إنْ قِيلَ فِي السُّوءِ فَقَدْ قِيلَ فِي النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَإِنْ كُذِّبَتْ فَقَدْ كُذِّبَ الْأَنْبِيَاءُ، وَأَنَا أَسْلَمُ مِنْ النَّاسِ وَلَيْسَ يَسْلَمُ مِنْهُمْ أَنْبِيَاءُ اللَّهِ وَكَقَوْلِ الْمُتَنَبِّي:
أَنَا فِي أُمَّةٍ تَدَارَكَهَا اللَّهُ ... غَرِيبٌ كَصَالِحٍ فِي ثَمُودِ
ثُمَّ قَالَ: وَهَذِهِ كُلُّهَا وَإِنْ لَمْ تَتَضَمَّنْ سَبًّا وَلَا إضَافَةً إلَى الْمَلَائِكَةِ وَالْأَنْبِيَاءِ نَقْصًا وَلَا قَصَدَ قَائِلُهَا ازْدِرَاءً وَلَا غَضًّا فَمَا وَقَرَّ النُّبُوَّةَ ثُمَّ قَالَ: فَحَقُّ هَذَا إنْ دُرِئَ عَنْهُ الْقَتْلُ الْأَدَبُ وَالسَّجْنُ وَقُوَّةُ تَعْزِيرِهِ بِحَسَبِ شُنْعَةِ مُغَالَبَتِهِ. اُنْظُرْ الْوَجْهَ الْخَامِسَ مِنْ الْبَابِ الْمَذْكُورِ.
(أَوْ لَعَنَ الْعَرَبَ أَوْ بَنِي هَاشِمٍ وَقَالَ: أَرَدْت الظَّالِمِينَ) حُكِيَ عَنْ الشَّيْخِ أَبِي مُحَمَّدِ بْنِ أَبِي زَيْدٍ فِيمَنْ قَالَ لَعَنَ اللَّهُ الْعَرَبَ أَوْ لَعَنَ بَنِي هَاشِمٍ أَوْ لَعَنَ بَنِي إسْرَائِيلَ وَذَكَرَ أَنَّهُ لَمْ يُرِدْ الْأَنْبِيَاءَ وَإِنَّمَا أَرَادَ الظَّالِمِينَ مِنْهُمْ أَنَّ عَلَيْهِ الْأَدَبَ بِقَدْرِ اجْتِهَادِ السُّلْطَانِ. عِيَاضٌ: وَقَدْ يَضِيقُ الْقَوْلُ فِي نَحْوِ لَوْ قَالَ لِرَجُلٍ هَاشِمِيٍّ: لَعَنَ اللَّهُ بَنِي هَاشِمٍ وَقَالَ: أَرَدْت الظَّالِمِينَ مِنْهُمْ. اُنْظُرْ الْوَجْهَ الرَّابِعَ مِنْ الْبَابِ الْمَذْكُورِ.
(وَشُدِّدَ عَلَيْهِ فِي كُلِّ صَاحِبِ فُنْدُقٍ قَرْنَانِ وَإِنْ كَانَ نَبِيًّا) تَوَقَّفَ الْقَابِسِيُّ فِي قَتْلِ رَجُلٍ قَالَ كُلُّ صَاحِبِ فُنْدُقٍ قَرْنَانِ وَلَوْ كَانَ نَبِيًّا مُرْسَلًا، فَأُمِرَ بِشَدِّهِ بِالْقُيُودِ وَالتَّضْيِيقِ عَلَيْهِ حَتَّى تَسْتَفْهِمَ الْبَيِّنَةُ عَنْ جُمْلَةِ أَلْفَاظِهِ وَمَا يَدُلُّ عَلَى مَقْصِدِهِ هَلْ أَرَادَ أَصْحَابَ الْفَنَادِقِ الْآنَ، فَمَعْلُومٌ أَنَّهُمْ لَيْسَ فِيهِمْ نَبِيٌّ مُرْسَلٌ فَيَكُونُ أَمْرُهُ أَخَفَّ، وَلَكِنَّ ظَاهِرَ أَمْرِهِ الْعُمُومُ لِكُلِّ صَاحِبِ فُنْدُقٍ مِنْ الْمُتَقَدِّمِينَ وَالْمُتَأَخِّرِينَ وَقَدْ كَانَ فِيمَنْ تَقَدَّمَ مِنْ الْأَنْبِيَاءِ وَالرُّسُلِ مَنْ اكْتَسَبَ الْمَالَ وَذَمُّ الْمُسْلِمَ لَا يُقَدَّمُ عَلَيْهِ إلَّا بِأَمْرٍ بَيِّنٍ.
