للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الْحَمَّامِ.

وَنَقَلَ الْقُرْطُبِيُّ فِي تَفْسِيرِهِ قَالَ الْعُلَمَاءُ: مَنْ كَانَ إمَامًا لِظَالِمٍ لَا يُصَلِّي وَرَاءَهُ.

قَالَ فِي التَّمْهِيدِ:، قِيلَ: لِعَطَاءٍ أَخٌ لِي صَاحِبُ سُلْطَانٍ يَكْتُبُ مَا يَدْخُلُ وَمَا يَخْرُجُ أَمِينٌ عَلَى ذَلِكَ إنْ تَرَكَ قَلَمَهُ صَارَ عَلَيْهِ دَيْنٌ قَالَ: الرَّأْسُ مَنْ؟ قُلْت: خَالِدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ قَالَ: أَوَمَا تَقْرَأُ هَذِهِ الْآيَةَ: {فَلَنْ أَكُونَ ظَهِيرًا لِلْمُجْرِمِينَ} [القصص: ١٧] انْتَهَى.

اُنْظُرْ قَوْلَ الْقَبَّابِ مِمَّنْ يَغْتَابُ النَّاسَ سَيَأْتِي حُكْمُ ذَلِكَ فِي الشَّهَادَاتِ، وَانْظُرْ قَوْلَهُ فِي دُخُولِ الْمَرْأَةِ الْحَمَّامَ.

قَالَ فِي الرِّسَالَةِ: وَلَا تَدْخُلُ الْمَرْأَةُ الْحَمَّامَ إلَّا مِنْ عِلَّةٍ.

وَنَقَلَ اللَّخْمِيُّ وَابْنُ رُشْدٍ أَنَّ هَذَا النَّهْيَ إنَّمَا كَانَ فِي الْوَقْتِ الَّذِي لَمْ يَكُنْ لِلنِّسَاءِ حَمَّامٌ مُفْرَدٌ، وَقَدْ تَقَدَّمَ أَنَّ حُكْمَ الْمَرْأَةِ مَعَ الْمَرْأَةِ بِالنِّسْبَةِ لِرُؤْيَةِ الْجَسَدِ كَحُكْمِ الرَّجُلِ مَعَ الرَّجُلِ.

وَقَدْ قَالَ ابْنُ الْعَرَبِيِّ: مِنْ النَّعِيمِ الْمَشْرُوعِ الْإِرْفَاهُ بِتَنْظِيفِ الْبَدَنِ مِنْ الْأَقْذَارِ زَائِدٌ عَلَى طَهَارَتِهِ مِنْ الْأَنْجَاسِ بِالْأَدْهَانِ وَالْحَمَّامِ، وَلَا بَأْسَ بِدُخُولِهِ مُفْرَدًا إلَّا أَنْ يَكُونَ الرَّجُلُ مَعَ أَهْلِهِ، وَإِنْ دَخَلَهُ مَعَ النَّاسِ فَلْيَسْتَتِرْ بِصَفِيقٍ مِنْ الْأُزُرِ وَيَصْرِفُ بَصَرَهُ عَنْ مَظَانِّ الِانْتِهَاكِ.

فَإِنْ قِيلَ: فَالْحَمَّامُ دَارٌ يَغْلِبُ عَلَيْهَا الْمُنْكَرُ وَدُخُولُهُ إلَى أَنْ يَكُونَ حَرَامًا أَقْرَبُ مِنْهُ أَنْ يَكُونَ مَكْرُوهًا، فَكَيْفَ أَنْ يَكُونَ جَائِزًا؟ قُلْنَا: الْحَمَّامُ مَوْضِعُ تَدَاوٍ وَتَطَهُّرٍ فَصَارَ بِمَنْزِلَةِ النَّهْرِ فَإِنَّ الْمُنْكَرَ قَدْ غَلَبَ فِيهِ بِكَشْفِ الْعَوْرَاتِ، وَبِظَاهِرِ الْمُنْكَرَاتِ، فَإِذَا احْتَاجَ إلَيْهِ الْمَرْءُ دَخَلَهُ وَدَفَعَ الْمُنْكَرَ عَنْ بَصَرِهِ وَسَمْعِهِ مَا أَمْكَنَهُ وَالْمُنْكَرُ الْيَوْمَ فِي الْبُلْدَانِ فَالْحَمَّامُ كَالْبَلَدِ عُمُومًا وَكَالنَّهْرِ خُصُوصًا.

وَقَالَ عِزُّ الدِّينِ بْنُ عَبْدِ السَّلَامِ: يَجُوزُ دُخُولُ الْحَمَّامِ فَإِنْ قَدَرَ عَلَى الْإِنْكَارِ أَنْكَرَ، وَإِنْ عَجَزَ عَنْ الْإِنْكَارِ كَرِهَ بِقَلْبِهِ فَيَكُونُ مَأْجُورًا عَلَى كَرَاهَتِهِ وَيَحْفَظُ بَصَرَهُ عَنْ الْعَوْرَاتِ مَا اسْتَطَاعَ.

وَفِي الْإِحْيَاءِ: لَا بَأْسَ بِدُخُولِ الْحَمَّامِ. دَخَلَ الصَّحَابَةُ - رِضْوَانُ اللَّهِ عَلَيْهِمْ - حَمَّامَاتِ الشَّامِ.

وَقَالَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عُمَرَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ -: الْحَمَّامُ مِنْ النَّعِيمِ الَّذِي أَحْدَثُوهُ.

وَعَنْ أَبِي الدَّرْدَاءِ وَأَبِي أَيُّوبَ الْأَنْصَارِيِّ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا -: نِعْمَ الْبَيْتُ الْحَمَّامُ يُطَهِّرُ الْبَدَنَ وَيُذَكِّرُ النَّارَ.

وَقَالَ بَعْضُهُمْ: بِئْسَ الْبَيْتُ الْحَمَّامُ يُبْدِي الْعَوْرَةَ وَيُذْهِبُ الْحَيَاءَ.

قَالَ أَبُو حَامِدٍ: بَعْضُهُمْ تَعَرَّضَ لِآفَتِهِ وَبَعْضُهُمْ لِفَائِدَتِهِ وَلَا بَأْسَ بِطَلَبِ فَائِدَتِهِ عِنْدَ الِاحْتِرَازِ مِنْ آفَتِهِ.

وَلِابْنِ الْعَرَبِيِّ فِي مَسَالِكِهِ عَلَى تَرْجَمَةِ تَعْجِيلِ الصَّلَاةِ بِعَرَفَةَ: الصَّلَاةُ خَلْفَ مَنْ يُقِيمُهُ الْإِمَامُ عَلَى شَرَائِعِهِ وَسُنَنِهِ بَرًّا كَانَ، أَوْ فَاجِرًا أَوْ مُبْتَدِعًا مَا لَمْ تُخْرِجْ بِدْعَتُهُ عَنْ الْإِسْلَامِ.

وَفِيهِ أَنَّ الرَّجُلَ الْفَاضِلَ لَا يَدْخُلُ عَلَيْهِ فِي مَشْيِهِ إلَى السُّلْطَانِ الْجَائِرِ فِيمَا يَحْتَاجُ إلَيْهِ.

وَفِي عَارِضَتِهِ عَلَى حَدِيثِ الْجَرِيدَتَيْنِ: الذُّنُوبُ عَلَى قِسْمَيْنِ صَغِيرَةٍ لَا أَصْغَرَ مِنْهَا - وَهِيَ النَّظَرُ - وَكَبِيرَةٍ لَا أَكْبَرَ مِنْهَا - وَهِيَ الْكُفْرُ -، وَمَا بَيْنَهُمَا مُخْتَلِفٌ حُكْمُهُ، وَقَالَ ابْنُ الْقَطَّانِ: جِنَايَةُ الْبَصَرِ تُكَفِّرُهُ الطَّاعَاتُ وَقَدْ جَعَلَهُ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - مُكَفَّرًا بِالْوُضُوءِ فَقَالَ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «إذَا تَوَضَّأَ الْعَبْدُ الْمُؤْمِنُ خَرَجَ مِنْ وَجْهِهِ كُلُّ خَطِيئَةٍ نَظَرَ إلَيْهَا بِعَيْنِهِ مَعَ الْمَاءِ، أَوْ مَعَ آخِرِ قَطْرِ الْمَاءِ» وَقَدْ حَدَّثَنِي ابْنُ عَبَّاسٍ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - ذَلِكَ فَقَالَ: مَا رَأَيْت أَشْبَهَ

<<  <  ج: ص:  >  >>