بِقَبْضِ جَوَائِزِ الْخُلَفَاءِ مَنْ يَرْضَى مِنْهُمْ وَمَنْ لَا يَرْضَى بِخِلَافِ الْعُمَّالِ الْمَضْرُوبِ عَلَى أَيْدِيهِمْ فَالْقَبُولُ مِنْهُمْ مُسْقِطٌ لِلشَّهَادَةِ، وَكَذَلِكَ الْأَكْلُ عِنْدَهُمْ إلَّا إذَا كَانَ ذَلِكَ مِنْهُمْ الزَّلَّةَ وَالْفَلْتَةَ فَلَا تُرَدُّ شَهَادَتُهُمْ، وَأَمَّا الْمُدْمِنُ الْأَكْلَ عِنْدَهُمْ فَسَاقِطُ الشَّهَادَةِ.
(وَلَا إنْ تَعَصَّبَ) اُنْظُرْ عِنْدَ قَوْلِهِ " وَلَا إنْ حَرَصَ عَلَى الْقَبُولِ " (كَالرِّشْوَةِ وَتَلْقِينِ خَصْمٍ) ابْنُ عَاتٍ: لَا تَجُوزُ شَهَادَةُ مُرْتَشٍ وَلَا مُلَقِّنٍ لِلْخُصُومَةِ فَقِيهًا كَانَ أَوْ غَيْرِهِ، وَيُضْرَبُ عَلَى يَدَيْهِ وَيُشَهَّرُ بِهِ فِي الْمَجَالِسِ وَيُعْرَفُ بِهِ وَيُسَجَّلُ عَلَيْهِ، وَقَدْ فَعَلَهُ بَعْضُ الْقُضَاةِ بِقُرْطُبَةَ بِكَبِيرٍ مِنْ الْفُقَهَاءِ لِمَشُورَةِ أَهْلِ الْعِلْمِ عِنْدَهُ. اُنْظُرْ قَبْلَ هَذَا عِنْدَ قَوْلِهِ " وَلَمْ يُفْتِ فِي خُصُومَةٍ ".
وَسُئِلَ بَعْضُ الشُّيُوخِ الْمُتَأَخِّرِينَ عَنْ الْهَدِيَّةِ تَأْتِي الْفَقِيهَ عَنْ الْفُتْيَا فَقَالَ: إنْ كَانَ يَنْشَطُ فِي الْفُتْيَا أَهْدَى إلَيْهِ أَوْ لَمْ يُهْدِ إلَيْهِ فَلَا بَأْسَ بِهَا وَإِلَّا فَلَا يَأْخُذُهَا، وَهَذَا مَا لَمْ تَكُنْ خُصُومَةٌ وَإِنَّمَا يَسْتَفْتِيهِ فِي شَيْءٍ يَعْرِضُ لَهُ، وَالْأَحْسَنُ أَنْ لَا يَقْبَلَ هَدِيَّةً مِنْ صَاحِبِ فُتْيَا وَلَا مَسْأَلَةٍ، وَهَذَا قَوْلُ ابْنِ عَيْشُونَةَ، وَكَانَ يَجْعَلُ غَيْرَ ذَلِكَ رِشْوَةً.
وَقَالَ - عَلَيْهِ السَّلَامُ -: «مَنْ شَفَعَ لِأَخِيهِ شَفَاعَةً وَأَهْدَى إلَيْهِ هَدِيَّةً فَقَبِلَهَا فَقَدْ أَتَى بَابًا عَظِيمًا مِنْ أَبْوَابِ الرِّبَا» وَمِنْ هَذَا انْقِطَاعُ الرَّعِيَّةِ إلَى الْعُلَمَاءِ وَالْمُتَعَلِّقِينَ بِالسُّلْطَانِ لِدَفْعِ الظُّلْمِ عَنْهُمْ فِيمَا دُونَهُمْ لِذَلِكَ.
وَمَا أَهْدَى إلَى الْفَقِيرِ رَجَاءَ الْعَوْنِ عَلَى الْخُصُومَةِ فَلَا يَحِلُّ لَهُ قَبُولُهُ لِأَنَّهَا رِشْوَةٌ، وَكَذَلِكَ إذَا تَنَازَعَ عِنْدَهُ خَصْمَانِ فَأَهْدَيَا إلَيْهِ جَمِيعًا أَوْ أَحَدُهُمَا يَرْجُو أَنْ يُعِينَهُ فِي حُجَّتِهِ عِنْدَ حَكَمٍ إذَا كَانَ مِمَّنْ يُسْمَعُ مِنْهُ فَلَا يَحِلُّ أَنْ يَأْخُذَ مِنْهُمَا وَلَا مِنْ أَحَدِهِمَا شَيْئًا عَلَى ذَلِكَ.
(وَلَعِبٍ بِنَيْرُوزَ) عِبَارَةُ ابْنِ عَاتٍ: يُجْرَحُ الرَّجُلُ بِصَنِيعَةِ النَّيْرُوزِ وَالْمِهْرَجَانِ إذْ هُوَ مِنْ فِعْلِ النَّصَارَى لِقَوْلِهِ - عَلَيْهِ السَّلَامُ -
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute