(وَلَمْ يَتَعَدَّ لِمُمَاثِلِ بَلْ إنْ تَجَدَّدَ بِالِاجْتِهَادِ كَفَسْخٍ بِرَضَاعِ كَبِيرٍ وَتَأْبِيدِ مَنْكُوحَةِ عِدَّةٍ وَهِيَ كَغَيْرِهَا فِي الْمُسْتَقْبَلِ) ابْنُ شَاسٍ: إنْ كَانَ حُكْمُ الْأَوَّلِ بِاجْتِهَادٍ فِيمَا طَرِيقُهُ التَّحْرِيمُ وَالتَّحْلِيلُ لَيْسَ نَقْلُ مِلْكَ مِنْ أَحَدِ الْخَصْمَيْنِ إلَى الْآخَرِ، وَلَا فَصْلُ حُكُومَةٍ بَيْنَهُمَا، وَلَا إثْبَاتُ عَقْدٍ بَيْنَهُمَا، وَلَا فَسْخُهُ، مِثْلُ أَنْ يُرْفَعَ إلَى قَاضٍ رَضَاعُ كَبِيرٍ فَيَحْكُمُ بِأَنَّ رَضَاعَ الْكَبِيرِ يَحْرُمُ وَيُفْسَخُ النِّكَاحُ مِنْ أَجْلِهِ، فَالْقَدْرُ الَّذِي ثَبَتَ مِنْ حُكْمِهِ هُوَ فَسْخُ النِّكَاحِ فَحَسْبُ، وَأَمَّا تَحْرِيمُهَا عَلَيْهِ فِي الْمُسْتَقْبَلِ فَإِنَّهُ يَثْبُتُ بِحُكْمِهِ بَلْ يَبْقَى ذَلِكَ مَعْرِضًا لِلِاجْتِهَادِ فِيهِ.
وَكَذَلِكَ لَوْ رُفِعَ إلَيْهِ حَالُ امْرَأَةٍ نُكِحَتْ فِي عِدَّتِهَا فَفَسَخَ نِكَاحَهَا وَحَرَّمَهَا عَلَى زَوْجِهَا. لَكَانَ الْقَدْرُ الَّذِي ثَبَتَ مِنْ حُكْمِهِ فَسْخَ النِّكَاحِ فَحَسْبُ، وَأَمَّا تَحْرِيمُهَا عَلَيْهِ فِي الْمُسْتَقْبَلِ فَمَعْرِضٌ لِلِاجْتِهَادِ، وَمِنْ هَذَا الْوَجْهِ أَنْ يَحْكُمَ بِنَجَاسَةِ مَاءٍ أَوْ طَعَامٍ أَوْ شَرَابٍ أَوْ تَحْرِيمِ بَيْعٍ أَوْ نِكَاحٍ أَوْ إجَارَةٍ، فَإِنَّهُ لَا يَثْبُتُ حُكْمٌ فِي ذَلِكَ الْحَبْسِ مِنْ الْعُقُودِ وَلَا الْبَيَّاعَاتِ عَلَى التَّأْبِيدِ وَإِنَّمَا لَهُ أَنْ يُغَيِّرَ مِنْ ذَلِكَ مَا شَاهَدَهُ، وَمَا حَدَثَ بَعْدَ ذَلِكَ فَإِنَّهُ مَعْرِضٌ لِمَنْ يَأْتِي مِنْ الْحُكَّامِ وَالْفُقَهَاءِ.
(وَلَا يَدْعُو لِصُلْحٍ إنْ ظَهَرَ وَجْهُهُ) اُنْظُرْ عِنْدَ قَوْلِهِ " وَأَمَرَ بِالصُّلْحِ ذَوِي الْفَضْلِ " (وَلَا يَسْتَنِدُ لِعِلْمِهِ) هَذَا تَوْطِئَةٌ لِمَا بَعْدَهُ إذَا تَقَدَّمَ قَوْلُهُ " أَوْ بِعِلْمٍ سَبَقَ مَجْلِسَهُ " (إلَّا فِي التَّعْدِيلِ وَالتَّجْرِيحِ) أَبُو عُمَرَ: أَجْمَعُوا أَنَّ لَهُ أَنْ يَعْدِلَ أَوْ يَجْرَحَ بِعِلْمِهِ وَأَنَّهُ إنْ عَلِمَ أَنَّ مَا شَهِدَ بِهِ الشُّهُودُ عَلَى غَيْرِ مَا شَهِدُوا أَنَّهُ يُنَفِّذُ عِلْمَهُ وَيَرُدُّ شَهَادَتَهُمْ بِعِلْمِهِ. سَحْنُونَ: وَلَوْ شَهِدَ عِنْدِي عَدْلَانِ مَشْهُورَانِ بِالْعَدَالَةِ وَأَنَا أَعْلَمُ خِلَافَ مَا شَهِدُوا بِهِ لَمْ يَجُزْ أَنْ أَحْكُمَ بِشَهَادَتِهِمَا وَلَا أَنْ أَرُدَّهُمَا لِعَدَالَتِهِمَا، وَلَكِنْ أَرْفَعُ ذَلِكَ إلَى الْأَمِيرِ الَّذِي فَوْقِي وَأَشْهَدُ بِمَا عَلِمْتَ وَغَيْرِي بِمَا عَلِمَ، وَلَوْ شَهِدَ شَاهِدَانِ لَيْسَا بِعَدْلَيْنِ عَلَى مَا أَعْلَمُ أَنَّهُ حَقٌّ لَمْ أَقْضِ بِشَهَادَتِهِمَا (كَالشُّهْرَةِ بِذَلِكَ) مِنْ الْمُدَوَّنَةِ.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute