للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فَلَا ضَمَانَ بِشَرْطِ الْعَجْزِ عَنْ الصَّرْفِ، وَالْمُعْتَبَرُ الْعَجْزُ حَقِيقَةً لَا لِخَوْفِ غَرَقٍ أَوْ ظُلْمَةٍ. ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ: قَوْلُ ابْنِ الْحَاجِبِ يُوهِمُ أَنَّ حُكْمَ الْفَارِسَيْنِ مُخَالِفٌ لِحُكْمِ السَّفِينَتَيْنِ وَلَيْسَ كَذَلِكَ، لِأَنَّ الْفَارِسَيْنِ إذَا جَمَحَ بِهِمَا فَرَسَاهُمَا فَكَانَ تَلَفٌ لَمْ يَضْمَنَا إلَّا أَنَّ الْفَرَسَيْنِ إذَا جُهِلَ أَمْرُهُمَا حُمِلَ عَلَى أَنَّهُمَا قَادِرَانِ عَلَى إمْسَاكِهِمَا وَفِي السَّفِينَتَيْنِ عَلَى الْعَجْزِ. ابْنُ عَرَفَةَ: قَوْلُهُ " إذَا جَمَحَ الْفَرَسُ وَلَمْ يَقْدِرْ رَاكِبُهُ عَلَى صَرْفِهِ أَنَّهُ لَا يَضْمَنُ " يُرَدُّ بِقَوْلِهَا إنْ جَمَحَتْ دَابَّةٌ بِرَاكِبِهَا فَوَطِئَتْ إنْسَانًا فَهُوَ ضَامِنٌ، وَبِقَوْلِهَا إنْ كَانَ فِي رَأْسِ الْفَرَسِ اعْتِزَامٌ فَحَمَلَ بِصَاحِبِهِ فَاصْطَدَمَ فَصَاحِبُهُ ضَامِنٌ لِأَنَّ سَبَبَ جَمْحِهِ مِنْ رَاكِبِهِ وَفِعْلَهُ بِهِ إلَّا أَنْ يَكُونَ إنَّمَا نَفَرَ مِنْ شَيْءٍ مَرَّ بِهِ فِي الطَّرِيقِ مِنْ غَيْرِ سَبَبِ رَاكِبِهِ فَلَا ضَمَانَ عَلَيْهِ (وَإِلَّا فَدِيَةُ كُلٍّ عَلَى عَاقِلَةِ الْآخَرِ وَفَرَسُهُ فِي مَالِ الْآخَرِ كَثَمَنِ الْعَبْدِ) تَقَدَّمَ أَوَّلَ مَسْأَلَةٍ إنْ لَمْ يَصْدِمَا قَصْدًا وَكَيْفَ لَوْ كَانَ أَحَدُهُمَا عَبْدًا.

وَلَمْ يَذْكُرْ ابْنُ يُونُسَ اصْطِدَامَهُمَا قَصْدًا وَهُنَا كَانَ يَنْبَغِي نَقْلُ كَلَامِهِ، لَكِنْ أَرَدْت تَقْدِيمَ نَصِّ الْمُدَوَّنَةِ.

(وَإِنْ تَعَدَّدَ الْمُبَاشِرُ فَفِي الْمُمَالَأَةِ يُقْتَلُ الْجَمِيعُ وَإِلَّا قُدِّمَ الْأَقْوَى) اُنْظُرْ قَبْلَ هَذَا عِنْدَ قَوْلِهِ " وَالْمُتَمَالَئُونَ " وَعِنْدَ قَوْلِهِ " وَالْمُتَسَبِّبُ مَعَ الْمُبَاشِرِ " ذُكِرَ هُنَاكَ إذَا كَانَ الْمُتَمَالِئُونَ فِي فَوْرٍ وَاحِدٍ، وَذُكِرَ هُنَا إذَا طَرَأَتْ مُبَاشَرَةٌ ثُمَّ أُخْرَى، قَالَ ابْنُ شَاسٍ: إذَا طَرَأَتْ مُبَاشَرَةٌ عَلَى مُبَاشَرَةٍ قُدِّمَ الْأَقْوَى.

فَلَوْ جَرَحَ الْأَوَّلُ وَحَزَّ الثَّانِي الرَّقَبَةَ فَالْقَوَدُ عَلَى الثَّانِي، فَلَوْ أَنْفَذَ الْأَوَّلُ الْمَقَاتِلَ ثُمَّ أَجْهَزَ عَلَيْهِ آخَرُ فَالْقِصَاصُ عَلَى الْأَوَّلِ خَاصَّةً بِغَيْرِ قَسَامَةٍ وَيُبَالَغُ فِي عُقُوبَةِ الثَّانِي.

سَحْنُونَ: لَوْ قَطَعَ أَحَدُهُمْ يَدَهُ وَالْآخَرُ رِجْلَهُ وَضَرَبَ الْآخَرُ عُنُقَهُ، قُتِلَ الْقَاتِلُ وَقُطِعَ الْقَاطِعَانِ. ابْنُ عَرَفَةَ: لَوْ أَنْفَذَ أَحَدُهُمَا مَقَاتِلَهُ وَأَجْهَزَ عَلَيْهِ الْآخَرُ فَقَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ فِي سَمَاعِ يَحْيَى: يُقْتَلُ الْأَوَّلُ وَيُعَاقَبُ الثَّانِي.

وَقَالَ فِي سَمَاعِ أَبِي زَيْدٍ عَكْسَ ذَلِكَ.

قَالَ ابْنُ رُشْدٍ: قَتْلُ الْأَوَّلِ أَظْهَرُ.

وَوَجْهُ الْقَوْلِ الثَّانِي هُوَ الَّذِي يُقْتَلُ لِأَنَّهُ حِينَئِذٍ كَانَ مَعْدُودًا فِي جُمْلَةِ الْأَحْيَاءِ يَرِثُ وَيُوصِي.

وَعَنْ سَحْنُونٍ: إنَّ وَصِيَّةَ مَنْ أَنْفَذَتْ مَقَاتِلُهُ لَا تَجُوزُ، فَعَلَى قَوْلِهِ لَا يَرِثُ وَلَا يُورَثُ. وَقِيَاسُ قَوْلِ ابْنِ الْقَاسِمِ يُقْتَلُ بِهِ الْأَوَّلُ أَنَّهُ لَا يَرِثُ وَلَا يُورَثُ. وَلَهُ فِي سَمَاعِ عِيسَى أَنَّهُ يَرِثُ وَيُورَثُ، فَيَتَحَصَّلُ فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ ثَلَاثَةُ أَقْوَالِ ثَالِثُهَا التَّفْرِقَةُ بَيْنَ الْقِصَاصِ وَالْمُوَارَثَةِ وَهِيَ أَحْسَنُ الْأَقْوَالِ.

(وَلَا يَسْقُطُ الْقَتْلُ عِنْدَ الْمُسَاوَاةِ

<<  <  ج: ص:  >  >>