(وَفِي قَبِيحٍ لِأَحَدِ ذُرِّيَّتِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فِي آبَائِهِ مَعَ الْعِلْمِ بِهِ كَأَنْ انْتَسَبَ لَهُ) لَمَّا ذَكَرَ عِيَاضٌ حُكْمَ مَنْ لَعَنَ الْعَرَبَ وَقَالَ أَرَدْت الظَّالِمِينَ قَالَ: وَقَدْ يَضِيقُ الْقَوْلُ فِي نَحْوِ هَذَا لَوْ قَالَ لِرَجُلٍ مِنْ ذُرِّيَّةِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَوْلًا قَبِيحًا فِي آبَائِهِ أَوْ مِنْ نَسْلِهِ أَوْ وَلَدِهِ عَلَى عِلْمٍ مِنْهُ أَنَّهُ مِنْ ذُرِّيَّةِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -. وَانْظُرْ آخِرَ فَصْلٍ مِنْ كِتَابِ الشِّفَا حُكْمُ مَنْ نَالَ مِنْ آلِ بَيْتِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَأَزْوَاجِهِ وَأَصْحَابِهِ أَوْ انْتَقَصَهُمْ. وَلَمَّا نَالَ جَعْفَرٌ مِنْ مَالِكٍ مَا نَالَ حَتَّى حُمِلَ مَالِكٌ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - إلَى دَارِهِ مَغْشِيًّا عَلَيْهِ دَخَلَ النَّاسُ عَلَى مَالِكٍ فَأَفَاقَ وَقَالَ: أُشْهِدُكُمْ أَنِّي جَعَلْت جَعْفَرًا فِي حِلٍّ. فَسُئِلَ عَنْ ذَلِكَ فَقَالَ: خِفْت أَنْ أَمُوتَ فَأَلْقَى النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَأَسْتَحِي مِنْهُ أَنْ يَدْخُلَ بَعْضُ آلِهِ النَّارَ بِسَبَبِي. وَقِيلَ: إنَّ الْمَنْصُورَ أَقَادَهُ مِنْ جَعْفَرٍ فَقَالَ مَالِكٌ: أَعُوذُ بِاَللَّهِ وَاَللَّهِ مَا ارْتَفَعَ مِنْهَا سَوْطٌ مِنْ جِسْمِي إلَّا وَقَدْ جَعَلْته فِي حِلٍّ لِقَرَابَتِهِ مِنْ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - (أَوْ احْتَمَلَ قَوْلُهُ أَوْ شَهِدَ عَلَيْهِ عَدْلٌ أَوْ لَفِيفٌ فَعَاصٍ عَنْ الْقَتْلِ) عِيَاضٌ: إنْ ثَبَتَ قَوْلُهُ لَكِنْ اُحْتُمِلَ وَلَمْ يَكُنْ صَرِيحًا أَوْ لَمْ تَتِمَّ الشَّهَادَةُ عَلَيْهِ إنَّمَا شَهِدَ عَلَيْهِ الْوَاحِدُ أَوْ اللَّفِيفُ مِنْ النَّاسِ، فَهَذَا يَدْرَأُ عَنْهُ الْحَدِّ وَيَتَسَلَّطُ عَلَيْهِ الْإِمَامُ اجْتِهَادًا فَمَنْ قَوِيَ أَمْرُهُ أَذَاقَهُ مِنْ شَدِيدِ النَّكَالِ إلَى الْغَايَةِ (أَوْ سَبَّ مَنْ لَمْ يُجْمَعْ عَلَى نُبُوَّتِهِ) اُنْظُرْ قَبْلَ هَذَا عِنْدَ قَوْلِهِ: " أَوْ سَبَّ نَبِيًّا " (أَوْ صَحَابِيًّا) عِيَاضٌ سَبُّ آلِ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute