[ادِّعَاءُ يَهُودِ خَيْبَرَ إِسْقَاطَ الْجِزْيَةِ عَنْهُمْ وَرَدُّ ذَلِكَ]
وَهَذِهِ الشُّبْهَةُ هِيَ الَّتِي أَوْقَعَتْ عِنْدَ الْيَهُودِ أَنَّ أَهْلَ خَيْبَرَ لَا جِزْيَةَ عَلَيْهِمْ، وَأَنَّهُمْ مَخْصُوصُونَ بِذَلِكَ مِنْ جُمْلَةِ الْيَهُودِ، ثُمَّ أَكَّدُوا أَمْرَهَا بِأَنْ زَوَّرُوا كِتَابًا فِيهِ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَسْقَطَ عَنْهُمُ الْكُلَفَ وَالسُّخَرَ وَالْجِزْيَةَ وَوَضَعُوا فِيهِ شَهَادَةَ سَعْدِ بْنِ مُعَاذٍ وَمُعَاوِيَةَ بْنِ أَبِي سُفْيَانَ وَغَيْرِهِمَا، وَهَذَا الْكِتَابُ كَذِبٌ مُخْتَلَقٌ بِإِجْمَاعِ أَهْلِ الْعِلْمِ مِنْ عَشَرَةِ أَوْجُهٍ:
مِنْهَا: أَنَّ أَحَدًا مِنْ عُلَمَاءِ النَّقْلِ وَالسِّيَرِ وَالْمَغَازِي لَمْ يَذْكُرْ أَنَّ ذَلِكَ وَقَعَ أَلْبَتَّةَ مَعَ عِنَايَتِهِمْ بِضَبْطِ مَا هُوَ دُونَ ذَلِكَ بِكَثِيرٍ.
الثَّانِي: أَنَّ الْجِزْيَةَ إِنَّمَا نَزَلَتْ بَعْدَ فَتْحِ خَيْبَرَ فَحِينَ صَالَحَ أَهْلَ خَيْبَرَ لَمْ تَكُنِ الْجِزْيَةُ نَزَلَتْ حَتَّى يَضَعَهَا عَنْهُمْ.
الثَّالِثُ: أَنَّ مُعَاوِيَةَ بْنَ أَبِي سُفْيَانَ لَمْ يَكُنْ أَسْلَمَ بَعْدُ فَإِنَّهُ إِنَّمَا أَسْلَمَ عَامَ الْفَتْحِ بَعْدَ خَيْبَرَ.
الرَّابِعُ: أَنَّ سَعْدَ بْنَ مُعَاذٍ تُوُفِّيَ عَامَ الْخَنْدَقِ قَبْلَ فَتْحِ خَيْبَرَ.
الْخَامِسُ: أَنَّهُ لَمْ يَكُنْ فِي زَمَنِ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - عَلَى أَهْلِ خَيْبَرَ كُلَفٌ وَلَا سُخَرٌ حَتَّى تُوضَعَ عَنْهُمْ.
السَّادِسُ: أَنَّهُ لَمْ يَكُنْ لِأَهْلِ خَيْبَرَ مِنَ الْحُرْمَةِ وَرِعَايَةِ حُقُوقِ الْمُسْلِمِينَ مَا يَقْتَضِي وَضْعَ الْجِزْيَةِ عَنْهُمْ، وَقَدْ كَانُوا مِنْ أَشَدِّ الْكُفَّارِ عَدَاوَةً لِرَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَأَصْحَابِهِ فَأَيُّ خَيْرٍ حَصَلَ بِهِمْ لِلْمُسْلِمِينَ حَتَّى تُوضَعَ عَنْهُمُ الْجِزْيَةُ دُونَ سَائِرِ الْكُفَّارِ؟
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute