للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

دَيْنَهُ فِي قِيمَةِ رِقَابِ مُدَبِّرَيْهِ وَفِي قِيمَةِ كِتَابَةِ الْمُكَاتَبِينَ تُقَوَّمُ الْمُكَاتَبَةُ بِعَرْضٍ عَاجِلٍ ثُمَّ تُقَوَّمُ الْعُرُوض بِعَيْنٍ، فَإِنْ بَقِيَ عَلَيْهِ بَعْدَ ذَلِكَ شَيْءٌ مِنْ دَيْنِهِ جَعَلَهُ فِيمَا بِيَدِهِ مِنْ الْعَيْنِ، فَإِنْ بَقِيَ مَعَهُ بَعْدَ ذَلِكَ عِشْرُونَ دِينَارًا فَصَاعِدًا زَكَّى وَإِلَّا لَمْ يُزَكِّ (أَوْ خِدْمَةُ مُعْتَقٍ إلَى أَجَلٍ) ابْنُ بَشِيرٍ: عَلَى قَوْلِهَا فِي الْمُدَبَّرِ يَجْعَلُ دَيْنَهُ فِيهِ فَإِنَّهُ يَجْعَلُهُ فِي قِيمَةِ خِدْمَةِ مُعْتَقِهِ إلَى أَجَلٍ (أَوْ مُخْدِمٍ) . أَشْهَبُ: لَوْ كَانَ غَيْرُهُ أَخْدَمَهُ عَبْدًا مُدَّةً حَسِبَ قِيمَةَ الْخِدْمَةِ تِلْكَ الْمُدَّةِ فِي دَيْنِهِ (أَوْ رَقَبَتِهِ لِمَنْ مَرْجِعُهُ لَهُ) أَشْهَبُ: لَوْ أَخْدَمَ هُوَ عَبْدَهُ سِنِينَ أَوْ أَعْمَرَهُ قُوِّمَتْ رَقَبَتُهُ عَلَى أَنْ يَأْخُذَهُ الْمُبْتَاعُ إلَى تِلْكَ الْمُدَّةِ وَحَسِبَ تِلْكَ الْقِيمَةَ فِي دَيْنِهِ.

(أَوْ عَدَدُ دَيْنٍ حَلَّ أَوْ قِيمَةُ مَرْجُوٍّ) قَالَ مَالِكٌ فِي الْمُدَوَّنَةِ: إنْ كَانَ مَعَهُ مِائَةُ دِينَارٍ وَعَلَيْهِ مِائَةُ دِينَارٍ وَلَهُ مِائَةُ دِينَارٍ دَيْنٌ فَلْيُزَكِّ الْمِائَةَ الَّتِي فِي يَدَيْهِ وَيَكُونُ مَا عَلَيْهِ مِنْ الدَّيْنِ فِي الدَّيْنِ الَّذِي لَهُ إنْ كَانَ يَرْتَجِيهِ.

قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ: وَإِنْ لَمْ يَرْتَجِ قَضَاءَهُ فَلَا يُزَكِّي شَيْئًا. ابْنُ يُونُسَ: أَمَّا مَا عَلَيْهِ مِنْ الدَّيْنِ فَإِنَّهُ يَحْسُبُ عَدَدَهُ حَالًّا كَانَ أَوْ مُؤَجَّلًا، لِأَنَّهُ لَوْ مَاتَ أَوْ فَلَّسَ لَحَلَّ الْمُؤَجَّلُ مِمَّا عَلَيْهِ وَصَارَ كَالْحَالِّ، وَأَمَّا مَالُهُ مِنْ الدَّيْنِ فَالْحَالُّ يَحْسُبُ عَدَدَهُ وَالْمُؤَجَّلُ قِيمَتَهُ لِأَنَّهُ لَوْ مَاتَ أَوْ فَلَّسَ لَبِيعَ الْمُؤَجَّلُ لِغُرَمَائِهِ وَهُوَ إنَّمَا يُجْعَلُ فِي دَيْنِهِ كُلُّ مَا يَبِيعُهُ عَلَيْهِ الْإِمَامُ لَوْ فَلَّسَ، وَهَذَا هُوَ الصَّوَابُ وَالْجَارِي عَلَى قَوْلِ ابْنِ الْقَاسِمِ.

(أَوْ عَرْضٌ) مِنْ الْمُدَوَّنَةِ قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ: مَنْ كَانَ مَعَهُ عِشْرُونَ دِينَارًا تَمَّ حَوْلُهَا وَعَلَيْهِ دَيْنٌ وَلَهُ عُرُوضٌ فَلْيَجْعَلْ دَيْنَهُ فِي عُرُوضِهِ وَخَادِمَهُ وَخَاتَمَهُ وَسَرْجَهُ وَلِجَامَهُ وَسِلَاحَهُ وَكُلَّ مَا يَبِيعُهُ عَلَيْهِ الْإِمَامُ فِي دَيْنِهِ، فَإِنْ كَانَ فِي ذَلِكَ وَفَاءُ دَيْنِهِ زَكَّى الْعِشْرِينَ النَّاضَّةَ، وَالْإِمَامُ يَبِيعُ عَلَيْهِ إذَا فَلَّسَ دَارِهِ وَعُرُوضَهُ كُلَّهَا مَا كَانَ لَهُ مِنْ خَادِمٍ أَوْ سِلَاحٍ أَوْ غَيْرِ ذَلِكَ إلَّا مَا لَا بُدَّ لَهُ مِنْ ثِيَابِ جَسَدِهِ وَيُتْرَكُ لَهُ مَا يَعِيشُ بِهِ هُوَ وَأَهْلُهُ الْأَيَّامَ وَيَبِيعُ ثَوْبَيْ جُمُعَتِهِ إنْ كَانَتْ لَهَا قِيمَةٌ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ لَهُمَا تِلْكَ الْقِيمَةُ فَلَا يَبِيعُهُمَا.

(حَلَّ حَوْلُهُ) ابْنُ الْقَاسِمِ: إنَّمَا يَجْعَلُ الدَّيْنَ فِيمَا مَلَكَ حَوْلًا. وَسُئِلَ ابْنُ الْقَاسِمِ عَنْ الرَّجُلِ عَلَيْهِ مِائَةُ دِينَارٍ سَلَفًا وَلَيْسَ لَهُ مِنْهَا وَفَاءٌ فَأَقَامَتْ بِيَدِهِ سِتَّةَ أَشْهُرٍ ثُمَّ أَتَتْهُ فَائِدَةُ مِائَةِ دِينَارٍ عِنْدَ السِّتَّةِ الْأَشْهُرِ. فَقَالَ: يَسْتَقْبِلُ بِالْمِائَةِ الَّتِي كَانَتْ عِنْدَهُ سَلَفًا سَنَةً مِنْ حِينِ كَانَ لَهُ مِنْهَا وَفَاءٌ وَلَا يَحْتَسِبُ فِي حَوْلِهَا بِشَيْءٍ مِمَّا مَضَى مِمَّا لَمْ يَكُنْ لَهُ مِنْهَا وَفَاءٌ. ابْنُ رُشْدٍ: هَذَا مَذْهَبُ مَالِكٍ فِي الْمُدَوَّنَةِ لِأَنَّهُ قَالَ: إنَّ الذَّهَبَ السَّلَفَ إذَا وُهِبَ لِلَّذِي هُوَ عَلَيْهِ بَعْدَ حُلُولِ الْحَوْلِ وَلَيْسَ لَهُ بِهَا وَفَاءٌ اسْتَقْبَلَ بِهَا حَوْلًا إذْ لَا فَرْقَ بَيْنَ أَنْ يُوهَبَ لَهُ الذَّهَبُ بَعْدَ أَنْ حَالَ عَلَيْهَا عِنْدَهُ الْحَوْلُ أَوْ يَسْتَفِيدَ بَعْدَ حُلُولِ الْحَوْلِ فَائِدَةً يَكُونُ بِهَا وَفَاؤُهَا. ابْنُ رُشْدٍ: وَهَذَا هُوَ الصَّوَابُ لِأَنَّ مَا مَضَى مِنْ الْمُدَّةِ قَبْلَ أَنْ يَسْتَفِيدَ مَا يَجْعَلُهُ وَفَاءً بِمَا عَلَيْهِ مِنْ السَّلَفِ لَمْ يَكُنْ لَهُ فِيهَا مَالٌ لِاسْتِغْرَاقِ الدَّيْنِ مَا بِيَدِهِ مِنْ الْمَالِ انْتَهَى. اُنْظُرْ هَذَا مَعَ مَا تَقَدَّمَ أَنَّهُ يَجْعَلُ فِي دَيْنِهِ مَا اسْتَفَادَهُ آخِرَ الْحَوْلِ مِنْ مَعْدِنٍ أَوْ زَرْعٍ مُزَكًّى، وَكَذَلِكَ أَيْضًا جَعْلُهُ الْمِائَةَ الرَّجَبِيَّةَ فِي مُقَابَلَةِ دَيْنِهِ مَعَ كَوْنِهِ لَيْسَ لَهُ مَا يَجْعَلُ فِيهِ مِنْ مُحَرَّمٍ إلَى

<<  <  ج: ص:  >  >>