للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الْوُجُوبِ وَلَا عَلَى النَّدْبِ وَلَا عَلَى الْإِبَاحَةِ.

قَالَ سَحْنُونَ: وَلَوْ كَانَ مِثْلَ عُمَرَ بْنِ عَبْدِ الْعَزِيزِ. ابْنُ يُونُسَ: لِأَنَّهُ حُكْمٌ يَثْبُتُ فِي الْبَدَنِ فَلَا يُقْبَلُ فِي الشَّهَادَةِ عَلَيْهِ وَاحِدٌ أَصْلُهُ النِّكَاحُ وَالطَّلَاقُ.

ابْنُ عَرَفَةَ: الْمَذْهَبُ لَغْوُ رُؤْيَةِ الْعَدْلِ لِغَيْرِهِ وَلَوْ كَانَ مِثْلَ عُمَرَ بْنِ عَبْدِ الْعَزِيزِ. ابْنُ حَارِثٍ: اتِّفَاقًا وَتَخْرِيجُ اللَّخْمِيِّ قَبُولُهُ مِنْ قَوْلِ ابْنِ مُيَسَّرٍ وَالشَّيْخِ وَابْنِ الْمَاجِشُونِ يُرَدُّ بِالْمَشَقَّةِ انْتَهَى. فَيَظْهَرُ مِنْ هَذَا أَنَّ قَوْلَ ابْنِ الْمَاجِشُونِ وَابْنِ مُيَسَّرٍ وَالشَّيْخِ مُوَافِقٌ لِلْمَشْهُورِ. وَاَلَّذِي قَالَ ابْنُ الْمَاجِشُونِ: إذَا كَانَ النَّاسُ مَعَ إمَامٍ يُضَيِّعُ أَمْرَ الْهِلَالِ فَلَا يَدَعُوا ذَلِكَ مِنْ أَنْفُسِهِمْ.

فَمَنْ ثَبَتَ عِنْدَهُ بِرُؤْيَةِ مَنْ يَثِقُ بِصِدْقِهِ صَامَ عَلَيْهِ وَأَفْطَرَ وَحَمَلَ عَلَيْهِ مَنْ يَقْتَدِي بِهِ. اللَّخْمِيِّ: أَجَازَ فِي هَذَا ثَلَاثَةَ أَشْيَاءَ: الصَّوْمَ وَالْفِطْرَ بِقَوْلِ الْوَاحِدِ إذَا أَخْبَرَ عَنْ رُؤْيَةِ نَفْسِهِ وَأَنْ يَحْمِلَ عَلَيْهِ مَنْ يَقْتَدِي بِهِ لِأَنَّهُ يَقْطَعُ بِصِدْقِ نَفْسِهِ، وَأَنْ يَحْمِلَهُمْ عَلَى قَوْلِ غَيْرِهِ إذَا كَانَ ثِقَةً عِنْدَهُ. فَإِذَا جَازَ أَنْ يَحْمِلَ مَنْ يَقْتَدِي بِهِ عَلَى الصَّوْمِ بِقَوْلِ الْوَاحِدِ عِنْدَ تَضْيِيعِ الْإِمَامِ جَازَ لِلْإِمَامِ أَنْ يَحْمِلَ النَّاسَ عَلَى مِثْلِ ذَلِكَ لِأَنَّهُ لَا يَجُوزُ أَنْ يُفْعَلَ عِنْدَ عَدَمِ الْإِمَامِ إلَّا مَا يَجُوزُ لِلْإِمَامِ أَنْ يَفْعَلَهُ.

وَالْأَصْلُ فِي هَذَا قَوْلُهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «إنَّ بِلَالًا يُنَادِي بِلَيْلٍ فَكُلُوا وَاشْرَبُوا حَتَّى يُنَادِيَ ابْنُ أُمِّ مَكْتُومٍ» . فَأَبَاحَ الْأَكْلَ بِقَوْلِ بِلَالٍ وَأَلْزَمَ الْإِمْسَاكَ بِقَوْلِ ابْنِ مَكْتُومٍ وَحْدِهِ، وَالْأَوَّلُ يُخْبِرُ عَنْ رُؤْيَةِ نَفْسِهِ، وَالثَّانِي يُخْبِرُ عَمَّا يُخْبِرُ بِهِ غَيْرُهُ. وَعَلَى هَذَا يَجُوزُ أَنْ يُفْطَرَ بِقَوْلِ الْوَاحِدِ إذَا أَخْبَرَ عَنْ غُرُوبِ الشَّمْسِ. فَإِنْ قِيلَ: الْمُؤَذِّنُ فِي هَذَا بِخِلَافِ غَيْرِهِ لِأَنَّ النَّاسَ أَقَامُوهُ لِذَلِكَ فَأَشْبَهَ الْوَكِيلَ. قِيلَ: يَلْزَمُ عَلَى هَذَا أَنْ يَجُوزَ مِثْلُ ذَلِكَ فِي الْهِلَالِ إذَا أَقَامُوا وَاحِدًا لِالْتِمَاسِهِ لَهُمْ فَيَعْمَلُونَ عَلَى مَا يُخْبِرُهُمْ بِهِ مِنْ هِلَالِ رَمَضَانَ أَوْ شَوَّالٍ.

رَاجِعْ اللَّخْمِيَّ وَقَدْ حَصَلَ بِهَذَا أَنَّ الْإِنْسَانَ كَمَا هُوَ مُخَاطَبٌ بِالصِّيَامِ إذَا رَأَى هِلَالَ رَمَضَانَ بِنَفْسِهِ كَذَلِكَ هُوَ مُخَاطَبٌ بِهِ إذَا أَخْبَرَهُ شَاهِدَانِ عَدْلَانِ أَنَّهُمَا قَدْ رَأَيَاهُ، وَهَذِهِ أَيْضًا هِيَ عِبَارَةُ ابْنِ رُشْدٍ. فَإِنْ أَخْبَرَهُ عَدْلٌ وَاحِدٌ فَلَا يَعْمَلُ عَلَى قَوْلِهِ إلَّا إنْ كَانَ فِي مَوْضِعٍ لَيْسَ فِيهِ إمَامٌ يَتَفَقَّدُ أَمْرَ الْهِلَالِ فَإِنَّهُ يَعْمَلُ بِشَهَادَتِهِ، وَهَذِهِ أَيْضًا هِيَ عِبَارَةُ ابْنِ رُشْدٍ قَائِلًا: لِأَنَّ الشَّهَادَةَ لَمَّا تَعَذَّرَتْ لِتَضْيِيعِ

<<  <  ج: ص:  >  >>