الرِّيحَ تَغْلِبُهُمْ إلَّا أَنْ يُعْلَمَ أَنَّ النَّوَاتِيَّةِ لَوْ أَرَادُوا صَرْفَهَا قَدَرُوا فَيَضْمَنُوا وَإِلَّا فَلَا شَيْءَ عَلَيْهِمْ.
قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ: وَلَوْ قَدَرُوا عَلَى حَبْسِهَا إلَّا أَنَّ فِيهَا هَلَاكَهُمْ وَغَرَقَهُمْ فَلَمْ يَفْعَلُوا، فَلْيَضْمَنْ عَوَاقِلُهُمْ دِيَاتِهِمْ وَيَضْمَنُوا الْأَمْوَالَ فِي أَمْوَالِهِمْ، وَلَيْسَ لَهُمْ أَنْ يَطْلُبُوا نَجَاتَهُمْ بِغَرَقِ غَيْرِهِمْ. وَكَذَلِكَ لَوْ لَمْ يَرَوْهُمْ فِي ظُلْمَةِ اللَّيْلِ وَهُمْ لَوْ رَأَوْهُمْ لَقَدَرُوا عَلَى صَرْفِهَا فَهُمْ ضَامِنُونَ لِمَا فِي السَّفِينَةِ وَدِيَةُ مَنْ مَاتَ عَلَى عَوَاقِلِهِمْ، وَلَكِنْ لَوْ غَلَبَتْهُمْ الرِّيحُ أَوْ غَفَلُوا لَمْ يَكُنْ عَلَيْهِمْ شَيْءٌ.
انْتَهَى مِنْ ابْنِ يُونُسَ ابْنُ عَرَفَةَ: قَالَ ابْنُ شَاسٍ: وَسَوَاءٌ كَانَ الْمُصْطَدِمُونَ رَاكِبَيْنِ أَوْ مَاشِيَيْنِ أَوْ بَصِيرَيْنِ أَوْ ضَرِيرَيْنِ أَوْ أَحَدُهُمَا ضَرِيرًا وَبِيَدِهِ عَصًا، وَإِنْ تَعَمَّدَ الِاصْطِدَامَ فَهُوَ عَمْدٌ مَحْضٌ فِيهِ حُكْمُ الْقِصَاصِ، وَلَوْ كَانَا صَبِيَّيْنِ رَكِبَا بِأَنْفُسِهِمَا أَوْ أَرْكَبَهُمَا أَوْلِيَاؤُهُمَا فَالْحُكْمُ فِيهِمَا كَمَا فِي الْبَالِغَيْنِ إلَّا فِي الْقِصَاصِ. وَلَوْ جَذَبَا حَبْلًا فَانْقَطَعَ فَتَلِفَ فَكَاصْطِدَامِهِمَا، وَإِنْ وَقَعَ أَحَدُهُمَا عَلَى شَيْءٍ فَأَتْلَفَهُ ضَمِنَاهُ. ابْنُ عَرَفَةَ: يُؤَيِّدُ هَذَا مَا فِي الْمُدَوَّنَةِ وَالْمَجْمُوعَةِ إنْ اصْطَدَمَ فَرَسَانِ فَمَرَّ أَحَدُهُمَا عَلَى صَبِيٍّ فَقَطَعَ أُصْبُعَهُ ضَمِنَاهُ. اُنْظُرْ هُنَا فِي ابْنِ عَرَفَةَ الْقِصَاصُ مِنْ قَتْلِ خَارِجَةَ وَلَمْ يَلْتَفِتْ لِإِثْبَاتِ قَوْلِهِ أَرَدْت عَمْرًا وَأَرَادَ اللَّهُ خَارِجَةَ.
وَمَنْ قَتَلَ رَجُلًا عَمْدًا يَظُنُّهُ غَيْرَهُ مِمَّنْ لَوْ قَتَلَهُ لَمْ يَكُنْ فِيهِ قِصَاصٌ، وَمَنْ رَمَى رَجُلًا بِحَجَرٍ فَاتَّقَاهَا الْمُرْمَى عَلَيْهِ فَقَتَلَتْ آخَرَ كَمَا لَوْ هَرَبَ أَمَامَ الْقَاتِلِ فَسَقَطَ عَلَى طِفْلٍ فَقَتَلَهُ كَالْأَرْبَعَةِ الَّذِينَ تَعَلَّقَ بَعْضُهُمْ بِبَعْضٍ وَسَقَطُوا عَلَى الْأَسَدِ فَقَتَلَهُمْ (وَحُمِلَا عَلَيْهِ عَكْسُ السَّفِينَتَيْنِ إلَّا لِعَجْزٍ حَقِيقِيٍّ إلَّا كَخَوْفِ غَرَقٍ أَوْ ظُلْمَةٍ) قَدْ تَقَدَّمَ جَمِيعُ مَا نَقَلَ ابْنُ يُونُسَ عَنْ ابْنِ الْقَاسِمِ فِي اصْطِدَامِ السَّفِينَتَيْنِ وَالرَّاكِبِينَ.
وَقَالَ ابْنُ الْحَاجِبِ: لَوْ اصْطَدَمَ فَارِسَانِ عَمْدًا فَأَحْكَامُ الْقِصَاصِ وَإِلَّا فَعَلَى عَاقِلَةِ كُلِّ وَاحِدٍ دِيَةُ الْآخَرِ.
ثُمَّ قَالَ: فَإِنْ اصْطَدَمَ سَفِينَتَانِ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute