للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

مِنْهَا هُوَ عَيْنُ الْحِكْمَةِ، وَالرَّحْمَةِ، وَالْمَصْلَحَةِ، حَتَّى لَوْ أَنَّهُمْ بَادَرُوا إِلَيْهَا طَوْعًا، وَاخْتِيَارًا وَرِضًا حَيْثُ عَلِمُوا أَنَّ مَرْضَاتَهُ فِي ذَلِكَ قَبْلَ أَنْ يَأْمُرَهُمْ بِهِ لَكَانَ ذَلِكَ عَيْنَ صَلَاحِهِمْ، وَسَبَبَ نَجَاتِهِمْ، فَلَمْ يَفْعَلُوا ذَلِكَ، وَلَمْ يَمْتَثِلُوا أَمْرَهُ، وَقَدْ تَيَقَّنُوا، وَعَلِمُوا أَنَّ فِيهِ رِضَاهُ، وَصَلَاحَهُمْ، بَلْ هَانَ عَلَيْهِمْ أَمْرُهُ، وَعَزَّتْ عَلَيْهِمْ أَنْفُسُهُمْ أَنْ يَبْذُلُوا لَهُ مِنْهَا هَذَا الْقَدْرَ الَّذِي أَمَرَهُمْ بِهِ رَحْمَةً، وَإِحْسَانًا لَا عُقُوبَةً.

الْوَجْهُ السَّابِعَ عَشَرَ: أَنَّ أَمْرَهُمْ بِاقْتِحَامِ النَّارِ كَأَمْرِ الْمُؤْمِنِينَ بِرُكُوبِ الصِّرَاطِ الَّذِي هُوَ أَدَقُّ مِنَ الشَّعْرَةِ وَأَحَدُّ مِنَ السَّيْفِ، وَلَا رَيْبَ أَنَّ رُكُوبَهُ مِنْ أَشَقِّ الْأُمُورِ، وَأَصْعَبِهَا حَتَّى أَنَّ الرُّسُلَ لَتُشْفِقُ مِنْهُ، وَكُلٌّ مِنْهُمْ يَسْأَلُ اللَّهَ السَّلَامَةَ! فَرُكُوبُ هَذَا الْجِسْرِ الَّذِي هُوَ فِي غَايَةِ الْمَشَقَّةِ كَاقْتِحَامِ النَّارِ، وَكِلَاهُمَا طَرِيقٌ إِلَى النَّجَاةِ.

الْوَجْهُ الثَّامِنَ عَشَرَ: قَوْلُهُ: " وَلَا يَخْلُو مَنْ مَاتَ فِي الْفَتْرَةِ مِنْ أَنْ يَكُونَ كَافِرًا، أَوْ غَيْرَ كَافِرٍ، فَإِنْ كَانَ كَافِرًا فَإِنَّ اللَّهَ حَرَّمَ الْجَنَّةَ عَلَى الْكَافِرِينَ، وَإِنْ كَانَ مَعْذُورًا بِأَنَّهُ لَمْ يَأْتِهِ رَسُولٌ فَكَيْفَ يُؤْمَرُ بِاقْتِحَامِ النَّارِ؟ " جَوَابُهُ مِنْ وُجُوهٍ:

أَحَدُهَا: أَنْ يُقَالَ هَؤُلَاءِ لَا يُحْكَمُ لَهُمْ بِكُفْرٍ وَلَا إِيمَانٍ، فَإِنَّ الْكُفْرَ هُوَ جُحُودُ مَا جَاءَ بِهِ الرَّسُولُ، فَشَرْطُ تَحَقُّقِهِ بُلُوغُ الرِّسَالَةِ، وَالْإِيمَانُ هُوَ تَصْدِيقُ

<<  <  ج: ص:  >  >>