للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

مِنْهَا بِالدَّرَاهِمِ طَوْعًا أَوْ كَرْهًا، وَهَلْ لَهُ أَنْ يَشْتَرِيَ صَدَقَةً مِنْ الْعَامِلِ بَعْدَ أَنْ يَدْفَعَهَا إلَيْهِ؟ قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ: يَجْتَزِئُ بِهَا وَيُعْتَدَّ بِذَلِكَ إذَا كَانَ الْعُمَّالُ يَضَعُونَ مَا يَأْخُذُونَ مِنْ الصَّدَقَةِ مَوَاضِعَهَا، وَلَا أُحِبُّ لِأَحَدٍ أَنْ يَشْتَرِيَ صَدَقَتَهُ وَإِنْ كَانَ بَعْدَ أَنْ يَقْبِضَهَا الْعَامِلُ، وَإِنْ فَعَلَ لَمْ أَرَ بِهِ بَأْسًا.

ابْنُ رُشْدٍ: أَمَّا دَفْعُ الْقِيمَةِ إلَيْهِمْ فَمَكْرُوهٌ لِوَجْهَيْنِ: لِمَا فِي ذَلِكَ مِنْ مَعْنَى الرُّجُوعِ فِي الصَّدَقَةِ، وَلِئَلَّا تَكُونَ الْقِيمَةُ أَقَلَّ مِمَّا عَلَيْهِ فَيَكُونَ قَدْ بَخَسَ الْمَسَاكِينَ حَقَّهُمْ، وَأَمَّا شِرَاؤُهُ الصَّدَقَةَ مِنْ الْعَامِلِ بَعْدَ أَنْ يَدْفَعَهَا إلَيْهِ فَهُوَ أَخَفُّ فِي الْكَرَاهِيَةِ إذْ لَا يُكْرَهُ إلَّا مِنْ وَجْهٍ وَاحِدٍ وَهُوَ مَا فِي ذَلِكَ مِنْ مَعْنَى الرُّجُوعِ فِي الصَّدَقَةِ وَلَيْسَ بِحَقِيقَةِ الرُّجُوعِ فِيهَا إلَّا إذَا اشْتَرَاهَا مِنْ الْمِسْكِينِ الَّذِي دَفَعَهَا إلَيْهِ مَعَ أَنَّ الْحَدِيثَ إنَّمَا وَرَدَ فِي صَدَقَةِ التَّطَوُّعِ، فَإِذَا أَكْرَهَهُ الْإِمَامُ عَلَى أَخْذِ الْقِيمَةِ مِنْهُ لَمْ يَكُنْ عَلَيْهِ فِي ذَلِكَ بَأْسٌ.

وَأَمَّا شِرَاؤُهُ مِنْ الْعَامِلِ مِنْ صَدَقَاتِ غَيْرِهِ فَلِذَلِكَ جَائِزٌ إنْ كَانُوا يَضَعُونَ ذَلِكَ فِي مَوْضِعَهُ، وَإِنْ كَانُوا لَا يَضَعُونَ ذَلِكَ مَوَاضِعَهُ فَقِيلَ: إنَّ الشِّرَاءَ مِنْهُمْ سَائِغٌ لِأَنَّ الْبَيْعَ لَهُمْ جَائِزٌ إنَّمَا عَدَاؤُهُمْ عَلَى الْأَثْمَانِ.

قَالَهُ ابْنُ حَبِيبٍ فِي الْوَالِي يُغَرِّمُ الْعُمَّالَ الظَّلَمَةَ لِنَفْسِهِ فَيُلْجِئَهُمْ ذَلِكَ إلَى بَيْعِ أَمْتِعَتِهِمْ وَرَفِيقِهِمْ. وَالصَّحِيحُ مَا فِي هَذَا السَّمَاعِ أَنَّ ذَلِكَ لَا يَحِلُّ وَلَا يَجُوزُ لِأَنَّهُ بَيْعُ عَدَاءٍ إذْ الْوَاجِبُ أَنْ تُقَسَّمَ عَلَى الْمَسَاكِينِ عَلَى مَا هِيَ عَلَيْهِ وَلَا تُبَاعُ إلَّا عَلَى وَجْهٍ نُظِرَ، وَمِثْلُ أَنْ يَحْتَاجَ الْإِمَامُ أَنْ يَنْقُلَ الزَّكَاةَ مِنْ بَلَدٍ إلَى بَلَدٍ لِحَاجَةٍ نَزَلَتْ بِذَلِكَ الْبَلَدِ فَيُخَافُ أَنْ يَذْهَبَ الْكِرَاءُ بِبَعْضِهَا فَيَرَى أَنْ يُبَاعَ وَيُشْتَرَى فِي ذَلِكَ الْبَلَدِ بِالثَّمَنِ مِثْلُهُ فَيُقَسَّمُ أَوْ يُقَسَّمُ الثَّمَنُ فِيهِ فَيَسُدُّ لِلْمَسَاكِينِ مَسَدَهُ، فَإِذَا بَاعَ الزَّكَاةَ يَسْتَأْثِرُ بِهَا أَوْ لِيَتَعَدَّى فِيهَا فَهُوَ كَمَنْ تَعَدَّى عَلَى سِلْعَةِ رَجُلٍ فَبَاعَهَا فَلَا يَحِلُّ لِأَحَدٍ شِرَاؤُهَا.

(لَا إنْ أُكْرِهَ) . ابْنُ رُشْدٍ: إنْ أَكْرَهَهُ الْإِمَامُ عَلَى دَفْعِ الْقِيمَةِ فَلَا بَأْسَ (أَوْ نُقِلَتْ لِمِثْلِهِمْ) أَمَّا عَلَى مَا تَقَدَّمَ لِابْنِ رُشْدٍ وَالْكَافِي فَمِنْ بَابِ أَوْلَى أَنْ تُجْزِئَ إذَا نُقِلَتْ لِمِثْلِهِمْ (أَوْ قُدِّمَتْ فِي عَيْنٍ) فِي سَمَاعِ أَشْهَبَ فِي الَّذِي يُعَجِّلُ زَكَاةَ مَالِهِ أَنَّهُ كَمَنْ صَلَّى الظُّهْرَ قَبْلَ الزَّوَالِ أَوْ الصُّبْحَ قَبْلَ طُلُوعِ الْفَجْرِ أَلَيْسَ يُعِيدُ؟ قَالَ: فَكَذَلِكَ الَّذِي يُؤَدِّي زَكَاةَ مَالِهِ قَبْلَ أَنْ يَحُولَ عَلَى

<<  <  ج: ص:  >  >>