للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

هَذَا نَصُّ ابْنِ شَاسٍ: وَسَمِعَ عِيسَى ابْنَ الْقَاسِمِ: مَنْ تَصَدَّقَتْ بِعَبْدٍ أَوْ غَيْرِهِ فِي صِحَّتِهَا فَذَهَبَ عَقْلُهَا قَبْلَ حَوْزِهِ فَحَوْزُهُ بَاطِلٌ كَمَوْتِهَا. ابْنُ رُشْدٍ: هُوَ كَالْمَرَضِ وَرُجُوعُ عَقْلِهَا كَصِحَّتِهَا.

(أَوْ وَهَبَ لِمُودَعٍ وَلَمْ يَقْبَلْ لِمَوْتِهِ) مِنْ الْمُدَوَّنَةِ قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ: إذَا وَهَبَك وَدِيعَةً لَهُ فِي يَدِك فَلَمْ تَقْبَلْ حَتَّى مَاتَ الْوَاهِبُ فَذَلِكَ لِوَرَثَتِهِ (وَصَحَّ إنْ قَبَضَ لِيَتَرَوَّى) الْبَاجِيُّ: لَوْ وُهِبَ الْمُسْتَوْدَعُ مَا بِيَدِهِ فَلَمْ يَقُلْ قَبِلْت حَتَّى مَاتَ الْوَاهِبُ فَقَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ: الْقِيَاسُ أَنْ تَبْطُلَ.

وَقَالَ أَشْهَبُ: بَلْ هِيَ حِيَازَةٌ جَائِزَةٌ إلَّا أَنْ يَقُولَ لَا أَقْبَلُ.

قَالَ مُحَمَّدٌ: وَهُوَ أَحَبُّ إلَيَّ وَذَلِكَ أَنَّ الْعَطِيَّةَ بِيَدِ الْمُعْطَى لَهُ فَتَأَخُّرُ الْقَبُولِ لَا يَمْنَعُ صِحَّتَهَا قَالَ: وَذَلِكَ بِمَنْزِلَةِ مَنْ وَهَبْتَهُ هِبَةً فَلَمْ يَقُلْ قَبِلْتُ وَقَبَضَهَا لِيَنْظُرَ رَأْيَهُ فَمَاتَ الْمُعْطِي فَهِيَ مَاضِيَةٌ إنْ رَضِيَهَا وَلَهُ رَدُّهَا.

(أَوْ جَدَّ فِيهِ أَوْ فِي تَزْكِيَةِ شَاهِدِهِ) مِنْ الْمُدَوَّنَةِ: مَنْ وَهَبَ هِبَةً لِغَيْرِ ثَوَابٍ فَامْتَنَعَ مِنْ دَفْعِهَا قُضِيَ بِهَا عَلَيْهِ لِلْمَوْهُوبِ. وَلَوْ خَاصَمَهُ فِيهَا الْمَوْهُوبُ فِي صِحَّةِ الْوَاهِبِ وَرُفِعَتْ الْهِبَةُ إلَى السُّلْطَانِ يَنْظُرُ فِيهَا فَمَاتَ الْوَاهِبُ قَبْلَ قَبْضِ الْمَوْهُوبِ، فَإِنَّهُ يَقْضِي بِهَا لِلْمَوْهُوبِ إنْ عُدِّلَتْ بَيِّنَتُهُ، وَلَوْ لَمْ يُقِمْ الْمَوْهُوبُ فِيهَا حَتَّى مَرِضَ الْوَاهِبُ فَلَا شَيْءَ لَهُ إلَّا أَنْ يَصِحَّ.

ابْنُ شَاسٍ: إذَا كَانَ الطَّالِبُ جَادًّا فِي الطَّلَبِ غَيْرَ تَارِكٍ كَمَا إذَا وَقَعَتْ الْهِبَةُ بِشَاهِدٍ وَاحِدٍ أَوْ بِشَاهِدَيْنِ حَتَّى يُزَكِّيَ فَمَاتَ الْوَاهِبُ فَقَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ وَمُطَرِّفٌ وَأَصْبَغُ: هُوَ حَوْزٌ وَقَدْ صَحَّتْ الْهِبَةُ انْتَهَى.

وَانْظُرْ مِنْ هَذَا الْمَعْنَى فِي نَوَازِلَ إذَا وَهَبَهُ وَمَنَعَهُ مِنْ التَّحْوِيزِ خُوِّفَ.

(أَوْ أَعْتَقَ أَوْ بَاعَ أَوْ وَهَبَ إذَا أَشْهَدَ وَأَعْلَنَ) ابْنُ شَاسٍ: لَوْ بَاعَهَا الْمَوْهُوبُ لَهُ فَلَمْ يَقْبِضْهَا الْمُشْتَرِي حَتَّى مَاتَ الْوَاهِبُ، فَرَوَى ابْنُ وَهْبٍ أَنَّ الْبَيْعَ حِيَازَةٌ.

وَقَالَهُ مُطَرِّفٌ وَابْنُ الْمَاجِشُونِ.

وَقَالَ أَصْبَغُ: لَيْسَ الْبَيْعُ حِيَازَةً وَلَا غَيْرَ ذَلِكَ إلَّا الْعِتْقُ وَحْدَهُ. ابْنُ رُشْدٍ: وَفِي الْمُدَوَّنَةِ دَلِيلٌ عَلَى الْقَوْلَيْنِ.

ابْنُ شَاسٍ: وَلَوْ وَهَبَهَا الْمَوْهُوبُ لَهُ ثُمَّ مَاتَ الْوَاهِبُ، فَرَوَى ابْنُ حَبِيبٍ عَنْ مَالِكٍ وَمُطَرِّفٍ أَنَّ الْهِبَةَ حَوْزٌ.

وَقَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ وَابْنُ الْمَاجِشُونِ: الْهِبَةُ لَا تَكُونُ حَوْزًا لِأَنَّهَا مُحْتَاجَةٌ إلَى حِيَازَةٍ.

الْمُتَيْطِيُّ: وَيَصِحُّ حَوْزُ الْحَبْسِ بِعَقْدِ كِرَائِهِ أَوْ مُزَارَعَتِهِ إنْ كَانَ بَيَاضًا أَوْ فِيهِ سَوَادٌ تَبَعٌ لَهُ، وَإِنْ تَبِعَ بَيَاضُهُ سَوَادَهُ فَبِمُسَاقَاةٍ وَيُغْنِي عَنْ حَوْزِهِ بِالْوُقُوفِ عَلَى مُعَايَنَةِ نُزُولِ الْمُحْبَسِ عَلَيْهِ فِيهَا. هَذَا هُوَ الْمَشْهُورُ الْمَعْمُولُ بِهِ.

وَقَالَ ابْنُ الْعَطَّارِ وَغَيْرُهُ. وَالْكِرَاءُ فِي الْأَرْضِ لِعَامَيْنِ وَزِيَادَةٍ أَقْوَى.

(وَلَمْ يُعْلَمْ بِهَا إلَّا بَعْدَ مَوْتِهِ) اُنْظُرْ أَنْتَ مَا مَعْنَى هَذَا. وَإِذَا مَاتَ الْمَوْهُوبُ لَهُ قَبْلَ الْقَبْضِ قَالَ بَيْنَ أَنْ يَكُونَ عَلِمَ بِالْهِبَةِ أَوْ لَا فَرْقَ. وَمِنْ الْمُدَوَّنَةِ قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ: إنْ وَهَبْتَ لِحُرٍّ أَوْ عَبْدٍ فَلَمْ يَقْبِضْ ذَلِكَ حَتَّى مَاتَ الْمَوْهُوبُ لَهُ، فَلِوَارِثِهِ الْحُرِّ وَسَيِّدِ الْعَبْدِ قَبْضُهَا، وَلَيْسَ لَك أَنْ تَمْنَعَ مِنْ ذَلِكَ.

قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ: فَإِنْ مَاتَ الْمُعْطِي قَبْلَ الْحَوْزِ بَطَلَتْ الْهِبَةُ، وَكَذَلِكَ إنْ حَازَهَا وَهُوَ مَرِيضٌ. وَقَالَ أَشْهَبُ: يَصِحُّ لَهُ ثُلُثُهَا.

(وَحَوْزُ مُخْدَمٍ وَمُسْتَعِيرٍ مُطْلَقًا وَمُودَعٍ إنْ عَلِمَ) مِنْ الْمُدَوَّنَةِ: مَنْ أَخْدَمَ عَبْدَهُ رَجُلًا سِنِينَ ثُمَّ قَالَ بَعْدَ ذَلِكَ هُوَ هِبَةٌ لِفُلَانٍ بَعْدَ الْخِدْمَةِ فَقَبْضُ الْمُخْدَمِ، قَبْضُ الْمَوْهُوبِ لَهُ وَهُوَ مِنْ رَأْسِ الْمَالِ إنْ مَاتَ الْوَاهِبُ قَبْلَ ذَلِكَ لِأَنَّ الْمُخْدَمَ لَمْ يَجِبْ لَهُ فِي

<<  <  ج: ص:  >  >>