وَمِنْ كِتَابِ ابْنِ الْمَوَّازِ: مَنْ أَبْضَعَ مَعَهُ بِضَاعَةً فَلَيْسَ لَهُ أَنْ يُودِعَهَا وَلَا أَنْ يَبْعَثَ بِهَا مَعَ غَيْرِهِ إلَّا أَنْ تَحْدُثَ لَهُ إقَامَةٌ وَلَا يَجِدُ صَاحِبَهَا وَيَجِدُ مَنْ يَخْرُجُ إلَى حَيْثُ هُوَ صَاحِبُهَا فَلَهُ تَوْجِيهُهَا.
(وَبِإِنْزَائِهِ عَلَيْهَا فَمُتْنَ وَإِنْ مِنْ الْوِلَادَةِ كَأَمَةٍ زَوَّجَهَا فَمَاتَتْ مِنْ الْوِلَادَةِ) مِنْ الْمُدَوَّنَةِ: مَنْ أَوْدَعْتَهُ بَقَرًا أَوْ أُتُنًا أَوْ نُوقًا فَأَنْزَى عَلَيْهَا فَحَمَلَتْ فَمُتْنَ مِنْ الْوِلَادَةِ، أَوْ كَانَتْ أَمَةً فَزَوَّجَهَا فَحَمَلَتْ فَمَاتَتْ مِنْ الْوِلَادَةِ، فَهُوَ ضَامِنٌ وَكَذَلِكَ لَوْ عَطِبَتْ تَحْتَ الْفَحْلِ.
(وَبِجَحْدِهَا إنْ قَامَتْ بَيِّنَةٌ ثُمَّ فِي قَبُولِ بَيِّنَةِ الرَّدِّ خِلَافٌ) اللَّخْمِيِّ: اُخْتُلِفَ إذَا أَنْكَرَ الْإِيدَاعَ فَلَمَّا شَهِدَتْ الْبَيِّنَةُ عَلَيْهِ أَقَامَ بَيِّنَتَهُ أَنَّهُ رَدَّهَا، فَقِيلَ لَا تُقْبَلُ بَيِّنَتُهُ؛ لِأَنَّهُ كَذَّبَهَا بِقَوْلِهِ مَا أَوْدَعْتَنِي وَكَذَلِكَ إذَا قَالَ مَا اشْتَرَيْت مِنْكَ فَلَمَّا أَقَامَ عَلَيْهِ الْبَيِّنَةَ بِالشِّرَاءِ أَقَامَ هُوَ عَلَيْهِ الْبَيِّنَةَ بِالدَّفْعِ وَقِيلَ يُقْبَلُ قَوْلُهُ فِي الْمَوْضِعَيْنِ جَمِيعًا وَهُوَ أَحْسَنُ؛ لِأَنَّهُ يَقُولُ أَرَدْت أَنْ لَا أَتَكَلَّفَ بَيِّنَةً.
وَقَالَ ابْنُ يُونُسَ: قَالَ ابْنُ حَبِيبٍ: قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ وَأَشْهَبُ وَمُطَرِّفٌ وَابْنُ الْمَاجِشُونِ وَأَصْبَغُ: مَنْ اُسْتُوْدِعَ وَدِيعَةً بِبَيِّنَةٍ فَجَحَدَهَا ثُمَّ أَقَرَّ أَنَّهُ رَدَّهَا وَأَقَامَ الْبَيِّنَةَ بِرَدِّهَا فَإِنَّهُ ضَامِنٌ؛ لِأَنَّهُ أَكْذَبَ بَيِّنَتَهُ إذْ قَالَ لَمْ أَجِدْهَا يُرِيدُ أَوْ قَالَ مَا أَوْدَعْتَنِي شَيْئًا. وَأَمَّا لَوْ قَالَ مَالَكَ عِنْدِي شَيْءٌ فَالْبَيِّنَةُ بِالْبَرَاءَةِ تَنْفَعُهُ، وَكَذَلِكَ فِي الْقِرَاضِ وَالْبِضَاعَةِ. ابْنُ رُشْدٍ: وَمِنْ هَذَا الْأَصْلِ مَنْ مَلَكَ امْرَأَتَهُ بِكَلَامٍ يَقْتَضِي التَّمْلِيكَ فَقَضَتْ بِالثَّلَاثِ فَأَنْكَرَ أَنْ يَكُونَ أَرَادَ بِذَلِكَ الطَّلَاقَ، ثُمَّ قَالَ: أَرَدْت وَاحِدَةً. ثُمَّ قَالَ فِيمَنْ أَنْكَرَ دَعْوَى، فَلَمَّا أَقَامَتْ عَلَيْهِ الْبَيِّنَةُ جَاءَ بِالْمَخْرَجِ مِنْهَا مِمَّا لَوْ جَاءَ بِذَلِكَ قَبْلَ الْإِنْكَارِ لَقُبِلَتْ مِنْهُ؛ فَقِيلَ: إنَّ ذَلِكَ لَا يُقْبَلُ مِنْهُ، وَقِيلَ يُقْبَلُ مِنْهُ، وَقِيلَ إلَّا فِي اللِّعَانِ، وَقِيلَ إلَّا فِي الْحُدُودِ وَالْأَمْوَالِ. اُنْظُرْ قَبْلَ رَسْمِ أَخَذَ يَشْرَبُ خَمْرًا مِنْ كِتَابِ الْبَضَائِعِ.
وَقَالَ ابْنُ زَرْقُونٍ: يَتَحَصَّلُ فِيمَنْ أَنْكَرَ أَمَانَةً ثُمَّ ادَّعَى ضَيَاعَهَا أَوْ رَدَّهَا ثَلَاثَةُ أَقْوَالٍ. الْمَشْهُورُ أَنَّهُ إنْ أَقَامَ بَيِّنَةً عَلَى ضَيَاعِهَا أَوْ رَدِّهَا فَإِنَّ تِلْكَ الْبَيِّنَةَ تَنْفَعُهُ بَعْدَ إنْكَارِهِ.
(وَبِمَوْتِهِ وَلَمْ يُوصِ بِهَا وَلَمْ تُوجَدْ) مِنْ الْمُدَوَّنَةِ: مَنْ هَلَكَ وَقِبَلَهُ قِرَاضٌ وَوَدَائِعُ لَمْ تُوجَدْ وَلَمْ يُوصِ بِهَا فَذَلِكَ فِي مَالِهِ وَيُحَاصُّ بِذَلِكَ غُرَمَاؤُهُ، وَمِثْلُهُ سَمَاعُ ابْنِ الْقَاسِمِ ابْنَ رُشْدٍ وَهَذَا صَحِيحٌ لَا أَعْلَمُ فِيهِ خِلَافًا.
(إلَّا لِكَعَشْرِ سِنِينَ) ابْنُ الْحَاجِبِ: وَمَتَى مَاتَ وَلَمْ يُوصِ بِهَا وَلَمْ تُوجَدْ ضَمِنَ. قَالَ مَالِكٌ: مَا لَمْ تَتَقَادَمْ كَعَشْرِ سِنِينَ. ابْنُ عَرَفَةَ: قَبِلَ هَذَا شَارِحَاهُ عَلَى إطْلَاقِهِ، وَسَمِعَ ابْنُ الْقَاسِمِ الْوَدِيعَةَ يُقِرُّ بِهَا الَّذِي هِيَ عِنْدَهُ دُونَ بَيِّنَةٍ عَلَيْهِ.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute