وَقَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ: إذَا رَأَى الْحَاكِمُ تَخْلِيطًا فِي قَوْلٍ أَوْ شَيْءٍ شِبْهَ السَّكْرَانِ أَمَرَ بِاسْتِنْكَاهِهِ لِأَنَّهُ قَدْ بَلَغَ إلَى الْحَاكِمِ فَلَا يَسَعُهُ إلَّا تَحَقُّقُهُ، وَإِذَا لَمْ يَظْهَرْ عَلَيْهِ شَيْءٌ مِنْ هَذِهِ الْأَحْوَالِ لَمْ يَسْتَنْكِهْهُ وَلَمْ يُتَجَسَّسْ عَلَيْهِ. انْتَهَى مِنْ الْمُنْتَقَى.
(وَإِنْ خُولِفَ وَجَازَ لِإِكْرَاهٍ) أَمَّا جَوَازُ شُرْبِ الْخَمْرِ إذَا أُكْرِهَ عَلَى شُرْبِهَا فَقَالَ ابْنُ الْعَرَبِيِّ: اُخْتُلِفَ فِي التَّهْدِيدِ هَلْ هُوَ إكْرَاهٌ؟ وَالصَّحِيحُ أَنَّهُ إكْرَاهٌ، فَإِذَا قَالَ لَهُ الظَّالِمُ: إنْ لَمْ تَفْعَلْ كَذَا سَجَنْتُك أَوْ أَخَذْتُ مَالَكَ وَلَمْ يَكُنْ لَهُ مَا يَحْمِيهِ مِنْ ذَلِكَ إلَّا اللَّهُ، فَلَهُ أَنْ يُقْدِمَ إلَّا عَلَى قَتْلِ غَيْرِهِ فَلَا يَفْدِي نَفْسَهُ بِقَتْلِ غَيْرِهِ، وَاخْتُلِفَ فِي الزِّنَا وَالصَّحِيحُ أَنَّهُ يَجُوزُ لَهُ الْإِقْدَامُ عَلَيْهِ وَلَا حَدَّ عَلَيْهِ خِلَافًا لِابْنِ الْمَاجِشُونِ فَإِنَّهُ أَلْزَمَهُ الْحَدَّ، لِأَنَّهُ رَأَى أَنَّهَا شَهَادَةٌ خُلُقِيَّةٌ لَا يُتَصَوَّرُ عَلَيْهَا إكْرَاهٌ وَلَكِنَّهُ غَفَلَ عَنْ السَّبَبِ فِي بَاعِثِ الشَّهَادَةِ وَأَنَّهُ بَاطِلٌ، وَإِنَّمَا وَجَبَ الْحَدُّ عَلَى شَهَادَةٍ بَعَثَ عَلَيْهَا سَبَبٌ اخْتِيَارِيٌّ فَقَاسَ الشَّيْءَ عَلَى ضِدِّهِ فَلَمْ يَخْلُ صَوَابٌ مِنْ عِنْدِهِ. وَانْظُرْ الْفَرْقَ السَّابِعَ وَالْأَرْبَعِينَ وَالْمِائَتَيْنِ لِشِهَابِ الدِّينِ: وَأَمَّا الْكُفْرُ فَذَلِكَ جَائِزٌ لَهُ بِلَا خِلَافٍ لَكِنْ عَلَى شَرْطِ أَنْ يَلْفِظَ بِلِسَانِهِ وَقَلْبُهُ مُنْشَرِحٌ بِالْإِيمَانِ، وَلَمَّا سَمَحَ اللَّهُ فِي الْكُفْرِ بِهِ عِنْدَ الْإِكْرَاهِ حَمَلَ الْعُلَمَاءُ عَلَيْهِ فُرُوعَ الشَّرِيعَةِ كُلِّهَا. وَأَمَّا سُقُوطُ الْحَدِّ فَقَالَ ابْنُ عَرَفَةَ: الْمُكْرَهُ لَا يُحَدُّ لِوُضُوحِ الشُّبْهَةِ أَوْ عَدَمِ تَكْلِيفِهِ وَهُوَ الْأَظْهَرُ لِعُمُومِهِ فِي الطَّلَاقِ وَنَحْوِهِ.
(أَوْ إسَاغَةٍ) أَمَّا الْجَوَازُ فَقَالَ ابْنُ حَبِيبِ: إنْ غَصَّ بِطَعَامٍ فَلَهُ أَنْ يُجَوِّزَهُ بِالْخَمْرِ.
وَقَالَ مَالِكٌ: لَا يَزِيدُهُ الْخَمْرُ إلَّا شَرًّا. ابْنُ رُشْدٍ: الْمُضْطَرُّ لِلْإِسَاغَةِ لَا يُحَدُّ لِوُضُوحِ تَعْلِيلِهِ. هَذَا يَدُلُّ عَلَى أَنَّهُ لَوْ كَانَ فِي شُرْبِهَا مَنْفَعَةٌ لَجَازَ لَهُ شُرْبُهَا، وَأَمَّا سُقُوطُ الْحَدِّ فَقَالَ ابْنُ عَرَفَةَ: الْمُضْطَرُّ لِلْإِسَاغَةِ لَا يُحَدُّ لِوُضُوحِ الشُّبْهَةِ.
(لَا دَوَاءٍ وَلَوْ طِلَاءً) مَالِكٌ: التَّدَاوِي مِنْ الْقُرْحَةِ بِالْبَوْلِ أَخَفُّ مِنْ التَّدَاوِي فِيهَا بِالْخَمْرِ. ابْنُ رُشْدٍ: لِمَا جَاءَ فِي الْخَمْرِ إنَّهَا رِجْسٌ وَلَمْ يَأْتِ فِي الْبَوْلِ إلَّا أَنَّهُ نَجِسٌ. ابْنُ شَعْبَانَ: لَا يَتَعَالَجُ بِالْمُسْكِرِ وَإِنْ غُسِلَ بِالْمَاءِ وَلَا يُدَاوَى بِهِ دُبُرُ الدَّوَابِّ.
(وَالْحُدُودُ بِضَرْبٍ وَسَوْطٍ مُعْتَدِلَيْنِ) مِنْ الْمُدَوَّنَةِ: صِفَةُ الضَّرْبِ فِي الزِّنَا وَالشُّرْبِ وَالْفِرْيَةِ وَالتَّعْزِيرِ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute