وَلَمْ يُصَدِّقْهُ أَنَّهُ فَعَلَ ذَلِكَ عَلَى النَّظَرِ وَأَنَّهُ أَرَادَ حِرْزَهُ بِإِدْخَالِهِ مَنْزِلَهُ، وَمَرَّةً صَدَّقَهُ بِأَنَّ فِعْلَهُ إنَّمَا كَانَ عَلَى النَّظَرِ فَأَسْقَطَ عَنْهُ الضَّمَانَ. هَذَا الَّذِي أَعْتَقِدُهُ فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ وَهِيَ فِي الْكِتَابِ مُشْكِلَةٌ حَضَرْت الْمُنَاظَرَةَ فِيهَا عِنْدَ شَيْخِنَا أَبِي جَعْفَرٍ فَتَنَازَعْنَا فِيهَا نِزَاعًا شَدِيدًا وَكَثُرَ الْمِرَاءُ وَالْجِدَالُ. (وَأُخِذَتْ مِنْ تَرِكَةِ الْمَيِّتِ) اُنْظُرْ مَا مَعْنَى هَذَا وَانْظُرْ عِنْدَ قَوْلِهِ: " وَلَا تُبْدَأُ إنْ أَوْصَى بِهَا ".
(وَكَرْهًا وَإِنْ بِقِتَالٍ وَأَدَبٍ) . ابْنُ رُشْدٍ: مَنْ أَقَرَّ بِفَرْضِ الزَّكَاةِ وَمَنَعَهَا فَإِنَّهُ يُضْرَبُ وَتُؤْخَذُ مِنْهُ كَرْهًا إلَّا أَنْ يَمْنَعَ فِي جَمَاعَةٍ وَيَدْفَعَ بِقُوَّةٍ فَإِنَّهُمْ يُقَاتَلُونَ عَلَيْهَا حَتَّى تُؤْخَذَ مِنْهُمْ (وَدُفِعَتْ لِلْإِمَامِ الْعَدْلِ وَإِنْ عَيْنًا) تَقَدَّمَ نَصُّ الْمُدَوَّنَةِ عِنْدَ قَوْلِهِ: " وَقَدْ تَجِبُ ".
(وَإِنْ غَرَّ عَبْدٌ بِحُرِّيَّةٍ فَجِنَايَةٌ عَلَى الْأَرْجَحِ) إنْ غَرَّ عَبْدٌ فَقَالَ إنِّي حُرٌّ فَأُعْطِيَ مِنْ الزَّكَاةِ فَإِنَّ ذَلِكَ فِيهِ نَظَرٌ. هَلْ يَكُونُ فِي رَقَبَتِهِ كَالْجِنَايَةِ لِأَنَّهُ غَرَّهُ، أَوْ يَكُونُ فِي ذِمَّتِهِ لِأَنَّ هَذَا مُتَطَوِّعٌ بِالدَّفْعِ؟ ابْنُ يُونُسَ: الصَّوَابُ أَنَّهَا جِنَايَةٌ فِي رَقَبَتِهِ لِأَنَّهُ لَمْ يَتَطَوَّعْ لَهُ إلَّا لَمَّا أَعْلَمَهُ أَنَّهُ حُرٌّ وَغَرَّهُ فَلَا يَجِبُ أَنْ يُخْتَلَفَ فِي ذَلِكَ.
(وَزَكَّى مُسَافِرٌ مَا مَعَهُ) . اللَّخْمِيِّ: عَلَى مَنْ كَانَ فِي سَفَرٍ أَنْ يُزَكِّيَ مَا مَعَهُ وَلَا يُؤَخِّرْهُ إلَى بَلَدِهِ.
(وَمَا غَابَ إنْ لَمْ يَكُنْ مُخْرِجٌ وَلَا ضَرُورَة) اللَّخْمِيِّ: اُخْتُلِفَ فِي زَكَاةِ مَا خَلَفَهُ الْمُسَافِرُ فِي بَلَدِهِ فَقَالَ مَالِكٌ: يُزَكِّيهِ إلَّا أَنْ يَحْتَاجَ وَلَا قُوتَ مَعَهُ فَلْيُؤَخِّرْ إلَّا أَنْ يَجِدَ مَنْ يُسَلِّفُهُ فَيَسْتَلِفُ يُرِيدُ يُخْرِجُ الزَّكَاةَ وَيَتَسَلَّفُ مَا يَحْتَاجُ إلَيْهِ.
وَقَالَ أَيْضًا: يُؤَخِّرُ زَكَاتَهُ حَتَّى يُقَسِّمَ فِي بِلَادِهِ وَهُوَ أَبْيَنُ أَنْ يَكُونَ فُقَرَاءُ مَنْ كَانَ فِيهِمْ ذَلِكَ الْمَالُ أَحَقَّ بِزَكَاتِهِ. وَأَيْضًا فَإِنَّ الزَّكَاةَ مُتَعَلِّقَةٌ بِعَيْنِ ذَلِكَ الْمَالِ فَلَيْسَ يَجِبُ عَلَى الْمَالِكِ أَنْ يُخْرِجَ عَنْهُ مِنْ ذِمَّتِهِ انْتَهَى.
وَنَصُّ الْمُدَوَّنَةِ: مَنْ حَلَّ عَلَيْهِ حَوْلٌ بِغَيْرِ بَلَدِهِ زَكَّى عَمَّا مَعَهُ وَعَمَّا خَلَفَ بِبَلَدِهِ، وَكَذَلِكَ إنْ خَلَفَ مَالَهُ كُلَّهُ بِبَلَدِهِ إلَّا أَنْ يَخَافَ الْحَاجَةَ وَلَا يَجِدَ مُسَلِّفًا فَلْيُؤَخِّرْ إلَى بَلَدِهِ، وَإِنْ وَجَدَ مَنْ يُسَلِّفُهُ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute