للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الْإِمَامِ رَجَعَ إلَى إثْبَاتِهِ مِنْ جِهَةِ الْخَبَرِ، وَكَمَا جَازَ قَبُولُ الْمُؤَذِّنِ الْعَدْلِ الْعَارِفِ بِالْفَجْرِ فِي طُلُوعٍ لِتَعَذُّرِ الشَّهَادَةِ فِي ذَلِكَ عِنْدَ الْحَاكِمِ إذْ لَا يَلْزَمُهُ طَلَبُ الشَّهَادَةِ فِي ذَلِكَ.

وَالْفَرْقُ بَيْنَ وُجُوبِ ذَلِكَ عَلَيْهِ فِي الْهِلَالِ دُونَ الْفَجْرِ أَنَّ الصِّيَامَ يَصِحُّ إيقَاعُ النِّيَّةِ فِيهِ قَبْلَ الْفَجْرِ وَلَا يَصِحُّ اعْتِقَادُ الصَّوْمِ فِي أَوَّلِ يَوْمٍ مِنْ رَمَضَانَ قَبْلَ الْعِلْمِ بِاسْتِهْلَالِ الْهِلَالِ، وَلَا يَلْزَمُ عَلَى هَذَا زَوَالُ الشَّمْسِ لِصَلَاةِ الظُّهْرِ وَلَا غُرُوبُ الشَّمْسِ لِلْفِطْرِ لِأَنَّهُ يُمْكِنُهُ التَّأْخِيرُ حَتَّى يُوقِنَ بِزَوَالِ الشَّمْسِ أَوْ بِغُرُوبِهَا. وَجْهٌ رَابِعٌ مِمَّا يُخَاطَبُ بِهِ الْإِنْسَانُ بِالصِّيَامِ إذَا أَخْبَرَهُ الْإِمَامُ أَنْ قَدْ ثَبَتَ رُؤْيَتُهُ عِنْدَهُ قَالَهُ ابْنُ رُشْدٍ أَيْضًا.

وَكَذَلِكَ إذَا أَخْبَرَهُ عَدْلٌ عَنْ الْإِمَامِ بِذَلِكَ أَوْ عَنْ النَّاسِ أَنَّهُمْ رَأَوْهُ رُؤْيَةً عَامَّةً. قَالَ ابْنُ رُشْدٍ: وَكَذَلِكَ إنْ أَخْبَرَهُ عَدْلٌ أَنَّ أَهْلَ بَلَدِ كَذَا صَامُوا يَوْمَ كَذَا بِرُؤْيَةٍ عَامَّةٍ أَوْ بِثُبُوتِ رُؤْيَتِهِ عِنْدَ قَاضِيهِمْ يَجِبُ عَلَيْهِ بِذَلِكَ قَضَاءُ الْيَوْمِ.

قَالَ أَبُو عِمْرَانَ: الْعَدْلُ إذَا أَخْبَرَ أَنَّ الْهِلَالَ قَدْ ثَبَتَ عِنْدَ الْإِمَامِ إنْ كَانُوا قَدْ بَعَثُوهُ لَزِمَهُمْ الْعَمَلُ عَلَى خَبَرِهِ وَإِلَّا فَلَا.

قَالَ ابْنُ يُونُسَ: لَا فَرْقَ بَيْنَ أَنْ يُرْسِلُوهُ إلَى بَلَدٍ مُسْتَكْشِفًا فَيُخْبِرَهُمْ أَنَّهُمْ رَأَوْا الْهِلَالَ فِيهِ، أَوْ يُخْبِرَهُمْ مِنْ غَيْرِ إرْسَالٍ لِأَنَّهُ مِنْ بَابِ نَقْلِ الْأَخْبَارِ لَا مِنْ بَابِ نَقْلِ الشَّهَادَةِ وَكَذَلِكَ نَقْلُ الرَّجُلِ إلَى أَهْلِهِ وَذَلِكَ كُلُّهُ سَوَاءٌ، وَالتَّفْرِيقُ بَيْنَ ذَلِكَ كُلِّهِ ضَعِيفٌ.

وَقَالَ ابْنُ رُشْدٍ: لَا مَعْنَى عِنْدِي لِقَوْلِ أَبِي عِمْرَانَ: " وَلَا فَرْقَ بَيْنَ أَنْ يُخْبِرَهُمْ دُونَ أَنْ يَبْعَثُوهُ أَوْ يُخْبِرَ بِذَلِكَ أَهْلَهُ وَوَلَدَهُ " وَإِنَّمَا يَفْتَرِقُ ذَلِكَ عِنْدِي إذَا بَعَثَ الْإِمَامُ رَجُلًا إلَى أَهْلِ بَلَدٍ لِيُخْبِرَهُ إنْ كَانُوا رَأَوْا الْهِلَالَ فَأَخْبَرَهُ بِذَلِكَ فَلِيَأْمُرْ الْإِمَامُ النَّاسَ بِالصِّيَامِ، وَإِنْ أَخْبَرَهُ بِذَلِكَ مِنْ غَيْرِ أَنْ يُرْسِلَهُ وَجَبَ عَلَى الْإِمَامِ الصِّيَامُ وَلَمْ يَصِحَّ لَهُ أَنْ يَأْمُرَ النَّاسَ بِالصِّيَامِ حَتَّى يَشْهَدَ بِذَلِكَ عِنْدَهُ آخَرُ لِأَنَّهُ حُكْمٌ فَلَا يَكُونُ إلَّا بِشَاهِدَيْنِ انْتَهَى.

اُنْظُرْ هَلْ يَلْزَمُ هَذَا الْمُخْبِرَ أَنْ يُخْبِرَ كُلَّ النَّاسِ إذْ الْإِمَامُ قَدْ وَجَبَ عَلَيْهِ الصِّيَامُ بِخَبَرِهِ فَكَذَلِكَ غَيْرُهُ.

(وَلَوْ بِصَحْوٍ بِمِصْرٍ) اللَّخْمِيِّ: يَصِحُّ الِاقْتِصَارُ عَلَى شَهَادَةِ رَجُلَيْنِ فِي الْغَيْمِ وَإِنْ عَظُمَ الْمِصْرُ وَفِي الصَّحْوِ فِي الْمِصْرِ الصَّغِيرِ. وَاخْتُلِفَ إذَا كَانَ الصَّحْوُ وَالْمِصْرُ كَبِيرًا، وَالظَّاهِرُ مِنْ قَوْلِ مَالِكٍ وَأَصْحَابِهِ الْجَوَازُ. ابْنُ رُشْدٍ: وَهُوَ ظَاهِرُ الْمُدَوَّنَةِ.

(فَإِنْ لَمْ يُرَ بَعْدَ ثَلَاثِينَ صَحْوًا كُذِّبَا) قَالَ مَالِكٌ فِي شَاهِدَيْنِ شَهِدَا فِي هِلَالِ شَعْبَانَ فَعُدَّ لِذَلِكَ ثَلَاثِينَ يَوْمًا ثُمَّ لَمْ يَرَ النَّاسُ الْهِلَالَ لَيْلَةَ إحْدَى

<<  <  ج: ص:  >  >>