شَاذٌّ بَعِيدٌ لَا يُعَوَّلُ عَلَيْهِ، فَإِنَّ ذَلِكَ إِنْشَاءٌ وَبِنَاءٌ مُسْتَأْنَفٌ فَلَا يَمْلِكُ فِيهِ التَّعْلِيَةَ، كَمَا لَوِ اشْتَرَى دِمْنَةً مِنْ مُسْلِمٍ كَانَ لَهُ فِيهَا دَارٌ عَالِيَةٌ.
وَرَابِعُهَا: لَوْ وَجَدْنَا دَارَ ذِمِّيٍّ عَالِيَةً وَدَارَ مُسْلِمٍ أَنْزَلَ مِنْهَا، وَشَكَكْنَا فِي السَّابِقِ مِنْهُمَا فَقَالَ بَعْضُ الْأَصْحَابِ: لَمْ يُعْرَضْ لَهُ فِيهَا، وَعِنْدِي أَنَّهُ لَا يُقَرُّ؛ لِأَنَّ التَّعْلِيَةَ مَفْسَدَةٌ وَقَدْ شَكَّكْنَا فِي شَرْطِ الْجَوَازِ، وَهَذَا تَفْرِيعٌ عَلَى مَا ذَكَرَهُ الْأَصْحَابُ مِنْ جَوَازِ سُكْنَى الدَّارِ الْعَالِيَةِ إِذَا مَلَكُوهَا مِنْ مُسْلِمٍ، وَعَلَى مَا نَصَرْنَاهُ فَالْمَنْعُ ظَاهِرٌ.
وَخَامِسُهَا: لَوْ كَانَ لِأَهْلِ الذِّمَّةِ جَارٌ مِنْ ضَعَفَةِ الْمُسْلِمِينَ دَارُهُ فِي غَايَةِ الِانْحِطَاطِ، فَظَاهِرُ مَا ذَكَرَهُ أَصْحَابُنَا وَأَصْحَابُ الشَّافِعِيِّ أَنَّهُمْ كُلَّهُمْ يُكَلَّفُونَ حَطَّ بِنَائِهِمْ عَنْ دَارِهِ أَوْ مُسَاوَاتِهِ، وَاسْتَشْكَلَهُ الْجُوَيْنِيُّ فِي " النِّهَايَةِ " وَلَا وَجْهَ لِاسْتِشْكَالِهِ، وَاللَّهُ أَعْلَمُ.
[فَصْلٌ فِي تَمَلُّكِ الذِّمِّيِّ بِالْإِحْيَاءِ فِي دَارِ الْإِسْلَامِ]
٢١٩ - فَصْلٌ
فِي تَمَلُّكِ الذِّمِّيِّ بِالْإِحْيَاءِ فِي دَارِ الْإِسْلَامِ
وَقَدِ اخْتَلَفَ الْعُلَمَاءُ فِي الذِّمِّيِّ، هَلْ يُمَلَّكُ بِالْإِحْيَاءِ كَمَا يُمَلَّكُ الْمُسْلِمُ؟ فَنَصَّ أَحْمَدُ فِي رِوَايَةِ حَرْبٍ وَابْنِ هَانِئٍ وَيَعْقُوبَ بْنِ بُخْتَانَ وَمُحَمَّدِ بْنِ أَبِي حَرْبٍ عَلَى أَنَّهُ يُمَلَّكُ بِهِ كَالْمُسْلِمِ.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute