للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

سَمِعَ مُوسَى ابْنَ الْقَاسِمِ فِي نَفَرٍ مِنْ الْمُسْلِمِينَ مَعَهُمْ مُشْرِكٌ لَا يُعْرَفُ بِعَيْنِهِ وَقَعَ عَلَيْهِمْ بَيْتٌ فَهَلَكُوا فَقَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ: أَرَى أَنْ يُغَسَّلُوا وَيُصَلَّى عَلَيْهِمْ وَتَكُونُ نِيَّتُهُمْ فِي الصَّلَاةِ عَلَى الْمُسْلِمِينَ مِنْهُمْ. ابْنُ رُشْدٍ: هَذِهِ مَسْأَلَةٌ صَحِيحَةٌ لَا خِلَافَ فِيهَا وَإِنَّمَا الْخِلَافُ إذَا كَانَ نَفَرٌ مِنْ الْمُشْرِكِينَ وَفِيهِمْ مُسْلِمٌ لَا يُعْرَفُ بِعَيْنِهِ فَقَالَ أَشْهَبُ: لَا يُصَلَّى عَلَيْهِمْ.

وَقَالَ سَحْنُونَ: يُغَسَّلُونَ وَيُصَلَّى عَلَيْهِمْ وَتَكُونُ نِيَّتُهُمْ فِي الصَّلَاةِ عَلَى الْمُسْلِمِ مِنْهُمْ. وَأَمَّا إنْ وُجِدَ مَيِّتٌ بِفَلَاةٍ لَا يُدْرَى أَمُسْلِمٌ هُوَ أَمْ كَافِرٌ فَلَا يُغَسَّلُ وَلَا يُصَلَّى عَلَيْهِ قَالَهُ ابْنُ الْقَاسِمِ. قَالَ: وَأَرَى أَنْ يُوَارَى. قَالَ: وَكَذَلِكَ لَوْ وُجِدَ فِي مَدِينَةٍ مِنْ الْمَدَائِنِ فِي زُقَاقٍ وَلَا يُدْرَى أَمُسْلِمٌ هُوَ أَمْ كَافِرٌ قَالَ ابْنُ رُشْدٍ: وَإِنْ كَانَ مَخْتُونًا فَكَذَلِكَ لِأَنَّ الْيَهُودَ يَخْتَتِنُونَ.

قَالَ ابْنُ حَبِيبٍ: وَمِنْ النَّصَارَى أَيْضًا مَنْ يَخْتَتِنُ (وَلَا سِقْطٌ لَمْ يَسْتَهِلَّ) اُنْظُرْ عِنْدَ قَوْلِهِ: " كَسِقْطٍ " (وَلَوْ تَحَرَّكَ) اللَّخْمِيِّ: اُخْتُلِفَ فِي الْحَرَكَةِ وَالرَّضَاعِ وَالْعُطَاسِ فَقَالَ مَالِكٌ: لَا يَكُونُ لَهُ بِذَلِكَ حُكْمُ الْحَيَاةِ قَالَ ابْنُ حَبِيبٍ: وَإِنْ أَقَامَ يَوْمًا يَتَنَفَّسُ وَيَفْتَحُ عَيْنَيْهِ وَيَتَحَرَّك حَتَّى يُسْمَعَ لَهُ صَوْتٌ. وَإِنْ كَانَ خَفِيًّا قَالَ إسْمَاعِيلُ: وَحَرَكَتُهُ كَحَرَكَتِهِ فِي الْبَطْنِ لَا يُحْكَمُ لَهُ فِيهَا بِحَيَاةٍ.

قَالَ عَبْدُ الْوَهَّابِ: وَقَدْ يَتَحَرَّك الْمَقْتُولُ (أَوْ عَطَسَ) تَقَدَّمَ قَوْلُ مَالِكٍ (أَوْ بَالَ) ابْنُ عَرَفَةَ: بَوْلُهُ لَغْوٌ (أَوْ رَضَعَ) تَقَدَّمَ قَوْلُ مَالِكٍ وَعَارَضَ هَذَا الْمَازِرِيُّ وَقَالَ: لَا مَعْنَى لِإِنْكَارِ دَلَالَةَ الرَّضَاعِ عَلَى الْحَيَاةِ لِأَنَّا نَعْلَمُ عِلْمًا يَقِينًا أَنَّهُ مُحَالٌ بِالْعَادَةِ أَنْ يَرْضَعَ الْمَيِّتُ وَلَيْسَ الرَّضَاعُ مِنْ الْأَفْعَالِ الَّتِي تَكُونُ مُتَرَدِّدَةً بَيْنَ الطَّبِيعَةِ وَالِاخْتِيَارِيَّة كَمَا قَالَ ابْنِ الْمَاجِشُونِ: إنَّ الْعُطَاسَ يَكُونُ مِنْ الرِّيحِ وَالْبَوْلُ مِنْ اسْتِرْخَاءِ الْمَوَاسِكِ لِأَنَّ الرَّضَاعَ لَا يَكُونُ إلَّا مِنْ الْقَصْدِ إلَيْهِ، وَالتَّشَكُّكُ فِي دَلَالَتِهِ عَلَى الْحَيَاةِ يُطْرِقُ إلَى هَدْمِ قَوَاعِدَ ضَرُورِيَّةٍ.

وَالصَّوَابُ مَا قَالَهُ ابْنُ وَهْبٍ وَغَيْرُهُ أَنَّهُ كَالِاسْتِهْلَالِ بِالصُّرَاخِ انْتَهَى. اُنْظُرْ هَذَا الْبَحْثَ مِنْ الْإِمَامِ فَقَدْ كَانَ عُمَرُ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - لَمَّا طُعِنَ مَعْدُودًا فِي الْأَمْوَاتِ لَوْ مَاتَ لَهُ مَوْرُوثٌ لَمَا وَرِثَهُ وَهُوَ قَوْلُ ابْنِ الْقَاسِم. وَلَوْ قَتَلَ رَجُلٌ عُمَرَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - حِينَئِذٍ لَمَا قُتِلَ بِهِ وَإِنْ كَانَ عُمَرَ حِينَئِذٍ يَتَكَلَّمُ وَيَعْهَدُ. وَفَرْقٌ بَيْنَ وَلَدِ الْبَقَرَةِ مَثَلًا تَزْلِقُهُ وَمِثْلُهُ لَا يَعِيشُ، وَبَيْنَ الْمَرِيضَةِ الَّتِي أَيِسَ مِنْ حَيَاتِهَا. هَذِهِ يُرَاعَى الِاسْتِصْحَابُ فَتُحْسَبُ حَيَّةً وَتَتَعَلَّقُ بِهَا الزَّكَاةُ بِخِلَافِ الْمُزْلَقِ (إلَّا أَنْ تَتَحَقَّقَ الْحَيَاةُ) ابْنُ عَرَفَةَ: يُصَلَّى عَلَى مَنْ وُلِدَ إنْ عُلِمَتْ حَيَاتُهُ، وَإِنْ جُهِلَتْ فَكَالسِّقْطِ لَا يُصَلَّى عَلَيْهِ (وَغُسِلَ دَمُهُ وَلُفَّ بِخِرْقَةٍ) تَقَدَّمَتْ رِوَايَةُ عَلِيٍّ بِهَذَا وَقَوْلُ ابْنِ حَبِيبٍ عِنْدَ قَوْلِهِ: " وَتَلَازُمًا " (وُورِيَ) اُنْظُرْ عِنْدَ قَوْلِهِ: " وَدَفْنُهُ بِدَارٍ ".

(وَلَا يُصَلَّى عَلَى قَبْرٍ إلَّا أَنْ يُدْفَنَ بِغَيْرِهَا) الرِّسَالَةُ: وَمَنْ دُفِنَ وَلَمْ يُصَلَّ عَلَيْهِ وُورِيَ فَإِنَّهُ يُصَلَّى عَلَى قَبْرِهِ اُنْظُرْ قَبْلَ هَذَا عِنْدَ قَوْلِهِ: " فَإِنْ دُفِنَ فَعَلَى

<<  <  ج: ص:  >  >>