إنَّ إقَامَتَهَا لَا تَفْتَقِرُ لِسُلْطَانٍ فَإِنَّهُ إنْ تَوَلَّاهَا السُّلْطَانُ لَمْ يَجُزْ أَنْ تُقَامَ دُونَهُ، فَإِنْ عَطَّلَهَا، أَوْ نَهَاهُمْ أَنْ يُصَلُّوا فَإِنْ أَمِنُوا مِنْهُ فَلْيُقِيمُوهَا، وَإِنْ كَانَ غَيْرَ ذَلِكَ وَصَلَّى أَحَدٌ الْجُمُعَةَ بِغَيْرِ أَمْرِ الْإِمَامِ لَمْ يَجْزِهِمْ لِأَنَّ السُّلْطَانَ إذَا نَهَجَ مَنْهَجًا فِي مَحَلِّ اجْتِهَادٍ لَمْ يُخَالَفْ وَتَجِبُ طَاعَتُهُ، لِأَنَّ الْخُرُوجَ عَلَيْهِ سَبَبُ الْفِتْنَةِ وَالْهَرْجِ وَذَلِكَ لَا يَحِلُّ وَمَا لَا يَحِلُّ فِعْلُهُ لَا يُجْزِئُ مِنْ الْوَاجِبِ انْتَهَى.
(وَسُنَّ غُسْلٌ مُتَّصِلٌ بِالرَّوَاحِ وَلَوْ لَمْ تَلْزَمْهُ) ابْنُ عَرَفَةَ: الْغُسْلُ لَهَا مَطْلُوبٌ وَصِفَتُهُ وَمَاؤُهُ كَالْجَنَابَةِ وَالْمَعْرُوفُ أَنَّهُ سُنَّةٌ لِآتِيهَا وَلَوْ لَمْ تَلْزَمْهُ، وَالْمَشْهُورُ شَرْطُ وَصْلِهِ بِرَوَاحِهَا وَيَسِيرُ الْفَصْلِ عَفْوٌ
وَرَوَى ابْنُ حَبِيبٍ: أُحِبُّ لِآتِيهَا مِنْ ثَمَانِيَةِ أَمْيَالٍ إعَادَةَ غُسْلِهَا وَلَا يُجْزِئُ قَبْلَ الْفَجْرِ
قَالَ أَبُو عُمَرَ: وَلَا أَعْلَمُ أَحَدًا أَوْجَبَ غُسْلَ الْجُمُعَةِ فَرْضًا إلَّا أَهْلَ الظَّاهِرِ وَهُمْ مَعَ ذَلِكَ يُجِيزُونَ صَلَاةَ الْجُمُعَةِ دُونَ غُسْلٍ
وَذَهَبَ ابْنُ وَهْبٍ صَاحِبُ مَالِكٍ أَنَّهُ إنْ اغْتَسَلَ لِلْجُمُعَةِ بَعْدَ الْفَجْرِ أَجْزَأَهُ وَهَذَا هُوَ مَذْهَبُ الشَّافِعِيِّ وَأَحْمَدَ وَأَبِي حَنِيفَةَ وَالثَّوْرِيِّ وَالنَّخَعِيِّ وَغَيْرِهِمْ
وَعَنْ الْأَوْزَاعِيِّ أَنَّهُ يُجْزِئُ الِاغْتِسَالُ لِلْجُمُعَةِ قَبْلَ الْفَجْرِ
وَمَعْنَى: " حَقٌّ عَلَى كُلِّ مُسْلِمٍ " هُوَ كَمَا تَقُولُ وَجَبَ حَقُّك أَيْ فِي كَرِيمِ الْأَخْلَاقِ
الْبَاجِيُّ: كَمَا يُقَالُ: يَجِبُ عَلَى الْإِنْسَانِ أَنْ يَنْظُرَ لِنَفْسِهِ وَلَا يَصْحَبَ إلَّا مَنْ يَأْمَنُهُ، فَيَكُونُ الْمَعْنَى فِيهِ أَنَّ الْغُسْلَ وَاجِبٌ عَلَى الْإِنْسَانِ لِحَقِّ نَفْسِهِ مِنْ التَّجَمُّلِ بَيْنَ جِيرَانِهِ وَغَيْرِهِمْ وَأَخْذِهِ بِحَظِّهِ مِنْ الزِّينَةِ الْمُبَاحَةِ وَلَا يُضَيِّعُ حَقَّهُ مِنْهَا
قَالَ أَبُو عُمَرَ فِي حَدِيثٍ سَادِسٍ لِابْنِ شِهَابٍ: وَذَهَبَ ابْنُ عَبَّاسٍ وَابْنُ عُمَرَ وَعَائِشَةُ أَنَّ غُسْلَ الْجُمُعَةِ إنَّمَا كَانَ مِنْ التَّأَذِّي بِرَوَائِحِ الْأَوْسَاخِ
وَقَالَ غَيْرُهُمْ: الطِّيبُ يُجْزِئُ عَنْهُ وَقَدْ قَالَ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «مَنْ تَوَضَّأَ فَبِهَا وَنِعْمَتْ»
وَقَالَ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute