للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ذَلِكَ أَوْ كَانَ فِي عَمَلٍ حَتَّى حَضَرَتْ الصَّلَاةُ فَصَلَّاهَا كَمَا هُوَ لَا بَأْسَ بِذَلِكَ، وَإِنْ كَانَ إنَّمَا فَعَلَ ذَلِكَ لِيَكْفِتَ بِهِ شَعَرًا، أَوْ ثَوْبًا فَلَا خَيْرَ فِيهِ. ابْنُ يُونُسَ: النَّهْيُ عَنْ ذَلِكَ إنَّمَا هُوَ إذَا قَصَدَ بِهِ الصَّلَاةَ بِكَفْتٍ يَسْتُرُ.

(وَتَلَثُّمٌ) تَقَدَّمَ نَصُّ الْمُدَوَّنَةِ وَكَذَا الْمُتَلَثِّمُ. وَقَالَ اللَّخْمِيِّ: إنَّهُ مَكْرُوهٌ، وَأَمَّا تَلَثُّمُ الرَّجُلِ فَقَالَ ابْنُ عَرَفَةَ: شَدَّدَ مَالِكٌ كَرَاهَةَ تَغْطِيَةِ اللِّحْيَةِ فِي الصَّلَاةِ

وَقَوْلُ ابْنِ شَعْبَانَ: " لَا يُغَطِّي لِحْيَتَهُ وَلَا بَأْسَ بِتَغْطِيَةِ ذَقَنِهِ " مُشْكِلٌ. وَاسْتَخَفَّ ابْنُ رُشْدٍ تَلَثُّمَ الْمُرَابِطِينَ، لِأَنَّهُ زِيُّهُمْ بِهِ عُرِفُوا وَهُمْ حَمَاةُ الدِّينِ وَيُسْتَحَبُّ تَرْكُهُ فِي الصَّلَاةِ، وَمَنْ صَلَّى بِهِ مِنْهُمْ فَلَا حَرَجَ انْتَهَى. اُنْظُرْ قَوْلَ ابْنِ رُشْدٍ، لِأَنَّهُ زِيُّهُمْ نَحْوَهُ نَقَلَ الْبُرْزُلِيِّ عَنْ بَعْضِ شُيُوخِهِ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - إنَّمَا نَهَى الْعَرَبَ أَنْ يَتَشَبَّهُوا بِالْعَجَمِ وَلَمْ يَأْتِ أَنَّهُ نَهَى وَفْدًا قَدِمُوا عَلَيْهِ مِنْ وُفُودِ الْأَعَاجِمِ أَنْ يَنْتَقِلُوا عَنْ زِيِّهِمْ إلَى زِيِّ الْعَرَبِ، وَالْمُرَادُ بِهَذَا النَّهْيِ التَّشَبُّهُ بِالْعَجَمِ فِيمَا فَعَلُوهُ عَلَى خِلَافِ مُقْتَضَى شَرْعِنَا، وَأَمَّا مَا فَعَلُوهُ عَلَى وَفْقِ النَّدْبِ، أَوْ الْإِيجَابِ، أَوْ الْإِبَاحَةِ فِي شَرْعِنَا فَلَا يُتْرَكُ لِأَجْلِ تَعَاطِيهِمْ إيَّاهُ، فَإِنَّ الشَّرْعَ لَا يَنْهَى عَنْ التَّشَبُّهِ بِمَنْ يَفْعَلُ مَا أَذِنَ لَهُ فِيهِ. وَقَدْ قَالَ مَالِكٌ فِي الْمَظَالِّ: لَيْسَتْ مِنْ لِبَاسِ السَّلَفِ، وَأَبَاحَ لِبَاسَهَا قَالَ: لِأَنَّهَا تَقِي مِنْ الْبَرْدِ، وَلِي فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ بَسْطٌ ذَكَرْته

<<  <  ج: ص:  >  >>