أَمَّا التَّرَدُّدُ فِي اشْتِرَاطِ السَّقْفِ فَهِيَ مَسْأَلَةُ ابْنِ رُشْدٍ وَالْبَاجِيِّ عِنْدَ قَوْلِهِ: " مَبْنِيٍّ "
وَقَالَ ابْنُ الْعَرَبِيِّ: مِنْ شُرُوطِ أَدَاءِ الْجُمُعَةِ الْمَسْجِدُ الْمُسَقَّفُ وَمَا عَلِمْت لِهَذَا وَجْهًا فِي الشَّرِيعَةِ إلَى الْآنَ
وَأَمَّا التَّرَدُّدُ فِي قَصْدِ تَأْبِيدِهَا بِهِ فَقَالَ الْبَاجِيُّ: لَوْ أَصَابَ النَّاسَ مَا يَمْنَعُهُمْ مِنْ الْجَامِعِ فِي يَوْمٍ مَا لَمْ يَصِحَّ لَهُمْ جُمُعَةٌ فِي غَيْرِهِ مِنْ الْمَسَاجِدِ ذَلِكَ الْيَوْمَ إلَّا أَنْ يُنْقَلَ إلَيْهِ هَذَا الْحُكْمُ عَلَى التَّأْبِيدِ دُونَ يَوْمٍ بِعَيْنِهِ وَيُعَطَّلُ حُكْمُ الْجُمُعَةِ عَنْ الْمَسْجِدِ الْأَوَّلِ
ابْنُ رُشْدٍ: هَذَا بَعِيدٌ وَقَدْ أُقِيمَتْ الْجُمُعَةُ بِقُرْطُبَةَ بِمَسْجِدِ أَبِي عُثْمَانَ وَلَمْ أَرَ ذَلِكَ كَانَ إلَّا لِعُذْرٍ مَنَعَ مِنْ إقَامَتِهَا بِالْمَسْجِدِ الْجَامِعِ وَالْعُلَمَاءُ مُتَوَافِرُونَ
اللَّخْمِيِّ: إنْ كَانَ فِي الْمِصْرِ جَامِعَانِ أُقِيمَتْ الْجُمُعَةُ فِي الْأَقْدَمِ، وَإِنْ أُقِيمَتْ فِي الْأَحْدَثِ وَحْدَهُ أَجْزَأَتْ، وَإِنْ أُقِيمَتْ فِيهِمَا مَعًا أَجْزَأَتْ مَنْ صَلَّاهَا فِي الْأَقْدَمِ وَأَعَادَ الْآخَرُونَ قَالَهُ مَالِكٌ
وَأَمَّا التَّرَدُّدُ فِي إقَامَةِ الْخَمْسِ بِهِ فَاسْتَظْهِرْ أَنْتَ عَلَيْهِ، يَبْقَى النَّظَرُ إذَا بَعُدَ مَا بَيْنَ الْقَرْيَتَيْنِ فَقَالَ ابْنُ حَبِيبٍ: إنْ كَانَ مَا بَيْنَهُمَا مَسَافَةُ بَرِيدٍ أُقِيمَتْ جُمُعَةٌ بِكُلِّ وَاحِدٍ
وَقَالَ الْبَاجِيُّ: الصَّحِيحُ قَوْلُ ابْنِ بَشِيرٍ يُتَّخَذُ مَسْجِدٌ جَامِعٌ بِالْقَرْيَةِ إذَا كَانَ بَيْنَهَا وَبَيْنَ الْمَسْجِدِ الْجَامِعِ أَكْثَرُ مِنْ فَرْسَخٍ لِأَنَّ كُلَّ مَوْضِعٍ لَا يَلْزَمُ أَهْلَهُ النُّزُولُ إلَى الْجُمُعَةِ لِبُعْدِهِمْ - وَكَمُلَتْ فِيهِمْ شُرُوطُ الْجُمُعَةِ - لَزِمَتْهُمْ إقَامَتُهَا (وَصَحَّتْ بِرَحْبَتِهِ وَطُرُقٍ مُتَّصِلَةٍ بِهِ إنْ ضَاقَ أَوْ اتَّصَلَتْ الصُّفُوفُ لَا انْتَفَيَا) مِنْ الْمُدَوَّنَةِ قَالَ مَالِكٌ: تُصَلَّى الْجُمُعَةُ فِي أَفْنِيَةِ الْمَسْجِدِ وَرِحَابِهِ وَأَفْنِيَةِ مَا يَلِيهِ مِنْ الْحَوَانِيتِ وَالدُّورِ الَّتِي تُدْخَلُ بِغَيْرِ إذْنٍ، وَإِنْ لَمْ تَتَّصِلْ الصُّفُوفُ بِتِلْكَ الْأَفْنِيَةِ وَكَانَتْ بَيْنَهُمْ طَرِيقٌ فَصَلَاةُ مَنْ صَلَّى فِيهَا تَامَّةٌ إذَا ضَاقَ الْمَسْجِدُ وَلَا أُحِبُّ ذَلِكَ فِي غَيْرِ ضِيقِهِ
ابْنُ رُشْدٍ: ظَاهِرُ الْمُدَوَّنَةِ وَسَمَاعِ ابْنِ الْقَاسِمِ أَنَّ مَنْ صَلَّى الْجُمُعَةَ فِي مَصَاطِبِ الْحَوَانِيتِ الَّتِي لَا تَأْخُذُهَا الْغَلْقُ مِنْ غَيْرِ ضَرُورَةٍ وَلَا ضِيقِ مَسْجِدٍ أَنَّهُ قَدْ أَسَاءَ وَصَلَاتُهُ جَائِزَةٌ وَهِيَ رِوَايَةُ ابْنِ أَبِي أَوْسٍ.
وَوَجْهُهُ أَنَّ الصَّلَاةَ لَمَّا كَانَتْ فِي هَذِهِ الْمَوَاضِعِ جَائِزَةً لِمَنْ ضَاقَ عَنْهُ الْمَسْجِدُ وَجَبَ أَنْ تَجُوزَ صَلَاةُ مَنْ صَلَّى فِيهَا، وَإِنْ لَمْ يَضِقْ الْمَسْجِدُ عَنْهُ أَصْلُ ذَلِكَ مَنْ صَلَّى فِي الصَّفِّ الثَّانِي وَهُوَ يَجِدُ سَعَةً فِي الصَّفِّ الْأَوَّلِ انْتَهَى
وَعِبَارَةُ ابْنِ عَرَفَةَ خَارِجُ الْمَسْجِدِ بِلَا حَجَرٍ مِثْلُهُ إنْ ضَاقَ وَاتَّصَلَتْ الصُّفُوفُ فَإِنْ لَمْ تَتَّصِلْ فَفِيهَا تَصِحُّ، وَإِنْ لَمْ يَضِقْ فَرَوَى ابْنُ أَبِي أُوَيْسٍ تَصِحُّ ابْنُ رُشْدٍ: وَهُوَ ظَاهِرُهَا، وَظَاهِرُ سَمَاعِ ابْنِ الْقَاسِمِ انْتَهَى