للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

عَلَفُهُ؟ قَالَ: لَا يَلْزَمُ الْمُحَبِّسَ عَلَفُ الْفَرَسِ الَّذِي حَبَسَهُ إلَّا أَنْ يَشَاءَ، فَإِنْ أَبَى الْمُحَبَّسُ عَلَيْهِ أَنْ يَعْلِفَهُ رَجَعَ إلَى صَاحِبِهِ مِلْكًا إنْ كَانَ حَبَّسَهُ عَلَيْهِ بِعَيْنِهِ وَلَمْ يُبَتِّلْهُ فِي السَّبِيلِ، فَإِنْ كَانَ بَتَّلَهُ فِي السَّبِيلِ أُخِذَ مِنْهُ إنْ أَبَى أَنْ يُنْفِقَ عَلَيْهِ وَدُفِعَ إلَى غَيْرِهِ مِمَّنْ يُلْزَمُ عَلَفُهُ وَيُجَاهِدُ عَلَيْهِ (فَإِنْ رُدَّ فَكَالْمُنْقَطِعِ) ابْنُ الْحَاجِبِ: لَا يُشْتَرَطُ قَبُولُ الْمَوْقُوفِ عَلَيْهِ إلَّا إنْ كَانَ مُعَيَّنًا وَأَهْلًا، فَإِذَا رُدَّ بِذَلِكَ فَقِيلَ يَرْجِعُ مِلْكًا، وَقِيلَ يَكُونُ لِغَيْرِهِ وَذَلِكَ مِنْ نَصِّ ابْنِ رُشْدٍ إنْ حَبَسَهُ عَلَيْهِ بِعَيْنِهِ فَأَبَى أَنْ يَنْفِيَ رَجَعَ إلَى صَاحِبِهِ وَإِلَّا دُفِعَ لِغَيْرِهِ. وَلِلشَّيْخِ: مَنْ أَمَرَ بِشَيْءٍ لِسَائِلٍ فَلَمْ يَقْبَلْهُ دُفِعَ لِغَيْرِهِ.

وَقَالَ مَالِكٌ: مَنْ جُمِعَ لَهُ ثَمَنُ كَفَنٍ ثُمَّ كَفَّنَهُ رَجُلٌ مِنْ عِنْدِهِ رُدَّ مَا جُمِعَ لِأَهْلِهِ.

قَالَ ابْنُ رُشْدٍ: هَذَا مُوَافِقٌ لِلْمُدَوِّنَةِ إنْ فَضَلَتْ لِلْمُكَاتَبِ فَضْلَةٌ رُدَّتْ عَلَى الَّذِينَ أَعَانُوهُ انْتَهَى. اُنْظُرْ نَحْوَ هَذَا فِي أَوَّلِ نَوَازِلِ ابْنِ سَهْلٍ فِيمَنْ طَاعَ بِمَالٍ لِأَسِيرٍ فَهَرَبَ ذَلِكَ الْأَسِيرُ وَأَتَى قَوْمَهُ بِلَا فِدَاءٍ.

قَالَ بَعْضُهُمْ: ذَلِكَ كَاَلَّذِي أَخْرَجَ كِسْرَةً لِمِسْكِينٍ فَلَمْ يَجِدْهُ.

وَقَالَ ابْنُ زَرْبٍ: بَلْ يُرَدُّ إلَى صَاحِبِهِ كَمَا فِي سَمَاعِ أَصْبَغَ فِي الْجَنَائِزِ أَنَّ مَالِكًا قَالَ فِي قَوْمٍ جَمَعُوا دَرَاهِمَ يُكَفِّنُونَ بِهَا مَيِّتًا فَكَفَّنَهُ رَجُلٌ مِنْ عِنْدِهِ: أَنَّ الدَّرَاهِمَ تُرَدُّ إلَى أَهْلِهَا.

وَقَالَهُ ابْنُ الْقَاسِمِ. وَفِي سَمَاعِ عَبْدِ الْمَلِكِ فِيمَنْ أَوْصَى بِدَنَانِيرَ تُنْفَقُ فِي بِنَاءِ دَارٍ مُحَبَّسَةٍ فَاسْتُحِقَّتْ أَنَّ الدَّنَانِيرَ تُرَدُّ إلَى الْوَرَثَةِ. وَفِي نَوَازِلِ ابْنِ الْحَاجِّ فِي قَبْرٍ. اُنْظُرْ فَصْلَ الْوَصِيَّةِ مِنْ ابْنِ سَلْمُونَ.

(وَاتُّبِعَ شَرْطُهُ إنْ جَازَ) ابْنُ الْحَاجِبِ: مَهْمَا شَرَطَ الْوَاقِفُ مَا يَجُوزُ لَهُ اُتُّبِعَ كَتَخْصِيصِ مَدْرَسَةٍ أَوْ رِبَاطٍ أَوْ أَصْحَابِ مَذْهَبٍ بِعَيْنِهِ. الزَّاهِي: لَوْ شَرَطَ الْوَاقِفُ مَا يَجُوزُ أَنْ يُبْدَأَ مِنْ غَلَّتِهَا بِمَنَافِعِ أَهْلِهِ وَيُتْرَكُ إصْلَاحُ مَا يَتَخَرَّمُ مِنْهُ بَطَلَ شَرْطُهُ انْتَهَى.

وَانْظُرْ كَثِيرًا مَا يُتَّفَقُ أَنْ يُتْرَكَ الْحَبْسُ بِلَا إصْلَاحٍ وَالْمُحَبَّسُ عَلَيْهِ يَسْتَغِلُّهُ، هَلْ يَلْزَمُهُ فِي مَالِهِ إصْلَاحُ مَا وَهِيَ مِنْهُ؟ اُنْظُرْ بَعْدَ هَذَا عِنْدَ قَوْلِهِ " لَا يُشْتَرَطُ إصْلَاحُهُ ".

وَفِي نَوَازِلِ ابْنِ سَهْلٍ: إنْ تَرَكَ الْوَكِيلُ جَنَّاتِ الْمَحْجُورِ عَلَيْهِ وَكُرُومَهُ وَأَهْمَلَ عِمَارَتَهَا حَتَّى تَبَوَّرَتْ وَيَبِسَتْ، فَعَلَيْهِ قِيمَةُ مَا نَقَصَ مِنْهَا لِتَضْيِيعِهِ إيَّاهَا. وَذَكَرَ هَذِهِ الْمَسْأَلَةَ فِي الْحَبْسِ. وَإِنَّ مَنْ كَسَرَ خَشَبَةً أَعَادَ الْبُنْيَانَ كَمَا كَانَ وَلَا يُؤْخَذُ مِنْهُ قِيمَتُهُ. وَمِنْ ابْنِ عَرَفَةَ إنْ كَانَ عُلْوٌ وَسُفْلٌ لِرَجُلَيْنِ فَلِرَبِّ الْعُلْوِ رَدُّ تَحْبِيسِ ذِي السُّفْلِ سُفْلَهُ؛ لِأَنَّهُ إنْ فَسَدَ مِنْهُ شَيْءٌ لَمْ يَجِدْ مَنْ يُصْلِحُهُ لَهُ وَكَذَا الْعَكْسُ.

(لِتَخْصِيصِ مَذْهَبٍ أَوْ نَاظِرٍ) ابْنُ عَرَفَةَ: النَّظَرُ فِي الْحَبْسِ لِمَنْ جَعَلَهُ إلَيْهِ مُحَبِّسُهُ. الْمُتَيْطِيُّ: يَجْعَلُهُ لِمَنْ يُوثَقُ بِهِ فِي دِينِهِ وَأَمَانَتِهِ، فَإِنْ غَفَلَ الْمُحَبِّسُ عَنْ ذَلِكَ كَانَ النَّظَرُ فِيهِ لِلْقَاضِي يُقَدِّمُ لَهُ

<<  <  ج: ص:  >  >>