رِقْبَةِ الْعَبْدِ حَقٌّ بِخِلَافِ الْعَبْدِ الْمَرْهُونِ.
قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ: وَمَنْ آجَرَ عَبْدَهُ أَوْ دَابَّتَهُ مِنْ رَجُلٍ ثُمَّ وَهَبَهَا لِآخَرَ فَلَيْسَ حَوْزُ الْمُسْتَأْجِرِ حَوْزًا لِلْمَوْهُوبِ لَهُ إلَّا أَنْ يُسَلِّمَ إلَيْهِ إجَارَةَ ذَلِكَ مَعَهُ لِيَتِمَّ الْحَوْزُ وَإِلَّا الْعَبْدُ الْمُخْدَمُ أَوْ الْمُعَارُ إلَى أَجَلٍ فَقَبْضُ الْمُسْتَعَارِ وَالْمُخْدَمِ قَبْضٌ لِلْمَوْهُوبِ لَهُ وَهُوَ مِنْ رَأْسِ الْمَالِ إنْ مَاتَ قَبْلَ ذَلِكَ إذْ لَيْسَ لِلْمُخْدَمِ وَالْمُعَارِ فِي رَقَبَةِ الْعَبْدِ حَقٌّ، وَلَا يَكُونُ قَبْضُ الْمُخْدَمِ وَالْمُعَارِ قَبْضًا لِلْمَوْهُوبِ لَهُ حَتَّى يَعْلَمَ وَيَرْضَى أَنْ يَكُونَ حَائِزًا لِلْمَوْهُوبِ لَهُ كَمَا قَالَ إذَا رَهَنَ فَضْلَةَ الرَّهْنِ لَا يَكُونُ الْمُرْتَهِنُ حَائِزًا حَتَّى يَعْلَمَ وَيَرْضَى بِذَلِكَ.
وَعَزَا ابْنُ عَرَفَةَ لِلْمُدَوَّنَةِ صِحَّةَ حَوْزِ الْمُخْدَمِ لِلْمَوْهُوبِ لَهُ الرَّقَبَةَ مُطْلَقًا لَا بِشَرْطِ كَوْنِ الْإِخْدَامِ وَالْهِبَةِ فِي عَقْدٍ وَاحِدٍ. قَالَ سَحْنُونَ فِيمَنْ أَعْطَى غَلَّةَ كَرْمِهِ أَوْ سُكْنَى دَارِهِ لِرَجُلٍ حَيَاتَهُ ثُمَّ تَصَدَّقَ بِذَلِكَ عَلَى ابْنِهِ الصَّغِيرِ: فَذَلِكَ جَائِزٌ وَحَوْزٌ لِلِابْنِ وَأَنَّهُ لَحَسَنٌ إنْ أَشْهَدَ أَنَّهُ جَعَلَ الْمُكْرَى لِابْنِهِ قَابِضًا، وَإِنْ لَمْ يُشْهِدْ فَذَلِكَ لِلِابْنِ حَوْزٌ. وَأَمَّا صِحَّةُ حَوْزِ الْمُودَعِ إنْ عَلِمَ فَقَالَ ابْنُ الْمَوَّازِ: لَوْ وَهَبَ الْوَدِيعَةَ رَبُّهَا لِغَيْرِ الْمُسْتَوْدَعِ وَجَمَعَ بَيْنَهُمَا وَأَشْهَدَ كَانَتْ حِيَازَةً.
وَقَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ فِي الْعُتْبِيَّةِ: إنَّ رَبَّ الْوَدِيعَةِ إذَا أَشْهَدَ بِبَيِّنَةٍ أَنَّهُ تَصَدَّقَ بِهَا عَلَى رَجُلٍ وَلَمْ يَأْمُرْ بِقَبْضِهَا حَتَّى مَاتَ الْمُتَصَدِّقُ قَبْلَ قَبْضِ الْمُتَصَدَّقِ عَلَيْهِ، فَإِنْ عَلِمَ الَّذِي هِيَ عِنْدَهُ فَتِلْكَ حِيَازَةٌ تَامَّةٌ، وَإِنْ لَمْ يَعْلَمْ فَذَلِكَ بَاطِلٌ لِأَنَّهُ إذَا عَلِمَ صَارَ حَائِزًا لِلْمُعْطَى ثُمَّ لَيْسَ لِلْمُعْطِي أَخْذُهَا، وَلَوْ دَفَعَهَا الْمُودِعُ إلَى الْمُعْطَى قَبْلَ عِلْمِهِ ضَمِنَهَا.
(لَا غَاصِبٍ) مِنْ الْمُدَوَّنَةِ قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ: مَنْ اغْتَصَبَهُ رَجُلٌ عَبْدًا فَوَهَبَهُ سَيِّدُهُ لِرَجُلٍ آخَرَ وَالْعَبْدُ بِيَدِ الْغَاصِبِ جَازَتْ الْهِبَةُ إنْ قَبَضَهَا الْمَوْهُوبُ قَبْلَ مَوْتِ الْوَاهِبِ، وَلَيْسَ قَبْضُ الْغَاصِبِ قَبْضًا لِلْمَوْهُوبِ لَهُ (وَمُرْتَهِنٍ) تَقَدَّمَ قَبْلَ هَذَا عِنْدَ قَوْلِهِ " وَرَهْنًا لَمْ يُقْبَضْ أَنَّ قَبْضَ الْمُرْتَهِنِ لَيْسَ قَبْضًا لِلْمَوْهُوبِ لَهُ ".
(وَمُسْتَأْجِرٍ إلَّا أَنْ يَهَبَ الْإِجَارَةَ) تَقَدَّمَ نَصُّ الْمُدَوَّنَةِ إلَّا أَنْ يُسَلِّمَ إلَيْهِ الْإِجَارَةَ فَيَتِمُّ الْحَوْزُ (وَلَا إنْ رَجَعَتْ إلَيْهِ بَعْدَهُ إلَّا لِحَوْزٍ بِقُرْبٍ كَانَ آجَرَهَا أَوْ أَرْفَقَ بِهَا) ابْنُ الْمَوَّازِ: إذَا مَاتَ الْمُعْطِي فَلَا يَضُرُّ ذَلِكَ وَلِوَرَثَتِهِ الْقِيَامُ بِطَلَبِهَا، وَلَوْ مَاتَ الْمُعْطِي قَبْلَ الْحِيَازَةِ فَالْعَطِيَّةُ تَبْطُلُ إلَّا فِيمَا أَعْطَى لِصِغَارِ بَنِيهِ، أَوْ مَنْ يَلِي عَلَيْهِ مَا لَمْ يَكُنْ ذَلِكَ عَيْنًا. وَهَذَا فِي الْأَبِ وَالْوَصِيِّ فَقَطْ، وَلَا يَجُوزُ ذَلِكَ فِي أُمٍّ وَلَا جَدٍّ وَلَا أَخٍ أَوْ غَيْرِهِ إلَّا أَنْ يَكُونَ وَصِيًّا وَشَيْءٌ آخَرُ عِنْدَ رَبِّهِ مِثْلُ الرَّجُلِ يَتَصَدَّقُ بِالثَّوْبِ وَنَحْوِهِ فِي سَفَرِهِ، وَمِثْلُ الْحَاجِّ يَشْتَرِيه لِأَهْلِهِ فَيُشْهِدُ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute