للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

لَهُ بِالْمِيرَاثِ، وَهُوَ الْقِيَاسُ لِئَلَّا يَرِثَ مُسْلِمٌ مِنْ كَافِرٍ، وَيُحْتَمَلُ أَنْ يُفَرَّقَ بَيْنَهُمَا: فَإِذَا مَاتَ أَحَدُهُمَا - وَهُوَ مَوْلُودٌ - حُكِمَ بِإِسْلَامِهِ، وَوَرِثَهُ، وَإِنْ كَانَ حَمْلًا حُكِمَ بِإِسْلَامِهِ، وَلَمْ يَرِثْهُ، وَهُوَ ظَاهِرُ تَعْلِيلِ أَحْمَدَ؛ لِأَنَّهُ قَالَ: إِنَّمَا مَاتَ أَبُوهُ، وَهُوَ لَا يَعْلَمُ مَا هُوَ؛ لِأَنَّهُ إِذَا أَسْلَمَتِ الْأُمُّ فَالْمَانِعُ قَوِيٌّ؛ لِأَنَّهُ مُجْمَعٌ عَلَيْهِ، وَإِذَا مَاتَ الْأَبُ فَهُوَ ضَعِيفٌ؛ لِأَنَّهُ مُخْتَلَفٌ فِيهِ.

قُلْتُ: هَذِهِ الرِّوَايَةُ لَا تُعَارِضُ نَصَّهُ عَلَى الْمِيرَاثِ فِي الْمَسْأَلَةِ الْمُتَقَدِّمَةِ؛ لِأَنَّ الْمِيرَاثَ إِنَّمَا يَثْبُتُ بِالْوَضْعِ، وَالْإِسْلَامُ قَدْ تَقَدَّمَ عَلَيْهِ، وَأَنَّهُ ثَبَتَ لَهُ حُكْمُ الْإِسْلَامِ بِسَبَبَيْنِ: مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ، وَمُخْتَلَفٌ فِيهِ، وَكِلَاهُمَا سَابِقٌ عَلَى سَبَبِ الْإِرْثِ، فَوُجِدَ سَبَبُ الْإِرْثِ بَعْدَ سَبْقِ الْإِسْلَامِ، وَفِي مَسْأَلَتِنَا وُجِدَ الْإِرْثُ وَالْإِسْلَامُ مَعًا، لِاتِّحَادِ سَبَبِهِمَا.

قُلْتُ: مَا ذَكَرَهُ شَيْخُنَا إِنَّمَا يَدُلُّ عَلَى أَنَّ الطِّفْلَ إِذَا كَفَلَهُ أَقَارِبُهُ مِنْ أَهْلِ الذِّمَّةِ فَهُوَ عَلَى دِينِهِمْ، وَلَا يَدُلُّ عَلَى أَنَّهُ لَا نَحْكُمُ بِإِسْلَامِهِ إِذَا كَفَلَهُ الْمُسْلِمُونَ.

[فَصْلٌ الْخِلَافُ فِي خَلْقِ الْأَجْسَادِ قَبْلَ الْأَرْوَاحِ أَوِ الْعَكْسُ]

١٨٩ - فَصْلٌ

[الْخِلَافُ فِي خَلْقِ الْأَجْسَادِ قَبْلَ الْأَرْوَاحِ، أَوِ الْعَكْسُ] .

وَأَمَّا قَوْلُ إِسْحَاقَ: إِنَّ الْعُلَمَاءَ أَجْمَعُوا عَلَى أَنَّ قَوْلَهُ تَعَالَى: {وَإِذْ أَخَذَ رَبُّكَ مِنْ بَنِي آدَمَ مِنْ ظُهُورِهِمْ ذُرِّيَّتَهُمْ} [الأعراف: ١٧٢] أَنَّهَا الْأَرْوَاحُ قَبْلَ الْأَجْسَادِ، فَإِسْحَاقُ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - قَالَ بِمَا بَلَغَهُ، وَانْتَهَى إِلَى عِلْمِهِ، وَلَيْسَ ذَلِكَ بِإِجْمَاعٍ، فَقَدِ اخْتَلَفَ النَّاسُ: هَلْ خُلِقَتِ الْأَجْسَادُ قَبْلَ الْأَرْوَاحِ، أَوْ

<<  <  ج: ص:  >  >>