وَبَيْنَ الْمَسَاكِينِ. وَإِنْ أَتَى رَأْسُ الْحَوْلِ وَفِي يَدَيْهِ نِصَابٌ مِنْ الْعَيْنِ زَكَّاهُ خَاصَّةً ثُمَّ يُزَكِّي مَا يَنِضُّ لَهُ، فَإِنْ اخْتَلَطَ عَلَيْهِ جَعَلَ لِنَفْسِهِ شَهْرًا فَقَدْ يَكْثُرُ مَا يَنِضُّ لَهُ فَيَقْرَبُ شَهْرُهُ أَوْ يَقِلُّ فَيَبْعُدُ. وَمِنْ الْمُدَوَّنَةِ قَالَ مَالِكٌ: إنْ تَمَّ الْحَوْلُ وَلَمْ تَنِضَّ لَهُ فِي سَائِرِ عَيْنٍ وَإِنَّمَا كَانَ يَبِيعُ بِالْعَرْضِ فَلَا تَقْوِيمَ عَلَيْهِ وَلَا زَكَاةَ، ثُمَّ إنْ نَضَّ لَهُ بَعْدَ ذَلِكَ وَلَوْ دِرْهَمٌ وَاحِدٌ قَوَّمَ وَزَكَّى وَكَانَ يَوْمئِذٍ حَوْلَهُ وَأَلْغَى الْوَقْتَ الْأَوَّلَ. ابْنُ يُونُسَ: وَمَنْ أَقَامَ بِيَدِهِ مَالٌ نَاضٌّ سِتَّةَ أَشْهُرٍ ثُمَّ جَلَسَ بِهِ لِلْإِدَارَةِ فَإِنَّهُ يَبْنِي عَلَى قَوْلِ مَالِكٍ عَلَى الْأَشْهُرِ الْمُتَقَدِّمَةِ قَبْلَ أَنْ يُدِيرَ مَالَهُ.
وَقَالَ أَشْهَبُ: يَسْتَأْنِفُ الْحَوْلَ مِنْ يَوْمِ أَخَذَ فِي الْإِدَارَةِ. ابْنُ يُونُسَ: وَقَوْلُ مَالِكٍ أَحْسَنُ.
(ثُمَّ زِيَادَتُهُ مُلْغَاةٌ بِخِلَافِ حُلِيِّ التَّحَرِّي وَالْقَمْحِ) قِيلَ لِأَبِي عِمْرَانَ: الْمُدِيرُ يُقَوِّمُ عَرْضَهُ فَيُزَكِّيهِ ثُمَّ يَبِيعُهُ بِأَكْثَرَ مِنْ ذَلِكَ. فَقَالَ: لَا يُزَكِّيهِ لِأَنَّ ذَلِكَ حُكْمٌ مَضَى وَهَذَا نَمَاءٌ حَادِثٌ. قِيلَ لَهُ: فَالْحُلِيُّ الْمَرْبُوطُ إذَا تَحَرَّى مَا فِيهِ ثُمَّ فَصَلَهُ بَعْدَ ذَلِكَ فَكَانَ أَكْثَرَ مِمَّا تَحَرَّى؟ فَقَالَ: هَذَا يُزَكِّي لِأَنَّهُ كَمَنْ ظَنَّ أَنَّ مَالَهُ مِائَةً فَإِذَا هُوَ مِائَتَانِ.
(وَالْمُرْتَجِعُ مِنْ مُفْلِسٍ وَالْمُكَاتَبُ بِعَجْزٍ كَغَيْرِهِ) مِنْ الْمُدَوَّنَةِ: مَنْ اشْتَرَى عَبْدًا لِلتِّجَارَةِ وَكَاتَبَهُ ثُمَّ اقْتَضَى مِنْهُ مَالًا ثُمَّ عَجَزَ فَرَجَعَ رَقِيقًا فَبَاعَهُ مَكَانَهُ فَلْيَتْرُكْ ثَمَنَهُ وَيَرْجِعْ إلَى أَصْلِهِ عَلَى التِّجَارَةِ. وَكَذَلِكَ لَوْ بَاعَ عَبْدًا لَهُ مِنْ رَجُلٍ فَفَلَّسَ الْمُبْتَاعُ فَأَخَذَ عَبْدَهُ أَوْ أَخَذَ عَبْدًا مِنْ غَرِيمِهِ فِي دَيْنِهِ فَإِنَّ ذَلِكَ كُلَّهُ يَرْجِعُ إلَى أَصْلِهِ وَيَكُونُ لِلتِّجَارَةِ كَمَا كَانَ.
(وَإِنْ انْتَقَلَ الْمُدَارُ لِلِاحْتِكَارِ وَهُمَا لِلْقِنْيَةِ بِالنِّيَّةِ) أَمَّا انْتِقَالُ الْمُدِيرِ لِلِاحْتِكَارِ بِالنِّيَّةِ فَقَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ: لَوْ نَوَى حَرَكَتَهُ قَبْلَ حَوْلِهِ بِشَهْرٍ صَارَ مُحْتَكِرًا. وَتَعَقَّبَهُ الْمَازِرِيُّ بِتُهْمَةِ الْفِرَارِ وَأَجَابَ بِأَنَّ الْأَصْلَ سُقُوطُ زَكَاةِ الْعَرْضِ، وَأَمَّا انْتِقَالُهُمَا مَعًا لِلْقِنْيَةِ بِالنِّيَّةِ فَقَالَ فِي الْمُدَوَّنَةِ: لَا زَكَاةَ فِيمَا اشْتَرَى مِنْ الْعُرُوضِ لِلتِّجَارَةِ ثُمَّ نَوَى بِهِ الْقِنْيَةَ. ابْنُ يُونُسَ: لِأَنَّ الْأَصْلَ فِي الْعُرُوضِ الْقِنْيَةُ فَتَرْجِعُ إلَى الْأَصْلِ بِالنِّيَّةِ. اُنْظُرْ قَبْلَ هَذَا عِنْدَ قَوْلِهِ: " أَوْ غَيْرَ مُزَكًّى " (لَا الْعَكْسُ) الشَّيْخُ: لَا يَنْتَقِلُ مَا مُلِكَ لِقِنْيَةٍ وَلَوْ بِشِرَاءٍ بِالنِّيَّةِ لِلتِّجَارَةِ (وَلَوْ كَانَ أَوْلَى لِلتِّجَارَةِ) اُنْظُرْ مَنْ رَجَّحَ هَذَا الْقَوْلَ وَاَلَّذِي لِابْنِ بَشِيرٍ وَمَا نَقَلَ ابْنُ عَرَفَةَ غَيْرَهُ أَنَّ عُرُوضَ الْقِنْيَةِ لَا تَنْتَقِلُ إلَى التِّجَارَةِ بِالنِّيَّةِ، لَكِنْ إنْ نَوَى بِعُرُوضِ التِّجَارَةِ الْقِنْيَةَ ثُمَّ عَادَ فَنَوَى بِهَا التِّجَارَةَ فَفِي رُجُوعِهَا إلَى ذَلِكَ قَوْلَانِ انْتَهَى.
(وَإِنْ اجْتَمَعَ إدَارَةٌ وَاحْتِكَارٌ وَتَسَاوَيَا أَوْ احْتَكَرَ الْأَكْثَرُ فَكُلٌّ عَلَى حُكْمِهِ وَإِلَّا فَالْجَمِيعُ لِلْإِدَارَةِ) قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ: إنْ كَانَ يُدِيرُ أَكْثَرَ مَالِهِ زَكَّاهُ كُلَّهُ عَلَى الْإِدَارَةِ، وَإِنْ أَدَارَ أَقَلَّهُ زَكَّى الْمُدَارَ فَقَطْ كُلَّ عَامٍ. ابْنُ يُونُسَ: هَذَا أَحْوَطُ.
وَقَالَ ابْنُ الْمَاجِشُونِ: إنْ كَانَ مُتَنَاصَفًا زَكَّى كُلَّ مَالٍ عَلَى جِهَتِهِ، وَإِنْ كَانَ أَحَدُهُمَا أَكْثَرَ بِالْأَمْرِ الْمُتَبَايِنِ جِدًّا كَانَ الْأَقَلُّ تَبَعًا لِلْأَكْثَرِ. ابْنُ يُونُسَ: وَهَذَا أَعْدَلُ. ابْنُ رُشْدٍ: الْقِيَاسُ أَنْ يُزَكِّيَ كُلَّ مَالٍ عَلَى سَنَتِهِ كَانَا مُتَنَاصِفَيْنِ أَوْ أَحَدُهُمَا تَبَعًا لِصَاحِبِهِ. وَأَمَّا قَوْلُ ابْنِ الْمَاجِشُونِ فَهُوَ كَلَامٌ خَرَجَ عَلَى غَيْرِ تَدْبِيرٍ وَلَا تَحْصِيلٍ إذْ لَا يَسْتَقِيمُ أَنْ يُزَكِّيَ مَا يُدَارُ عَلَى غَيْرِ الْإِدَارَةِ (وَلَا تُقَوَّمُ الْأَوَانِي)
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute