للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

عَلَى الْإِسْلَامِ كَافِرًا بَعْدَ مَوْتِ أَبَوَيْهِ اللَّذَيْنِ جَعَلَهُ اللَّهُ تَابِعًا لَهُمَا شَرْعًا، وَقَدَرًا، فَإِذَا زَالَ الْأَبَوَانِ كَانَ مِنَ الْمُمْتَنِعِ نَقْلُ الْوَلَدِ عَنْ حُكْمِ الْفِطْرَةِ بِلَا مُوجِبٍ، وَقَدْ قَالَ تَعَالَى: {فَأَقِمْ وَجْهَكَ لِلدِّينِ حَنِيفًا فِطْرَةَ اللَّهِ الَّتِي فَطَرَ النَّاسَ عَلَيْهَا لَا تَبْدِيلَ لِخَلْقِ اللَّهِ ذَلِكَ الدِّينُ الْقَيِّمُ وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لَا يَعْلَمُونَ} [الروم: ٣٠] ، فَمَا الْمُوجِبُ لِتَبْدِيلِ الْفِطْرَةِ، وَقَدْ زَالَ مَنْ كَانَ يُبَدِّلُهَا مِمَّنْ هُوَ أَوْلَى النَّاسِ بِهِ وَبِكَفَالَتِهِ، وَتَرْبِيَتِهِ، وَحَضَانَتِهِ؟ فَإِذَا كَفَلَهُ الْمُسْلِمُونَ، وَقَامُوا بِتَرْبِيَتِهِ، وَحَضَانَتِهِ، وَمَعَهُ الْفِطْرَةُ الْأَصْلِيَّةُ، وَالْمُغَيِّرُ لَهَا قَدْ زَالَ، فَكَيْفَ يُحْكَمُ بِكُفْرِهِ؟ وَهَذَا أَيْضًا قَرِيبٌ مِنَ الْقَطْعِيِّ، وَنَحْنُ نَجْمَعُ بَيْنَ الْأَمْرَيْنِ، وَنَقُولُ بِمُوجِبِ الدَّلِيلَيْنِ، وَاللَّهُ أَعْلَمُ.

[فَصْلٌ فِي مَعْنَى الْفِطْرَةِ]

١٧٩ - فَصْلٌ

[فِي مَعْنَى الْفِطْرَةِ] .

فَإِنْ قِيلَ: فَهَذَا كُلُّهُ بِنَاءً مِنْكُمْ عَلَى أَنَّ الْفِطْرَةَ الْأُولَى هِيَ فِطْرَةُ الْإِسْلَامِ، وَأَحْمَدُ قَدْ نَصَّ عَلَى أَنَّ الْفِطْرَةَ هِيَ مَا فُطِرَ عَلَيْهِ مِنَ الشَّقَاوَةِ، وَالسَّعَادَةِ، فَقَالَ فِي رِوَايَةِ الْحَسَنِ بْنِ ثَوَابٍ: كُلُّ مَوْلُودٍ مِنْ أَطْفَالِ الْمُشْرِكِينَ عَلَى الْفِطْرَةِ، يُولَدُ عَلَى الْفِطْرَةِ الَّتِي خَلَقَهُ اللَّهُ عَلَيْهَا مِنَ الشَّقَاوَةِ، وَالسَّعَادَةِ الَّتِي سَبَقَتْ فِي الْكِتَابِ، ارْجِعْ فِي ذَلِكَ إِلَى الْأَصْلِ هَذَا مَعْنَاهُ.

وَقَالَ فِي رِوَايَةِ حَنْبَلٍ، وَأَبِي الْحَارِثِ، وَالْفَضْلِ بْنِ زِيَادٍ: الْفِطْرَةُ الَّتِي فُطِرَ

<<  <  ج: ص:  >  >>