ادَّعَى، لَا شَيْءَ لَهُ فِيهَا. ابْنُ رُشْدٍ: لَا يُقْضَى لِمَنْ وَجَدَ عَلَيْهَا اسْمَهُ إنْ لَمْ تَكُنْ بِخَطِّهِ وَلَا بِخَطِّ الْمُودَعِ، فَإِنْ كَانَتْ بِخَطِّ الْمُتَوَفَّى الَّذِي وُجِدَتْ عِنْدَهُ فَهِيَ لِمَنْ وُجِدَ اسْمُهُ عَلَيْهَا اتِّفَاقًا إلَّا عَلَى مَنْ لَا يَرَى الشَّهَادَةَ عَلَى الْخَطِّ. وَإِنْ كَانَ بِخَطِّ مُدَّعِي الْوَدِيعَةَ فَقَالَ أَصْبَغُ: إنَّهُ يُقْضَى لَهُ بِهَا مَعَ كَوْنِهَا فِي حَوْزِ الْمُسْتَوْدَعِ.
قَالَ ابْنُ دَحُونَ: لَا يُقْضَى لَهُ بِهَا لِاحْتِمَالِ أَنْ يَكُونَ بَعْضُ الْوَرَثَةِ أَخْرَجَهَا لَهُ فَكَتَبَ عَلَيْهَا اسْمَهُ وَأَخَذَ مِنْهُ عَلَى ذَلِكَ جُعْلًا. اُنْظُرْ فِي ابْنِ عَرَفَةَ هُنَا الْمَبْعُوثُ مَعَهُ بِمَالٍ يَقُولُ دَفَعْته لَهُ وَالْآخَرُ يُنْكِرُ (وَبِسَعْيِهِ بِهَا لِمُصَادِرٍ) ابْنُ عَرَفَةَ: قَوْلُ ابْنِ شَاسٍ " لَوْ سَعَى بِهَا لِمُصَادِرٍ ضَمِنَهَا " وَاضِحٌ لِتَسَبُّبِهِ فِي تَلَفِهَا وَلَا أَعْلَمُ نَصَّ الْمَسْأَلَةِ إلَّا لَلْغَزَالِيِّ اهـ. وَقَدْ تَقَدَّمَ أَنَّهُ يَضْمَنُ إذَا أَخْفَاهَا مِنْ ظَالِمٍ خَوْفَ الْمَغْرَمِ.
(وَبِمَوْتِ الْمُرْسَلِ مَعَهُ بِبَلَدٍ إنْ لَمْ يَصِلْ إلَيْهِ) مِنْ الْمُدَوَّنَةِ قَالَ مَالِكٌ: إنْ بَعَثَ بِمَالٍ إلَى رَجُلٍ بِبَلَدٍ فَقَدِمَهَا الرَّسُولُ ثُمَّ مَاتَ بِهَا وَزَعَمَ الرَّجُلُ أَنَّ الرَّسُولَ لَمْ يَدْفَعْ إلَيْهِ شَيْئًا، فَلَا شَيْءَ لَكَ فِي تَرِكَةِ الرَّسُولِ وَلَكَ الْيَمِينُ عَلَى مَنْ يَحُوزُ أَمْرَهُ مِنْ وَرَثَتِهِ أَنَّهُ مَا يَعْلَمُ لَكَ شَيْئًا. وَلَوْ مَاتَ الرَّسُولُ قَبْلَ أَنْ يَبْلُغَ الْبَلَدَ فَلَمْ يُوجَدْ لِلْمَالِ أَثَرٌ فَإِنَّهُ يَضْمَنُهُ وَيُؤْخَذُ مِنْ تَرِكَتِهِ. اللَّخْمِيِّ: وَجْهُ هَذَا أَنَّهُ فِي الطَّرِيقِ مُودَعٌ وَهُوَ يَقُولُ فِي الْوَدِيعَةِ إذَا مَاتَ الْمُودَعُ وَلَمْ تُوجَدْ الْوَدِيعَةُ أَنَّهَا فِي مَالِهِ وَبَعْدَ الْوُصُولِ وَكِيلٌ عَلَى الدَّفْعِ، وَمَحْصُولُهُ أَنَّهُ امْتَثَلَ مَا وُكِّلَ عَلَيْهِ وَقَدْ يَخْفَى عَلَى وَرَثَتِهِ مَنْ كَانَ أَشْهَدَ عَلَى دَفْعِهَا فَلَا يَضْمَنُ بِالشَّكِّ. ابْنُ عَرَفَةَ: الْأَقْوَالُ فِي هَذَا خَمْسَةٌ.
(وَبِكَلُبْسٍ الثَّوْبِ وَرُكُوبِ الدَّابَّةِ) ابْنُ عَرَفَةَ: لَوْ هَلَكَ مَا لَبِسَهُ الْمُودَعُ مِنْ ثَوْبٍ أَوْ رَكِبَهُ مِنْ دَابَّةٍ فَفِي تَصْدِيقِهِ مَعَ يَمِينِهِ أَنَّهُ هَلَكَ بَعْدَ رَدِّهِ إنْ ثَبَتَ، وَإِنْ أَنْكَرَ وَقَامَتْ بِهِ بَيِّنَةٌ وَتَضْمِينُهُ مُطْلَقًا إلَّا بِبَيِّنَةٍ أَنَّهُ نَزَلَ عَنْهَا وَهِيَ سَالِمَةٌ ثَالِثُهَا يَضْمَنُ حَتَّى بِرَدِّهَا لِمُحَمَّدٍ قَائِلًا:
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute