النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَأَزْوَاجِهِ وَأَصْحَابِهِ وَتَنَقُّصُهُمْ حَرَامٌ مَلْعُونٌ فَاعِلُهُ، مَشْهُورُ مَذْهَبِ مَالِكٍ فِي هَذَا الِاجْتِهَادُ وَالْأَدَبُ الْمُوجِعُ.
(وَسَبُّ اللَّهِ كَذَلِكَ وَفِي اسْتِتَابَةِ الْمُسْلِمِ خِلَافٌ) ابْنُ سَحْنُونٍ: مَنْ شَتَمَ الْحَقَّ سُبْحَانَهُ مِنْ الْيَهُودِ وَالنَّصَارَى بِغَيْرِ الْوَجْهِ الَّذِي بِهِ كَفَرَ قُتِلَ وَلَمْ يُسْتَتَبْ.
قَالَ ابْنُ أَبِي زَيْدٍ: إلَّا أَنْ يُسْلِمَ. وَفِي التَّفْرِيعِ: مَنْ سَبَّ اللَّهَ سُبْحَانَهُ أَوْ سَبَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - مِنْ مُسْلِمٍ أَوْ كَافِرٍ قُتِلَ وَلَمْ يُسْتَتَبْ.
وَقَالَ الْمَخْزُومِيُّ وَابْنُ أَبِي حَازِمٍ: لَا يُقْتَلُ الْمُسْلِمُ بِالسَّبِّ حَتَّى يُسْتَتَابَ، وَكَذَلِكَ الْيَهُودُ وَالنَّصَارَى. وَقَدْ تَقَدَّمَ نَقْلُ ابْنِ يُونُسَ عَنْ ابْنِ الْقَاسِمِ: وَإِنَّ مَنْ عَابَ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قُتِلَ وَلَمْ يُسْتَتَبْ وَمِيرَاثُهُ لِجَمِيعِ الْمُسْلِمِينَ وَهُوَ بِمَنْزِلَةِ الزِّنْدِيقِ الَّذِي لَا تُعْرَفُ تَوْبَتُهُ بِلِسَانِهِ وَيُرَاجَعُ ذَلِكَ فِي سَرِيرَتِهِ، وَإِنْ كَانَ نَصْرَانِيًّا فَإِنَّهُ يُقْتَلُ صَاغِرًا. وَسُئِلَ أَصْبَغُ عَنْ رَجُلٍ أَيْقَنَ بِرَجُلٍ أَنَّهُ زِنْدِيقٌ فَاغْتَالَهُ فَقَتَلَهُ فَقَالَ: هُوَ مُحْسِنٌ فِيمَا بَيْنَهُ وَبَيْنَ اللَّهِ لَكِنْ يُعَزِّرُهُ السُّلْطَانُ لِلْعَجَلَةِ قَبْلَ أَنْ يَثْبُتَ ذَلِكَ لِلسُّلْطَانِ، وَلَكِنَّهُ مُحْسِنٌ إذْ لَعَلَّ الْوُلَاةَ تُضَيِّعُ مِثْلَ هَذَا وَلَا تُصَحِّحُهُ وَقَالَ عِيسَى فِيمَنْ سَمِعَ نَصْرَانِيًّا يَشْتُمُ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَاغْتَاظَ عَلَيْهِ فَقَتَلَهُ قَالَ: لَا شَيْءَ عَلَيْهِ إنْ ثَبَتَ أَنَّ ذَلِكَ كَانَ يُوجِبُ عَلَيْهِ الْقَتْلَ.
(كَمَنْ قَالَ لَقِيت فِي مَرَضِي مَا لَوْ قَتَلْت أَبَا بَكْرٍ وَعُمَرَ لَمْ أَسْتَوْجِبْهُ) اُنْظُرْ هَذَا الْفَرْعَ لَعَلَّهُ كَانَ مُخَرَّجًا فِي الطُّرَّةِ قَبْلَ قَوْلِهِ: " وَسَبُّ اللَّهِ كَذَلِكَ " فَأَدْخَلَهُ الْمُخَرِّجُ هُنَا عِيَاضٌ: اخْتَلَفَ أَهْلُ قُرْطُبَةَ فِي مَسْأَلَةِ هَارُونَ أَخِي ابْنِ حَبِيبٍ وَكَانَ ضَيِّقَ الصَّدْرِ كَثِيرَ التَّبَرُّمِ قَالَ عِنْدَ اسْتِقْلَالِهِ مِنْ مَرَضٍ قَدْ لَقِيتُ فِي مَرَضِي هَذَا مَا لَوْ قَتَلْتُ أَبَا بَكْرٍ وَعُمَرَ لَمْ أَسْتَوْجِبْ هَذَا كُلَّهُ. فَأَفْتَى ابْنُ حَبِيبٍ بِمُوَافَقَةِ الْقَاضِي بِتَنْكِيلِهِ وَتَثْقِيلِ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute