[فَصْلٌ نِكَاحُ الْأَمَةِ الْكِتَابِيَّةِ]
١٥٣ - فَصْلٌ
[نِكَاحُ الْأَمَةِ الْكِتَابِيَّةِ] .
فَإِنْ قِيلَ: فَإِذَا كَانَ قَوْلُهُ: {وَالْمُحْصَنَاتُ مِنَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ مِنْ قَبْلِكُمْ} [المائدة: ٥] ، الْمُرَادُ بِهِ إِحْصَانُ الْعِفَّةِ لَا إِحْصَانُ الْحُرِّيَّةِ فَمِنْ أَيْنَ حَرَّمْتُمْ نِكَاحَ الْأَمَةِ الْكِتَابِيَّةِ، قِيلَ: الْجَوَابُ مِنْ وَجْهَيْنِ:
أَحَدُهُمَا: أَنَّ تَحْرِيمَ الْأَمَةِ الْكِتَابِيَّةِ لَمْ يَنْعَقِدْ عَلَيْهِ الْإِجْمَاعُ، فَأَبُو حَنِيفَةَ يُجَوِّزُهُ، وَقَدْ قَالَ أَحْمَدُ فِي رِوَايَةِ ابْنِ الْقَاسِمِ: " الْكَرَاهَةُ فِي إِمَاءِ أَهْلِ الْكِتَابِ لَيْسَتْ بِالْقَوِيَّةِ، إِنَّمَا هُوَ شَيْءٌ تَأَوَّلَهُ الْحَسَنُ وَمُجَاهِدٌ ": هَذَا نَصُّهُ.
وَهَذَا - مِنْ نَصِّهِ - كَالصَّرِيحِ بِأَنَّهُ لَيْسَ بِمُحَرَّمٍ، وَأَقَلُّ مَا فِي ذَلِكَ تَوَقُّفُهُ عَنِ التَّحْرِيمِ، لَكِنْ قَالَ الْخَلَّالُ: تَوَقُّفُ أَحْمَدَ فِي رِوَايَةِ ابْنِ الْقَاسِمِ لَا يَرُدُّ قَوْلَ مَنْ قَطَعَ.
وَقَدْ رَوَى عَنْهُ هَذِهِ الْمَسْأَلَةَ أَكْثَرُ مِنْ عِشْرِينَ نَفْسًا: أَنَّهُ لَا يَجُوزُ. فَالْمَسْأَلَةُ إِذَنْ مَسْأَلَةُ نِزَاعٍ، وَالْحُجَّةُ تَفْصِلُ بَيْنَ الْمُتَنَازِعِينَ.
قَالَ الْمُبِيحُونَ: قَالَ اللَّهُ تَعَالَى: {فَانْكِحُوا مَا طَابَ لَكُمْ مِنَ النِّسَاءِ} [النساء: ٣] فَإِذَا طَابَتْ لَهُ الْأَمَةُ الْكِتَابِيَّةُ فَقَدْ أَذِنَ لَهُ فِي نِكَاحِهَا، وَقَالَ تَعَالَى: {وَأُحِلَّ لَكُمْ مَا وَرَاءَ ذَلِكُمْ} [النساء: ٢٤] ، وَلَمْ يَذْكُرْ فِي " الْمُحَرَّمَاتِ " الْأَمَةَ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute