مُتَهَاوَنٌ بِحُرْمَةِ الْأَنْبِيَاءِ وَالْمَلَائِكَةِ - عَلَيْهِمْ السَّلَامُ - يَجِبُ أَنْ يُؤَدَّبَ عَلَى ذَلِكَ الْأَدَبَ الْمُوجِعَ إلَّا أَنْ يَكُونَ مَعْرُوفًا بِالْخَيْرِ مِمَّنْ لَا يُتَّهَمُ فِي اعْتِقَادِهِ فَيُتَجَافَى عَنْ عُقُوبَتِهِ وَيُؤْمَرُ بِالِاسْتِغْفَارِ مِمَّا قَالَ وَلَا كَفَّارَةَ لِيَمِينِهِ بِحَالٍ. وَأَمَّا الْعَشَّارُ فَيُؤَدَّبُ الْأَدَبَ الْمُوجِعَ عَلَى كُلِّ حَالٍ. وَأَجَابَ ابْنُ الْحَاجِّ بِنَحْوِ هَذَا وَقَالَ فِي الْحَالِفِ: أَبْعَدَهُ اللَّهُ وَنَحَّاهُ يُضْرَبُ الضَّرْبَ الْمُبَرِّحَ وَكَذَلِكَ الْعَشَّارُ الْفَاسِقُ أَسْحَقَهُ اللَّهُ وَمَقَتَهُ.
(أَوْ يَا ابْنَ أَلْفِ كَلْبٍ) وَمِثْلُ هَذَا مَا يَجْرِي فِي كَلَامِ السُّفَهَاءِ مِنْ قَوْلِ بَعْضِهِمْ لِبَعْضٍ: يَا ابْنَ أَلْفِ خِنْزِيرٍ وَيَا ابْنَ مِائَةِ كَلْبٍ، وَلَا شَكَّ أَنَّهُ يَدْخُلُ فِي مِثْلِ هَذَيْنِ الْعَدَدُ مِنْ آبَائِهِ وَأَجْدَادِهِ جَمَاعَةٌ مِنْ الْأَنْبِيَاءِ، وَلَعَلَّ هَذَا الْعَدَدَ يَقَعُ إلَى آدَمَ فَيَنْبَغِي الزَّجْرُ عَنْهُ وَشِدَّةُ الْأَدَبِ فِيهِ.
(أَوْ عُيِّرَ بِالْفَقْرِ فَقَالَ تُعَيِّرُنِي بِهِ وَالنَّبِيُّ قَدْ رَعَى الْغَنَمَ) قَالَ مَالِكٌ فِي رَجُلٍ عَيَّرَهُ رَجُلٌ بِالْفَقْرِ فَقَالَ: أَتُعَيِّرُنِي بِالْفَقْرِ وَقَدْ رَعَى النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - الْغَنَمَ فَقَالَ مَالِكٌ: عَرَّضَ بِذِكْرِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فِي غَيْرِ مَوْضِعِهِ، أَرَى أَنْ يُؤَدَّبَ.
(أَوْ قَالَ لِغَضْبَانَ كَأَنَّهُ وَجْهُ مُنْكَرٍ أَوْ مَالِكٍ) سُئِلَ الْقَابِسِيُّ عَنْ رَجُلٍ قَالَ لِرَجُلٍ قَبِيحٍ كَأَنَّهُ وَجْهُ نَكِيرٍ وَلِرَجُلٍ عَبُوسٍ كَأَنَّهُ وَجْهُ مَالِكٍ الْغَضْبَانِ فَقَالَ بَعْدَ كَلَامٍ: هَذَا شَدِيدٌ لِأَنَّهُ جَرَى مَجْرَى التَّحْقِيرِ وَالتَّهْوِينِ، وَلَيْسَ فِيهِ تَصْرِيحٌ بِالسَّبِّ لِلْمَلَكِ وَإِنَّمَا السَّبُّ وَاقِعٌ عَلَى الْمُخَاطَبِ، وَفِي الْأَدَبِ بِالسَّوْطِ وَالسَّجْنِ نَكَالٌ لِلسُّفَهَاءِ، وَأَمَّا ذِكْرُ مَالِكٍ خَازِنِ النَّارِ فَقَدْ جَفَا الَّذِي ذَكَرَهُ عِنْدَمَا أَنْكَرَهُ مِنْ عُبُوسِ الْآخَرِ. اُنْظُرْ الْوَجْهَ الْخَامِسَ فِي الْبَابِ الْأَوَّلِ مِنْ الْقَسَمِ الرَّابِعِ مِنْ الشِّفَاءِ.
(أَوْ اسْتَشْهَدَ عَلَيْهِ بِبَعْضِ جَائِزٍ عَلَيْهِ فِي الدُّنْيَا حُجَّةَ لَهُ أَوْ لِغَيْرِهِ أَوْ سَبَّهُ لِنَقْصٍ لَحِقَهُ لَا عَلَى التَّأَسِّي كَإِنْ كَذَبْت فَقَدْ كَذَبُوا) عِيَاضٌ: الْوَجْهُ الْخَامِسُ أَنْ لَا يَقْصِدَ نَقْصًا وَلَا يَذْكُرَ عَيْبًا وَلَا سَبًّا لَكِنَّهُ يَسْتَشْهِدُ بِبَعْضِ أَحْوَالِهِ الْجَائِزَةِ عَلَيْهِ فِي الدُّنْيَا عَلَى طَرِيقِ ضَرْبِ الْمَثَلِ وَالْحُجَّةُ لِنَفْسِهِ أَوْ لِغَيْرِهِ أَوْ عَلَى التَّشَبُّهِ بِهِ أَوْ عِنْدَ هَضِيمَةٍ نَالَتْهُ أَوْ عِضَاضَةٍ لَحِقَتْهُ لَيْسَ عَلَى سَبِيلِ التَّأَسِّي وَطَرِيقِ التَّحْقِيقِ بَلْ عَلَى مَقْصِدِ التَّرْفِيعِ لِنَفْسِهِ أَوْ لِغَيْرِهِ وَسَبِيلِ التَّمْثِيلِ وَعَدَمِ التَّوْقِيرِ لِنَبِيِّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - كَقَوْلِ الْقَائِلِ:
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute