قَالَ مَالِكٌ: مِنْ النَّاسِ مَنْ لَا يُسْأَلُ عَنْهُ وَلَا تُطْلَبُ فِيهِ تَزْكِيَةٌ لِعَدَالَتِهِمْ عِنْدَ الْقَاضِي.
قَالَ ابْنُ عَبْدِ الْحَكَمِ: مِنْ النَّاسِ مَنْ لَا يَحْتَاجُ أَنْ يُسْأَلَ عَنْهُ لِاشْتِهَارِ عَدَالَتِهِ، وَمِنْهُمْ مَنْ لَا يُسْأَلُ عَنْهُ لِشُهْرَتِهِ بِغَيْرِ الْعَدَالَةِ، وَإِنَّمَا يَكْشِفُ عَمَّنْ أَشْكَلَ عَلَيْهِ. وَقَدْ شَهِدَ ابْنُ أَبِي حَازِمٍ عِنْدَ قَاضِي الْمَدِينَةِ فَقَالَ: أَمَّا الْإِسْلَامُ فَاسْمُهُ عَدْلٌ وَلَكِنْ مَنْ يَعْرِفُ أَنَّك ابْنُ أَبِي حَازِمٍ فَأَعْجَبَ ذَلِكَ مَشَايِخَنَا.
ابْنُ عَرَفَةَ: وَذَكَرَ لِي بَعْضُ شُيُوخِي أَنَّ الْبَرْقِيَّ فَقِيهَ الْمَهْدِيَّةِ شَهِدَ فِي مَسِيرِهِ إلَى الْحَجِّ عِنْدَ قَاضِي الْإِسْكَنْدَرِيَّة، فَلَمَّا قَرَأَ اسْمَهُ قَالَ: أَنْتَ الْبَرْقِيُّ فَقِيهُ الْمَهْدِيَّةِ؟ فَقِيلَ لَهُ: نَعَمْ. فَطَلَبَ الْمَشْهُودُ لَهُ الْبَيِّنَةَ عَلَى أَنَّهُ هُوَ وَحَكَمَ بِشَهَادَتِهِ دُونَ طَلَبِ تَعْدِيلِهِ.
(أَوْ إقْرَارِ الْخَصْمِ بِالْعَدَالَةِ) ابْنُ الْحَاجِبِ: لَوْ أَقَرَّ الْخَصْمُ بِالْعَدَالَةِ حَكَمَ عَلَيْهِ خَاصَّةً.
ابْنُ عَرَفَةَ: لَا أَعْرِفُ هَذَا الْفَرْعَ لِأَحَدٍ مِنْ أَصْلِ الْمَذْهَبِ، وَفِي جَرْيِهِ عَلَى أَصْلِ الْمَذْهَبِ نَظَرٌ، لِأَنَّهُ إقْرَارٌ مُتَنَاقِضٌ فَيَجِبُ طَرْحُهُ. فَإِنْ قُلْتُ: فَقَدْ قَالَ فِي الْكَافِي إنْ لَمْ يَعْرِفْ الْقَاضِي الشُّهُودَ وَاعْتَرَفَ الْمَشْهُودُ عَلَيْهِ بِعَدَالَتِهِمْ قَضَى بِهِمْ إنْ لَمْ يُكَذِّبْهُمْ وَلَا يَقْضِي بِهِمْ عَلَى غَيْرِهِمْ. قُلْت: قَوْلُهُ " إنْ لَمْ يُكَذِّبْهُمْ " صَيَّرَ الْمَسْأَلَةَ إلَى بَابِ الْإِقْرَارِ.
وَقَالَ أَصْبَغُ: إذَا رَضِيَ الْخَصْمَانِ بِشَهَادَةِ مَنْ لَا يَعْرِفُهُ الْقَاضِي لَمْ يَحْكُمْ بِهَا. وَانْظُرْ مِنْ نَوْعِ هَذَا عَدَّلَ قَاضٍ شُهُودًا فَشَهِدُوا عَلَيْهِ أَنَّ فِيهِ جُرْحَةً أَوْ شَهِدَ أَيْضًا عَلَى مُزَكِّيهِ أَنَّ فِيهِ جُرْحَةً قَالَ الْبُرْزُلِيِّ: لَا تَجُوزُ شَهَادَتُهُمْ لِأَنَّ الْقَدَحَ فِي الْأَصْلِ قَدَحٌ فِي الْفَرْعِ (وَإِنْ أَنْكَرَ مَحْكُومٌ عَلَيْهِ إقْرَارَهُ بَعْدَهُ لَمْ يُفِدْهُ) تَقَدَّمَ أَنَّ هَذَا هُوَ الْمَشْهُورُ.
اُنْظُرْ عِنْدَ قَوْلِهِ " أَوْ بِعِلْمٍ سَبَقَ مَجْلِسَهُ ".
(وَإِنْ شَهِدَ بِحُكْمٍ نَسِيَهُ أَوْ أَنْكَرَهُ أَمْضَاهُ) اللَّخْمِيِّ: لَوْ أَنْكَرَ الْحَاكِمُ وَالْمَحْكُومُ عَلَيْهِ الْحُكْمَ وَقَالَ مَا حَكَمْتُ بِهَذَا فَشَهِدَتْ بَيِّنَةٌ بِحُكْمِهِ لَهُ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute