وَالْآخَرُ يَنْفِيهَا، فَإِذَا اجْتَمَعَا كَانَ الْحُكْمُ لِلَّذِي يُوجِبُ الزَّكَاةَ احْتِيَاطًا كَشَهَادَةٍ تُثْبِتُ حَقًّا وَشَهَادَةٍ تَنْفِيهِ، وَكَقَوْلِ مَالِكٍ فِيمَنْ تَمَتَّعَ وَلَهُ أَهْلٌ بِمَكَّةَ وَأَهْلٌ بِبَعْضِ الْآفَاقِ: إنَّهُ يُهْدِي احْتِيَاطًا فَهَذَا مِثْلُهُ. وَقَالَ ابْنُ رُشْدٍ: اُخْتُلِفَ إذَا اشْتَرَى لِوَجْهَيْنِ لِلْقِنْيَةِ وَالتِّجَارَةِ فَغَلَّبَ ابْنُ الْقَاسِمِ الْقِنْيَةَ، وَغَلَّبَ أَشْهَبُ التِّجَارَةَ، ثُمَّ وَجْهُ قَوْلِ أَشْهَبَ بِعِبَارَةِ ابْنِ يُونُسَ لَا يُشَكُّ أَنَّهَا مَنْقُولَةٌ مِنْهُ (عَلَى الْمُخْتَارِ وَالْمُرَجَّحِ) مَعْلُومٌ أَنَّ اللَّخْمِيَّ اخْتَارَ وُجُوبَ الزَّكَاةِ إذَا اشْتَرَى لِتِجَارَةٍ أَوْ غَلَّةٍ أَوْ لِتِجَارَةٍ وَقِنْيَةٍ إذْ هُوَ الَّذِي فَصَّلَ هَذَا التَّفْصِيلَ، إذْ جَعَلَ الْعُرُوضَ الْمُشْتَرَاةَ عَلَى سَبْعَةِ أَقْسَامٍ. وَأَمَّا ابْنُ يُونُسَ فَإِنَّمَا ذَكَرَ مَعَ التِّجَارَةِ الْقِنْيَةَ خَاصَّةً وَلَكِنْ مِنْ بَابِ أَوْلَى أَنْ يَخْتَارَ الزَّكَاةَ فِي الْمُشْتَرِي لِلتِّجَارَةِ وَالْغَلَّةِ (لَا بِلَا نِيَّةٍ) ابْنُ بَشِيرٍ: إنْ فُقِدَتْ النِّيَّةُ مِنْهُ لَمْ تَتَعَلَّقْ الزَّكَاةُ بِهِ لِأَنَّهُ يَرْجِعُ إلَى الْأَصْلِ وَالْأَصْلُ عَدَمُ الزَّكَاةِ فِي الْعُرُوضِ.
(أَوْ نِيَّةِ قِنْيَةٍ) ابْنُ رُشْدٍ: الْعَيْنُ وَالْمَوَاشِي تَجِبُ فِيهِمَا الزَّكَاةُ كَانَا مِنْ شِرَاءِ أَوْ إرْثٍ، وَأَمَّا الْعُرُوض كَالدُّورِ وَالثِّيَابِ وَالطَّعَامِ وَالْحَيَوَانِ الَّذِي لَا تَجِبُ فِي رِقَابِهِ الزَّكَاةُ فَإِنْ أَفَادَهَا فَلَا زَكَاةَ فِيهَا، فَإِنْ نَوَى بِهَا التِّجَارَةَ وَمَا اشْتَرَى مِنْ ذَلِكَ وَنَوَى بِهِ الْقِنْيَةَ فَلَا زَكَاةَ عَلَيْهِ فِيهِ حَتَّى يَبِيعَهُ وَيَسْتَقْبِلَ بِثَمَنِهِ (أَوْ غَلَّةٍ) ابْنُ الْمَوَّازِ: مَا اشْتَرَى لِلْغَلَّةِ ثُمَّ بَاعَهُ بَعْدَ حَوْلٍ فَرَوَى ابْنُ الْقَاسِمِ عَنْ مَالِكٍ أَنَّهُ يُزَكِّي ثَمَنَهُ ثُمَّ رَجَعَ فَقَالَ لَا يُزَكِّي وَهُوَ كَالْفَائِدَةِ وَبِهَذَا أَخَذَ ابْنُ الْقَاسِمِ. ابْنُ يُونُسَ: وَهَذَا أَصْوَبُ لِأَنَّ الِاشْتِرَاءَ لِلْغَلَّةِ هُوَ مَعْنًى مِنْ الْقِنْيَةِ لِأَنَّ الِاشْتِرَاءَ لِلْقِنْيَةِ إنَّمَا هُوَ لِوَجْهَيْنِ: إمَّا لِيَنْتَفِعَ بِذَلِكَ الْمُشْتَرِي بِخِدْمَةٍ أَوْ سُكْنَى وَنَحْوِهِ، وَإِمَّا لِيَغْتَلَّهُ فَشِرَاؤُهُ لِلْغَلَّةِ شِرَاءٌ لِلْقِنْيَةِ وَبِهِ أَقُولُ وَهُوَ مَذْهَبُ ابْنِ الْقَاسِمِ فِي الْمُدَوَّنَةِ (أَوْ هُمَا) ابْنُ بَشِيرٍ: إنْ نَوَى الْقِنْيَةَ وَالْغَلَّةَ فَعَلَى مَذْهَبِ مَنْ أَسْقَطَ الزَّكَاةَ مِنْ الْمُغْتَلِّ تَسْقُطُ عَنْهَا الزَّكَاةُ، وَعَلَى مَذْهَبِ مَنْ يُوجِبُهَا يَجْتَمِعُ هَاهُنَا مُوجِبٌ وَمُسْقِطٌ، فَقَدْ يَخْتَلِفُ قَوْلُهُ إلَّا أَنْ يُرَاعِيَ الْخِلَافَ (وَكَانَ كَأَصْلِهِ أَوْ عَيْنًا) اُنْظُرْ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute