للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَقَدْ قَالَ مَالِكٌ فِي الْمُدَوَّنَةِ فِي بَابٍ آخَرَ: إنَّ كُلَّ مَنْ وَهَبَ هِبَةً لِرَجُلٍ فَمَاتَ الْمَوْهُوبُ لَهُ قَبْلَ أَنْ يَقْبِضَ هِبَتَهُ فَوَرَثَتُهُ مَكَانَهُ يَقْبِضُونَ هِبَتَهُ، وَلَيْسَ لِلْوَاهِبِ أَنْ يَمْنَعَ مِنْ ذَلِكَ مُحَمَّدٌ قَالَ مَالِكٌ: وَلَوْ أَشْهَدَ الْبَاعِثُ أَنَّهَا هَدِيَّةٌ لِفُلَانٍ ثُمَّ طَلَبَ اسْتِرْجَاعَهَا مِنْ الرَّسُولِ قَبْلَ أَنْ يَخْرُجَ فَلَيْسَ ذَلِكَ لَهُ.

(كَأَنْ دَفَعْتَ لِمَنْ يَتَصَدَّقُ عَنْكَ بِمَالٍ وَلَمْ تُشْهِدْ) مِنْ الْمُدَوَّنَةِ قَالَ مَالِكٌ: مَنْ دَفَعَ فِي صِحَّتِهِ مَالًا لِمَنْ يُفَرِّقُهُ فِي الْفُقَرَاءِ أَوْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ ثُمَّ مَاتَ الْمُعْطِي قَبْلَ إنْفَاذِهِ، فَإِنْ كَانَ أَشْهَدَ حِينَ دَفَعَهُ إلَى مَنْ يُفَرِّقُهُ نَفَذَ مَا فَاتَ مِنْهُ وَمَا بَقِيَ وَهُوَ مِنْ رَأْسِ الْمَالِ.

قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ: وَإِنْ لَمْ يُشْهِدْ حِينَ دَفَعَهُ إلَى الْمَأْمُورِ فَلْيَرُدَّ مَا بَقِيَ مِنْهُ إلَى وَرَثَةِ الْمُعْطِي وَلَا يَنْفَعُهُ مَا أَمَرَهُ بِهِ، وَإِنْ فَرَّقَ مَا بَقِيَ بَعْدَ مَوْتِ الْمُعْطِي ضَمِنَ الْبَقِيَّةَ لِلْوَرَثَةِ.

(لَا إنْ بَاعَ وَاهِبٌ قَبْلَ عِلْمِ الْمَوْهُوبِ وَإِلَّا فَالثَّمَنُ لِلْمُعْطِي) مِنْ الْمُدَوَّنَةِ قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ: مَنْ تَصَدَّقَ عَلَى رَجُلٍ بِدَارٍ فَلَمْ يَقْبِضْهَا الْمُعْطَى حَتَّى مَاتَ أَوْ بَاعَهَا الْمُعْطِي، فَإِنْ عَلِمَ الْمُعْطَى بِالصَّدَقَةِ فَلَمْ يَقْبِضْهَا حَتَّى بِيعَتْ تَمَّ الْبَيْعُ وَكَانَ الثَّمَنُ لِلْمُعْطِي، فَإِنْ عَلِمَ أَوْ لَمْ يَعْلَمْ وَلَمْ يُفَرِّطْ حَتَّى غَافَصَهُ بِالْبَيْعِ فَلَهُ نَقْضُ الْبَيْعِ فِي حَيَاةِ الْوَاهِبِ وَأَخْذُهَا. فَأَمَّا إنْ مَاتَ الْمُعْطِي قَبْلَ أَنْ يَقْبِضَهَا الْمُعْطَى فَلَا شَيْءَ لَهُ بِيعَتْ أَوْ لَمْ تُبَعْ.

وَقَالَ أَشْهَبُ: إنْ خَرَجَتْ عَنْ مِلْكِ الْمُعْطِي بِوَجْهٍ مَا فَلَيْسَ لِلْمُعْطِي شَيْءٌ.

قَالَ مُحَمَّدٌ: الْبَيْعُ أَوْلَى وَلَا شَيْءَ لِلْمُتَصَدَّقِ عَلَيْهِ مِنْ الثَّمَنِ، وَأَهْلُ الْعِرَاقِ يَقُولُونَ لِلْوَاهِبِ الرُّجُوعُ مَا لَمْ يَحُزْ عَنْهُ، انْتَهَى.

نَقَلَ ابْنُ يُونُسَ. وَعَزَا ابْنُ شَاسٍ لِلْمُدَوِّنَةِ أَنَّ الثَّمَنَ لِلْمَوْهُوبِ لَهُ.

وَقَالَ فِي الرُّهُونِ: قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ: إنْ لَمْ يَعْلَمْ الْمَوْهُوبُ نُقِضَ الْبَيْعُ، وَإِنْ عَلِمَ مَضَى الْبَيْعُ وَعُوِّضَ الْمَوْهُوبُ بِالثَّمَنِ.

وَقَالَ أَشْهَبُ: بَطَلَتْ الْهِبَةُ كَبُطْلَانِ الرَّهْنِ إذَا بِيعَ قَبْلَ الْحَوْزِ وَالثَّمَنُ لِلْوَاهِبِ.

(أَوْ جُنَّ أَوْ مَرِضَ) ابْنُ عَرَفَةَ: شَرْطُ الْحَوْزِ كَوْنُهُ فِي صِحَّةِ الْمُعْطِي وَعَقْلِهِ وَمِنْ الْمُدَوَّنَةِ: كُلُّ صَدَقَةٍ أَوْ حَبْسٍ أَوْ نِحْلَةٍ أَوْ عُمْرَى أَوْ عَطِيَّةٍ أَوْ هِبَةٍ لِغَيْرِ ثَوَابٍ فِي الصِّحَّةِ يَمُوتُ الْمُعْطِي أَوْ يُفْلِسُ أَوْ يَمْرَضُ قَبْلَ حَوْزِ ذَلِكَ فَهُوَ بَاطِلٌ إلَّا أَنْ يَصِحَّ الْمَرِيضُ فَتُحَازُ عَنْهُ بَعْدَ ذَلِكَ وَيُقْضَى بِالْقَبْضِ لِلْمُعْطِي إنْ مَنَعَهُ. وَانْظُرْ حَوْزَهَا فِي مَرَضِهِ اُنْظُرْ بَعْدَ هَذَا. (وَاتَّصَلَا بِمَوْتِهِ)

<<  <  ج: ص:  >  >>