مِنَ الْأُجْرَةِ عِوَضٌ عَنْ تِلْكَ الْمَنْفَعَةِ فَلَا يَكُونُ النَّفْعُ لَهُ وَالْخَرَاجُ عَلَى غَيْرِهِ، فَانْتِفَاعُهُ بِالْأَرْضِ تَارَةً يَكُونُ بِنَفْسِهِ وَتَارَةً يَكُونُ بِنِيَابَتِهِ، وَالْمُسْتَأْجِرُ نَائِبٌ عَنْهُ وَكَذَلِكَ الْمُسْتَعِيرُ إِنَّمَا دَخَلَ عَلَى أَنْ يَنْتَفِعَ بِالْأَرْضِ مَجَّانًا، وَالْمَذْهَبُ عِنْدَ الْقَاضِي رِوَايَةٌ وَاحِدَةٌ وَعِنْدَ أَبِي حَفْصٍ عَلَى رِوَايَتَيْنِ.
وَقَدْ حَكَى أَبُو عَبْدِ اللَّهِ بْنُ حَمْدَانَ فِي " رِعَايَتِهِ " بَعْدَ أَقْوَالٍ فَقَالَ: وَخَرَاجُ الْعَنْوَةِ عَلَى رَبِّهَا، مُسْلِمًا كَانَ أَوْ كَافِرًا، وَعَنْهُ: بَلْ مُسْتَأْجِرِهَا وَمُسْتَعِيرِهَا، وَقِيلَ: بَلْ عَلَى الْمُسْتَأْجِرِ دُونَ الْمُسْتَعِيرِ وَقِيلَ عَكْسُهُ.
قَالَ الْقَاضِي: وَعِنْدِي أَنَّ كَلَامَ أَحْمَدَ لَا يَقْتَضِي مَا قَالَ أَبُو حَفْصٍ ; لِأَنَّهُ إِنَّمَا نَصَّ عَلَى رَجُلٍ تَقَبَّلَ أَرْضًا مِنَ السُّلْطَانِ فَدَفَعَهَا إِلَيْهِ بِالْخَرَاجِ وَجَعَلَ ذَلِكَ أُجْرَتَهَا، لِأَنَّهَا لَمْ تَكُنْ فِي يَدِ السُّلْطَانِ بِأُجْرَةٍ بَلْ كَانَتْ لِجَمَاعَةِ الْمُسْلِمِينَ، وَالْمَسْأَلَةُ الَّتِي ذَكَرْنَاهَا إِذَا كَانَتْ فِي يَدِ رَجُلٍ مِنَ الْمُسْلِمِينَ بِالْخَرَاجِ الْمَضْرُوبِ فَأَجَّرَهَا فَإِنَّ الثَّانِيَ لَا يَجِبُ عَلَيْهِ الْخَرَاجُ بَلْ يَجِبُ عَلَى الْأَوَّلِ لِأَنَّهَا فِي يَدِهِ بِأُجْرَةٍ هِيَ الْخَرَاجُ [وَهِيَ فِي يَدِ الثَّانِي بِأُجْرَةٍ عَنِ الْخَرَاجِ] .
[فَصْلٌ فِي اخْتِلَافِ عَامِلِ الصَّدَقَةِ وَرَبِّ الْأَرْضِ]
٥١ - فَصْلٌ
[فِي اخْتِلَافِ عَامِلِ الصَّدَقَةِ وَرَبِّ الْأَرْضِ]
وَإِذَا اخْتَلَفَ الْعَامِلُ وَرَبُّ الْأَرْضِ فِي حُكْمِهَا، فَادَّعَى الْعَامِلُ أَنَّهَا
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute