وَقَدْ أَلْزَمَ الشَّافِعِيُّ إِسْلَامَ الْخَلْقِ كُلِّهِمْ تَبَعًا لِآدَمَ، فَإِنَّهُ لَمْ يَقْتَصِرْ بِذَلِكَ عَلَى الْجَدِّ الْأَدْنَى، وَلَا يُغْنِي الِاعْتِذَارُ بِحَيَاةِ الْأَبِ لِوَجْهَيْنِ:
أَحَدُهُمَا: أَنَّ كَثِيرًا مِنَ الْأَطْفَالِ يَمُوتُ آبَاؤُهُمْ مَعَ إِسْلَامِ أَجْدَادِهِمْ.
وَالثَّانِي: أَنَّ وُجُودَ الْأَبِ عِنْدَهُمْ لَيْسَ بِمَانِعٍ مِنْ تَبَعِيَّةِ الطِّفْلِ لِجَدِّهِ فِي الْإِسْلَامِ فِي أَصَحِّ الْوَجْهَيْنِ. لَكِنْ لَا يُلْزِمُ الشَّافِعِيُّ هَذَا الْإِلْزَامَ؛ لِأَنَّهُ إِنَّمَا يُحْكَمُ بِتَبَعِيَّةِ الطِّفْلِ جَدَّهُ فِي الْإِسْلَامِ إِذَا أَسْلَمَ الْجَدُّ، وَالطِّفْلُ مَوْجُودٌ، فَأَمَّا إِذَا وُلِدَ الطِّفْلُ كَافِرًا بَعْدَ مَوْتِ الْجَدِّ فَلَا يَحْكُمُ أَحَدٌ بِإِسْلَامِهِ، وَإِلَّا كَانَ كُلُّ وَلَدٍ مِنْ أَوْلَادِ الْكُفَّارِ يَكُونُ مُسْلِمًا، وَهَذَا بَاطِلٌ قَطْعًا.
[فَصْلٌ هَلْ يُحْكَمُ بِإِسْلَامِ الطِّفْلِ الْمَسْبِيِّ]
١٧٣ - فَصْلٌ
[هَلْ يُحْكَمُ بِإِسْلَامِ الطِّفْلِ الْمَسْبِيِّ؟]
الْجِهَةُ الثَّالِثَةُ: تَبَعِيَّةُ السَّابِي، فَإِذَا سُبِيَ الطِّفْلُ مُنْفَرِدًا عَنْ أَبَوَيْهِ حُكِمَ بِإِسْلَامِهِ لِأَنَّهُ صَارَ تَحْتَ وِلَايَتِهِ، وَانْقَطَعَتْ وِلَايَةُ الْأَبَوَيْنِ عَنْهُ، هَذَا مَذْهَبُ الْأَئِمَّةِ الْأَرْبَعَةِ، وَقَالَ صَاحِبُ " الْمُهَذَّبِ ": فِي الْحُكْمِ بِإِسْلَامِهِ وَجْهَانِ:
قَالَ: وَظَاهِرُ الْمَذْهَبِ أَنَّهُ لَا يُحْكَمُ بِإِسْلَامِهِ.
وَقَالَ صَاحِبُ " الرَّوْضَةِ "، وَشَذَّ بِهَذَا، وَلَيْسَ بِشَيْءٍ، وَالصَّوَابُ - الْمَقْطُوعُ بِهِ فِي كُتُبِ الْمَذْهَبِ - الْحُكْمُ بِإِسْلَامِهِ، قَالَ: وَإِنَّمَا ذَكَرْتُ هَذَا لِئَلَّا
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute