للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ابْنُ بَشِيرٍ: الْخِلَافُ فِي إمَامَةِ الْفَاسِقِ خِلَافٌ فِي حَالٍ؛.

فَإِنْ كَانَ مِنْ التَّهَاوُنِ وَالْجُرْأَةِ بِأَنْ يَتْرُكَ مَا اُؤْتُمِنَ عَلَيْهِ مِنْ فُرُوضِ الصَّلَاةِ كَالنِّيَّةِ وَالطَّهَارَةِ فَلَا تَصِحُّ إمَامَتُهُ، وَإِنْ كَانَ مِمَّا اضْطَرَّهُ هَوًى غَالِبٌ إلَى ارْتِكَابِ كَبِيرَةٍ مَعَ بَرَاءَتِهِ مِنْ التَّهَاوُنِ وَالْجُرْأَةِ صَحَّتْ إمَامَتُهُ وَهَذَا يُعْلَمُ بِقَرِينَةِ الْحَالِ.

وَقَالَ اللَّخْمِيِّ: أَرَى أَنْ تُجْزِئَ الصَّلَاةُ إذَا كَانَ فِسْقُهُ بِمَا لَا تَعَلُّقَ لَهُ بِالصَّلَاةِ كَالزِّنَا وَالْغَضَبِ، وَكَثِيرًا مَا يُرَى مِنْ هَؤُلَاءِ السَّلَاطِينِ التَّحَفُّظُ فِي أُمُورِ صَلَوَاتِهِمْ، وَنَحْوُ هَذَا لِأَبِي إِسْحَاقَ.

وَقَالَ الْقَبَّابُ: أَعْدَلُ الْمَذَاهِبِ أَنَّهُ لَا يُقَدَّمُ الْفَاسِقُ لِلشَّفَاعَةِ وَالْإِمَامَةِ، وَمَنْ صَلَّى خَلْفَهُ لَا إعَادَةَ عَلَيْهِ إنْ كَانَ يَتَحَفَّظُ عَلَى أُمُورِ الصَّلَاةِ.

قَالَ: وَهَذَا هُوَ مُرْتَضَى التُّونُسِيِّ وَاللَّخْمِيُّ وَابْنِ يُونُسَ انْتَهَى.

وَنَصُّ ابْنُ يُونُسَ: الصَّوَابُ أَنْ لَا إعَادَةَ عَلَى مَنْ صَلَّى خَلْفَ مَنْ يَشْرَبُ الْخَمْرَ؛ لِأَنَّهُ مِنْ أَهْلِ الذُّنُوبِ وَلَيْسَ بِأَسْوَأَ حَالًا مِنْ الْمُبْتَدِعِ، وَقَدْ اُخْتُلِفَ فِي إعَادَةِ مَنْ صَلَّى خَلْفَ مُبْتَدِعٍ قَالَ: وَقَالَ مَالِكٌ: لَا يَؤُمُّ السَّكْرَانُ وَمَنْ صَلَّى خَلْفَهُ أَعَادَ.

ابْنُ حَبِيبٍ: أَبَدًا.

وَكَذَا يُعِيدُ أَبَدًا مَنْ صَلَّى خَلْفَ مَنْ شَرِبَ الْمُسْكِرَ إلَّا أَنْ يَكُونَ الْخَلِيفَةَ أَوْ قَاضِيَهُ، أَوْ صَاحِبَ شُرْطَتِهِ؛ لِأَنَّ مَنْعَ الصَّلَاةِ مَعَهُ دَاعٍ إلَى الْخُرُوجِ عَنْ طَاعَتِهِمْ وَسَبَبٌ إلَى الْفِتَنِ، وَقَدْ صَلَّى ابْنُ عُمَرَ خَلْفَ الْحَجَّاجِ.

وَمَنْ أَعَادَ فِي الْوَقْتِ فَحَسَنٌ إلَّا أَنْ يَكُونَ سَكْرَانًا فِي حَالِ الصَّلَاةِ.

وَقَالَ الْقَبَّابُ: فِي كَلَامِ أَبِي إِسْحَاقَ مَا يُشْعِرُ بِجَوَازِ إمَامَةِ شَارِبِ الْخَمْرِ إذَا لَمْ يَسْكَرْ وَكَانَتْ ثِيَابُهُ طَاهِرَةً وَغَسَلَ فَاهُ وَلَمْ يَعْتَبِرْ مَا فِي الْجَوْفِ وَرُبَّمَا أَعْطَى كَلَامُ ابْنِ حَبِيبٍ هَذَا الْمَعْنَى.

وَقَالَ سَنَدٌ: لَمَّا تَعَذَّرَ عَلَيْهِ رَفْعُ النَّجَاسَةِ صَارَ كَمَنْ أَرَاقَ الْمَاءَ وَصَلَّى بِالتَّيَمُّمِ فَإِنَّهُ آثِمٌ مَعَ صِحَّةِ صَلَاتِهِ، وَهَلْ يَلْزَمُهُ أَنْ يَتَقَيَّأَ؟ خِلَافٌ بَيْنَ الشَّافِعِيَّةِ.

قَالَ الْقَبَّابُ: الَّذِي يَنْزِلُ بِالنَّاسِ كَثِيرًا إمَامَةُ الْفَاسِقِ بِغَيْرِ هَذَا مِمَّنْ يَغْتَابُ النَّاسَ وَرُبَّمَا أَخَذَ مُرَتَّبًا مِنْ جِبَايَةِ الْمَخَازِنِ وَمَنْ يُعْطِي لِزَوْجَتِهِ الدَّرَاهِمَ لِتَذْهَبَ بِهَا إلَى

<<  <  ج: ص:  >  >>