قَوْلِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «يَخْرُجُ فِيكُمْ قَوْمٌ تُحَقِّرُونَ صَلَاتَكُمْ مَعَ صَلَاتِهِمْ» هَذَا يُوجِبُ أَنْ لَا يَقْطَعَ أَحَدٌ عَنْ الْخَوَارِجِ وَلَا عَلَى غَيْرِهِمْ مِنْ أَهْلِ الْبِدَعِ بِالْخُرُوجِ مِنْ أَهْلِ الْإِسْلَامِ. ثُمَّ حُكِيَ أَنَّ عُمَرَ بْنَ عَبْدِ الْعَزِيزِ كَتَبَ فِي الْخَوَارِجِ فَقَالَ: إنْ كَانَ مِنْ رَأْيِ الْقَوْمِ أَنْ يَسِيحُوا فِي الْأَرْضِ مِنْ غَيْرِ فَسَادٍ عَلَى الْأَئِمَّةِ وَلَا عَلَى أَحَدٍ مِنْ أَهْلِ الذِّمَّةِ وَلَا قَطْعِ سَبِيلٍ مِنْ سُبُلِ الْمُسْلِمِينَ فَلْيَذْهَبُوا حَيْثُ شَاءُوا، وَإِنْ كَانَ رَأْيُهُمْ الْقِتَالَ فَوَاَللَّهِ لَوْ أَنَّ أَبْكَارِي خَرَجُوا رَغْمَةً عَنْ جَمَاعَةِ الْمُسْلِمِينَ لَأَرَّقْتهَا. أَبُو عُمَرَ: إلَى تَرْكِ قِتَالِهِمْ ذَهَبَ الشَّافِعِيُّ وَأَبُو حَنِيفَةَ وَجُمْهُورُ الْفُقَهَاءِ وَكَثِيرٌ مِنْ أَهْلِ الْحَدِيثِ.
(وَإِنْ صَغِيرًا ارْتَدَّ) اللَّخْمِيِّ: اُخْتُلِفَ فِي وَلَدِ الْمُسْلِمِ يَرْتَدُّ قَبْلَ أَنْ يَحْتَلِمَ فَقَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ فِي الْمُدَوَّنَةِ: لَا تُؤْكَلُ ذَبِيحَتُهُ وَإِنْ مَاتَ لَمْ يُصَلَّ عَلَيْهِ.
(أَوْ نَوَى بِهِ شَائِبَةَ الْإِسْلَامِ) اللَّخْمِيِّ: اُخْتُلِفَ فِي الصَّغِيرِ مِنْ وَلَدِ أَهْلِ الْكِتَابِ يَمُوتُ قَبْلَ أَنْ يُسْلِمَ وَهُوَ مِمَّنْ لَا ذِمَّةَ لَهُ؛ فَقِيلَ هُوَ عَلَى حُكْمِ الْكَافِرِ لَا يُصَلَّى عَلَيْهِ إلَّا أَنْ يُجِيبَ إلَى الْإِسْلَامِ بِأَمْرٍ يُعْرَفُ أَنَّهُ قَدْ عَقَلَهُ، وَسَوَاءٌ كَانَ مَعَهُ أَبُوهُ أَوْ أُمُّهُ أَوْ لَمْ يَكُونَا، وَقَعَ فِي سَهْمِهِ مِنْ الْمَغْنَمِ أَوْ اشْتَرَاهُ مِنْ حَرْبِيٍّ، قَدِمَ بِهِ أَوْ تَوَالَدَ فِي مِلْكِ مُسْلِمٍ مِنْ عَبْدَيْهِ النَّصْرَانِيِّينَ، وَكَانَ مِنْ نِيَّةِ صَاحِبِهِ أَنْ يُدْخِلَهُ فِي الْإِسْلَامِ أَمْ لَا، وَهُوَ مَذْهَبُ مَالِكٍ وَابْنِ الْقَاسِمِ (إلَّا أَنْ يُسْلِمَ) مِنْ الْمُدَوَّنَةِ قَالَ مَالِكٌ: مَنْ وَقَعَ فِي سَهْمِهِ مِنْ الْمَغْنَمِ صَغِيرٌ أَوْ اشْتَرَاهُ فَمَاتَ صَغِيرًا لَمْ يُصَلَّ عَلَيْهِ وَإِنْ نَوَى بِهِ سَيِّدُهُ الْإِسْلَامَ إلَّا أَنْ يُجِيبَ إلَى الْإِسْلَامِ بِأَمْرٍ يُعْرَفُ أَنَّهُ عَقَلَهُ.
ابْنُ الْقَاسِمِ: إذَا كَانَ كَبِيرًا يَعْقِلُ الْإِسْلَامَ وَيَعْرِفُ مَا أَجَابَ إلَيْهِ وَكَذَلِكَ عَنْهُ فِي الْمَجْمُوعَةِ (كَأَنْ أَسْلَمَ) اللَّخْمِيِّ: إذَا أَسْلَمَ ابْنُ الْكَافِرِ قَبْلَ الْبُلُوغِ فَقَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ مَرَّةً: هُوَ إسْلَامٌ وَإِنْ كَانَتْ مَجُوسِيَّةً جَازَ وَطْؤُهَا. فَعَلَى هَذَا إذَا مَاتَتْ يُصَلَّى عَلَيْهَا، وَهَذَا الْقَوْلُ أَحْسَنُ أَنَّ لِمَنْ ارْتَدَّ حُكْمَ الْكَافِرِ وَلِمَنْ أَسْلَمَ حُكْمَ الْمُسْلِمِ.
وَقَدْ كَانَ إسْلَامُ عَلِيٍّ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - وَابْنِ عَبَّاسٍ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - قَبْلَ الْبُلُوغِ. (وَنَفَرَ مِنْ أَبَوَيْهِ) ابْنُ بَشِيرٍ: إذَا أَسْلَمَ بَعْضُ أَوْلَادِ الْكُفَّارِ قَبْلَ بُلُوغِهِ وَنَفَرَ مِنْ أَبَوَيْهِ فَفِي قَبُولِ إسْلَامِهِ قَوْلَانِ، وَلَمْ يَنْقُلْ ابْنُ عَرَفَةَ وَنَفَرَ مِنْ أَبَوَيْهِ وَلَا اللَّخْمِيِّ كَمَا تَقَدَّمَ. الْمَازِرِيُّ: وَلَا خِلَافَ فِي الصَّلَاةِ عَلَى أَوْلَادِ الْمُسْلِمِينَ وَأَنَّهُ مَقْطُوعٌ لَهُمْ بِالْجَنَّةِ.
وَقَالَ أَبُو عُمَرَ: وَمَا بَيَّنَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لِأُمَّتِهِ حُكْمَ أَوْلَادِ الْكُفَّارِ بَيَانًا يَقْطَعُ مَجِيئُهُ الْعُذْرَ.
ثُمَّ نُقِلَ بِسَنَدِهِ إلَى ابْنِ عَبَّاسٍ أَنَّهُ قَالَ: إنَّ هَذِهِ الْأُمَّةَ لَا يَزَالُ أَمْرُهَا مُتَقَارِبًا أَوْ مُوَاتِيًا أَوْ كَلِمَةً تُشْبِهُهَا مَا لَمْ يَتَكَلَّمُوا فِي الْأَطْفَالِ وَالْقَدَرِ. وَعَنْ ابْنِ عَوْنٍ: كُنْت عِنْدَ الْقَاسِمِ بْنِ مُحَمَّدٍ إذْ جَاءَهُ رَجُلٌ فَقَالَ: مَاذَا كَانَ بَيْنَ قَتَادَةَ وَبَيْنَ حَفْصٍ فِي أَوْلَادِ الْمُشْرِكِينَ وَتَكَلَّمَ فِي ذَلِكَ رَبِيعَةُ. فَقَالَ الْقَاسِمُ: إذَا اللَّهُ انْتَهَى عِنْدَ شَيْءٍ فَانْتَهُوا وَقِفُوا عِنْدَهُ. قَالَ: فَكَأَنَّمَا كَانَتْ نَارٌ فَأُطْفِئَتْ. ابْنُ بَشِيرٍ: إنْ أَسْلَمَ الْأَبُ حُكِمَ لِوَلَدِهِ الَّذِي لَا يَعْقِلُ دِينَهُ بِالْإِسْلَامِ، وَإِنْ أَسْلَمَتْ الْأُمُّ فَالْمَشْهُورُ أَنَّهُ لَا يُحْكَمُ لَهُ بِالْإِسْلَامِ وَهَذِهِ عِبَارَةُ الشُّيُوخِ: وَالْوَلَدُ تَابِعٌ لِأُمِّهِ فِي الرِّقِّ وَالْحُرِّيَّةِ، وَتَابِعٌ لِوَالِدِهِ فِي الدِّينِ.
(وَإِنْ اخْتَلَطُوا غُسِّلُوا وَكُفِّنُوا وَمُيِّزَ الْمُسْلِمُ بِالنِّيَّةِ فِي الصَّلَاةِ)
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute