للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

بَابٌ (يَجِبُ بِشُرْبِ الْمُسْلِمِ الْمُكَلَّفِ مَا يُسْكِرُ جِنْسُهُ طَوْعًا بِلَا عُذْرٍ وَضَرُورَةٍ) ابْنُ رُشْدٍ: الشُّرْبُ الْمُوجِبُ لِلْحَدِّ: شُرْبُ مُسْلِمٍ مُكَلَّفٍ مَا يُسْكِرُ كَثِيرُهُ مُخْتَارًا لَا لِضَرُورَةٍ وَلَا عُذْرٍ.

(أَوْ ظَنِّهِ غَيْرًا) ابْنُ عَرَفَةَ: سُقُوطُ حَدِّ مَنْ يَشْرَبُ مُسْكِرًا غَلَطًا وَاضِحٌ كَقَوْلِهَا مَعَ غَيْرِهَا فِي وَطْءِ أَجْنَبِيَّةٍ كَذَلِكَ، وَلَا حَدَّ أَيْضًا عَلَى مَنْ شَرِبَ مُبَاحًا ظَانًّا أَنَّهُ خَمْرٌ لَكِنْ تَسْقُطُ عَدَالَتُهُ.

قَالَهُ عِزُّ الدِّينِ. قَالَ فِي قَوَاعِدِهِ: وَعَلَيْهِ دَرَكُ الْمُخَالَفَةِ.

(وَإِنْ قَلَّ) مِنْ الْمُدَوَّنَةِ: مَا أَسْكَرَ كَثِيرُهُ مِنْ الْأَشْرِبَةِ فَقَلِيلُهُ حَرَامٌ.

(وَإِنْ جَهِلَ وُجُوبَ الْحَدِّ) ابْنُ شَاسٍ: أَمَّا لَوْ عَلِمَ التَّحْرِيمَ وَجَهِلَ وُجُوبَ الْحَدِّ لَحُدَّ قَوْلًا وَاحِدًا.

(أَوْ الْحُرْمَةِ لِقُرْبِ الْعَهْدِ) ابْنُ الْمَوَّازِ: مَنْ شَرِبَهُ مِمَّنْ لَا يَعْلَمُ تَحْرِيمَهُ كَالْأَعْجَمِيِّ الَّذِي دَخَلَ دَارَ الْإِسْلَامِ وَلَا يَعْرِفُ فَلَا عُذْرَ لِأَحَدٍ بِهَذَا فِي سُقُوطِ الْحَدِّ.

(وَلَوْ حَنَفِيًّا يَشْرَبُ النَّبِيذَ وَصَحَّحَ نَفْيَهُ) الْبَاجِيُّ: مَنْ تَأَوَّلَ فِي الْمُسْكِرِ مِنْ غَيْرِ الْخَمْرِ أَنَّهُ حَلَالٌ حُدَّ وَلَمْ يُعْذَرْ. رَوَاهُ مُحَمَّدٌ عَنْ مَالِكٍ وَأَصْحَابِهِ. وَلَعَلَّ هَذَا فِيمَنْ لَيْسَ مِنْ أَهْلِ الِاجْتِهَادِ، وَأَمَّا مَنْ كَانَ مِنْ أَهْلِ الِاجْتِهَادِ وَالْعِلْمِ فَالصَّوَابُ عَدَمُ حَدِّهِ. ابْنُ عَرَفَةَ: وَمُقَلِّدُ مُبِيحِهِ مِثْلُهُ، وَاخْتَارَهُ اللَّخْمِيِّ فِي غَيْرِ مَوْضِعٍ.

(ثَمَانُونَ) هَذَا هُوَ الْمَخْبَرُ عَنْهُ بِقَوْلِهِ: " بِشُرْبِ الْمُسْلِمِ إلَخْ " ابْنُ عَرَفَةَ: حَدُّهُ ثَمَانُونَ فِيهَا وَيَنْشَطِرُ بِالرِّقِّ (بَعْدَ صَحْوِهِ) مِنْ الْمُدَوَّنَةِ: لَا يُحَدُّ السَّكْرَانُ حَتَّى يَصْحُوَ. زَادَ فِي سَمَاعِ أَبِي زَيْدٍ: وَلَوْ خَافَ أَنْ يَأْتِيَهُ بِشَفَاعَةٍ تُبْطِلُ حَدَّهُ.

وَقَالَ ابْنُ سَلْمُونَ: فَخُفِّفَ بَعْضُ التَّخْفِيفِ فِي الشَّرَابِ.

وَرُوِيَ «أَنَّ رَجُلًا شَرِبَ فَانْطُلِقَ بِهِ إلَى رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَلَمَّا حَاذَى دَارَ الْعَبَّاسِ انْفَلَتَ فَدَخَلَهَا فَذُكِرَ ذَلِكَ لِلنَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَضَحِكَ وَقَالَ: أَفَعَلَهَا وَلَمْ يَأْمُرْ فِيهِ بِشَيْءٍ» (وَتُشْطَرُ بِالرِّقِّ) تَقَدَّمَ نَصُّ الْمُدَوَّنَةِ بِهَذَا.

(إنْ أَقَرَّ أَوْ شَهِدَ اثْنَانِ بِشُرْبٍ) ابْنُ عَرَفَةَ: يَثْبُتُ بِالْبَيِّنَةِ وَالْإِقْرَارِ كَسَائِرِ الْحُقُوقِ.

(أَوْ شُمَّ) ابْنُ عَرَفَةَ: وَيَثْبُتُ بِثُبُوتِ رَائِحَةٍ. أَبُو عُمَرَ: الْحَدُّ بِالرَّائِحَةِ وَهُوَ قَوْلُ مَالِكٍ وَجُمْهُورِ أَهْلِ الْحِجَازِ خِلَافًا لِلشَّافِعِيِّ وَغَيْرِهِ.

<<  <  ج: ص:  >  >>